لا يمكن لسياسي أو متابع للسياسة الأمريكية منذ تولي الرئيس ترامب مقاليد الحكم أن يتفاجئ بقرار وزير الخارجية بومبيو اعتبار أن الاستيطان لا يتناقض مع القانون الدولي أو ما يمكن أن يتبعه من قرارات تشكل إنتهاكا للشرعية الدولية.
قرار وزير الخارجية بومبيو لا يمكن أن يخرج عن استراتيجية الرئيس ترامب وإدارته المنحازة للكيان الصهيوني الممعن في العدوان وارتكاب الجرائم بدرجاتها إلى أن تصل إلى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية .
لذا بات من المهم أن نقرأ القرار وفق العناوين التالية :
أولا : معاني القرار.
ثانيا : توقيت إصدار القرار.
ثالثا : أهداف القرار.
معاني القرار :
لقرار بومبيو اعتبار الاستيطان لا يتنقض مع القانون الدولي معان عدة أهمها —
• أنه يشكل انقلابا أمريكيا على ميثاق الأمم المتحدة وعلى القانون الدولي.
• فقدان امريكا مصداقيتها ودورها القيادي تبعا لعضويتها الدائمة بمجلس الأمن تلك المكانة التي ترتب عليها الإلتزام التام بأحكام ميثاق الأمم المتحدة وبتنفيذ قراراتها بحيادية تامة بعيدا عن المصالح والازدواجية .
• نعي صفقة القرن التي راهن ترامب على نجاحها او فرضها بإنهاء الصراع التاريخي بين الحركة الاستعمارية الصهيونية من جانب ومع الشعب الفلسطيني طليعة الشعب العربي من جانب آخر .
• إطلاق يد مجرمي الحرب بقيادة نتنياهو بارتكاب مختلف أشكال الجرائم بحق الشعب الفلسطيني وبحق القانون الدولي تحت رعاية وغطاء ودعم الرئاسة الامريكية مما وضعها شريكا في العدوان والإحتلال.
توقيت إصدار القرار :
من حيث التوقيت فالقرار يحمل رسائل عديدة يمكن فهمها على النحو التالي :
■بعد قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة بتجديد ولاية الأونروا لثلاث سنوات مما شكل اجهاضا للمخططات الترامبية النتنياهوية بإنهاء عمل وكالة الغوث (UNRWA ) .
■ ردا على العزلة الأمريكية الإسرائيلية بخطوة استفزازية للمجتمع الدولي .
■ نجاح القيادة الفلسطينية برئاسة السيد محمود عباس ” ابو مازن ” باجهاض مخطط نتنياهو ترامب المسمى “صفقة القرن ” وبالتالي فشل ترامب وفريقه بإنجاز نجاح على صعيد ملف خارجي أعتقد معه أنه الحلقة الأضعف والتي يمكن أن ترفع أسهمه انتخابيا.
■ فشل سياسة ترامب بالرغم من كافة أشكال الضغوطات السياسية والمالية والاقتصادية بتأجيج الجبهة الفلسطينية الداخلية لتنتفض في وجه القيادة الفلسطينية ورمزها رئيس منظمة التحرير الفلسطينية السيد محمود عباس الذي كان لقيادته الدور الحاسم باجهاض صفعة القرن.
■ الرهان على ضعف الردود العربية على القرار المؤامرة نتيجة الخلافات العربية البينية واستمرار النزاعات المسلحة في عدد من الأقطار العربية.
■ قبل يوم من توقع اصدار قرار النيابة العامة الإسرائيلية باتهام نتنياهو بقضايا فساد “قرار الإتهام الذي صدر فعليا يوم الخميس ” عله يساهم بعدم توجيه الإتهام لنتنياهو.
الأهداف :
بالتأكيد وعطفا على ما تقدم فلا يمكن أن يخلو القرار من أهداف منها :
اولا : دعم اليمين الصهيوني المتطرف بزعامة نتنياهو في انتخابات الكنيست الثالثة في حال فشل تشكيل الحكومة الاسرائيلية.
ثانيا : نتيجة لقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة بتجديد ولاية الأونروا بالغالبية الساحقة لأعضاء الجمعية العامة للأمم المتحدة والذي أظهر عزلة الموقف الأمريكي الإسرائيلي ومن منطلق العنجهية السياسية أراد توجيه رسالة استخفاف واستهتار بحق المجتمع الدولي الذي اجهض مخطط ترامب وفريقه بإسقاط قضية اللاجئين الفلسطينيين وحقهم بالعودة من خلال إنهاء مهمة الأونروا دون تنفيذ قرار الجمعية العامة رقم 194.
رابعا : الظهور بشخصية الرئيس الذي لا يأبه بإرادة المجتمع الدولي بل يعمل على تطويع العالم للسياسة الخرقاء التي ينتهجها بالرغم من تناقضها مع القيم الامريكية المعلنة بترسيخ مبادئ الأمم المتحدة والإعلان العالمي لحقوق الإنسان ظنا منه ومن إدارته بأن العالم “حلفاء أو أعداء أو خصوم أو محايدين ” ما هم إلا تابعين وأدوات .
خامسا : الضغط على الرئيس الفلسطيني وأركان قيادته في محاولة لانتزاع إعتراف فلسطيني بمؤامرة صفقة القرن وإلا فمنطق القوة سيسود أي إما القبول بالفتات أو إستمرار الإحتلال بجرائمه.
بناءا على ما تقدم المطلوب تضافر كافة الجهود العربية والإسلامية والعالمية وجميع القوى المؤمنة بسيادة القانون الدولي وبميثاق الأمم المتحدة والحريصة على ترسيخ الأمن والسلم الدوليين والعمل على التوافق على إستراتيجية مشتركة للانتصار للقانون الدولي وللشرعة الدولية ووضع حد لغطرسة الثنائي ترامب نتنياهو وفق خطة عمل تتضمن :
☆استصدار قرار عن الجمعية العامة للأمم المتحدة يعبر عن استنكاره وادانته ورفضه للقرارات الترامبية بانتهاك القانون الدولي وبعدم الإعتراف بسيادته .
☆ توجيه رسالة مشتركة بموجب قرار دولي للرئيس ترامب تطالبه إلغاء كافة قراراته المخالفة للقانون الدولي وللقرارات الدولية المتعلقة بالقضية الفلسطينية ودعوته للعمل الدولي الجمعي لإنهاء الإحتلال الإسرائيلي العنصري للأراضي الفلسطينية والعربية المحتلة وما تعنيه من ممارسة كافة أشكال الضغوط على دولة الإحتلال الإسرائيلي حتى اذعانها لتنفيذ واحترام القانون الدولي والقرارات الدولية.
☆ اصدار قرار دولي بفرض عقوبات سياسية واقتصادية وعسكرية على “إسرائيل ” تمهيدا لطردها من الأمم المتحدة لعدم الإعتراف بقراراتها ثم لانتفاء شرط قبولها عضوا بالامم المتحدة بتنفيذ قراري الجمعية العامة رقم 181 و194 .
☆ تشكيل حملة مقاطعة دولية للصناعات والمنتجات الأمريكية والإسرائيلية رسميا وشعبا.
☆ وقف كافة أشكال العلاقات والاتصالات مع الكيان الصهيوني الإرهابي وتخفيض مستوى العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية مع أمريكا .
☆قيام الأحزاب ومؤسسات المجتمع المدني بسلسلة فعاليات سلمية مناهضة لقرارات ترامب العدائية لفلسطين وشعبها.
ولكن يبقى سؤال هل هذا آخر قرار لترامب ؟ الجواب لا فالتصعيد آت …..؟ !