عروبة الإخباري – كتب سلطان الحطاب
انفتاح مديرية الأمن العام من خلال عنوانها اللواء فاضل الحمود أغراني لزيارته، فقد زرته أكثر من مرة، إحداها كان في أزمة العلاقة ما بين الحكومة ونقابة المعلمين، ورغم الكلفة التي ترتبت على الأمن العام إلّا أنني لم أسمع على لسان الباشا إلّا التقدير لكل الأطراف، وكان قد رفض ان أتناول الكتابة في الموضوع من وجهة نظره إذ اعتبر أن الأزمة مؤقتة ولا يجوز النيل من أي طرف ولا حتى نشر أي معلومات جرى الحصول عليها.
وقد أكبرت فيه الترفع عن الانخراط في حملات انخرطت فيها مواقع التواصل الاجتماعي وصحافة وبعض كتاب، إذ ان الباشا كما عرفت لم يكن يشجع عملية التشهير، ولذا انصرفت من مكتبه دون أن يحملني أي رسالة تتعلق بهذا الموضوع، بل أضاف أنه يتمنى أن لا أكتب شيئا وإن اردت الكتابه فهناك مواضيع عديدة في الاستراتيجية الأمنية المتعلقة بالأمن العام والمهام الموكولة للجهاز وما انجز و كيف يتعامل جهاز الأمن العام في المعطيات والقضايا القائمة والطارئة، وأشكال الممارسات في مظلة القانون التي يحرص الباشا الحمود على التذكير بها وترديدها تلازمه في كل إجراء.
هناك أشياء عديدة تقلق مدير الأمن العام كما تقلق اي مواطن.. والفرق أن الباشا يقف وجهازه على كل تلك الثغور المتعلقة بهذه القضايا المقلقة، كالجرائم سواء المباشرة والواقعية او الالكترونية و قضايا المخدرات.. وقضايا انتهاك حقوق الانسان وغيرها ممن تضمنتها الاستراتيجية، وحتى ادرك تفكير الباشا الحمود وتناوله الهادئ للقضايا واستعماله لخبراته المتراكمة كونه جاء من رحم الجهاز الشرطي، ولم يأتي من خارجه أو ينزل عليه بـ “البراشوت” كما يكون الأمر أحيانا، إذ يظل إبن الجهاز غالبا أكثر دراية بمناخات الحياة الشرطية وواجباتها وحتى الاطلاع على تركيبة الجهاز ومواقع الخلل او التميز فيه.
كان عليّ ان أقرأ كيفية تفكير الحمود من خلال كل تصريحاته ومواقفه والإجراءات التي يتخذها خاصة ما أعلن منها إضافة إلى مساهماته وتوجيهاته في اللقاءات والورش والمقابلات والندوات وحتى المواقع الميدانية في الزيارات الشاقة في الاطراف وتمضية ايام فيها.
لقد توقفت عند محطتين أغنياني عن كثير من محاولات البحث الكثيرة، فقد توفر لي الكثير من المعلومات التي تتجاوز عشرات الصفحات لو اردت ان أحصرها او أحللها.
بداية كنت ألاحظ البساطة والتواضع الجم في شخصية الباشا الحمود والابتسامة التي لا تفارقه في اللقاءات العامة مع المواطنين فهو غالبا ما يكون باشا مرحبا وودودا يحترم من يقابلهم على اختلاف اعمارهم ومواقعهم، والصحفيون تحديدا يدركون ذلك كما يدرك كل مواطن كان له حاجة او ظلامة لدى مديرية الأمن العام إن قابل مديرها..
رصدت مدير الأمن العام في موقعين او مناسبتين ذات طبيعة إعلامية وكما قال ارسطو: “دعه يتكلم لأعرف من هو”، وفي حالة مدير الأمن العام قد لا يكفي ذلك لأن الرجل رجل تنفيذ وميدان ولذا يمكن القول دعني أراه كيف يعمل ويتصرف لأعرف من هو.
اما المحطتان اللتان توقفت عندها فهما مقابلته مع التلفزيون الأردني في برنامج ( 60 دقيقة)، وقد استمعت ما تقوم به وحدة الاستثمار في حماية المستثمرين و هذه الوحدة الهامة بحاجة إلى ما مزيد من التفعيل ، إذ يدرك الباشا أهميتها ويرغب في تقديمها كمساهمة من جانب الأمن العام في تعزيز فرص الاستثمار وجعلها أكثر جاذبية، وأكثر اماناً خاصة وان هناك حساسية في غالب الأحيان لدى كثير من المستثمرين عندما يبدأون في قراءة خارطة الاستثمار و يقارنون مساحات أخرى عربية او أجنبية، وكيف يمكن التعامل معهم في المطارات والمعابر الحدودية، وحتى في مواقعهم في الفنادق والشركات، ومازال الباشا يتطلع ان تكون هذه الادارة المختصة بالمستوى الذي وجه اليه جلاله الملك الذي يحرص مدير الأمن العام أن تتحقق أهدافها بشكل ايجابي كذراع من أذرعة الأمن العام.
وهناك أيضا تركيز على وحدة الجرائم الالكترونية التي عمدت أن أزورها في قضية احتيال بنكي حيث وقعت قرصنة على حساب في أحد البنوك.. ووجدت في المديرية فهما عميقا لهذه القضايا وآليات عمل حديثة ومقنعة ودقّة في الاداء واختصاصات لم يكن سهلا ان تتوفر وحتى اقصى درجات التنسيق مع البنوك التي كانت هي الأخرى تستفيد من خبرة هذه الوحدة وتراكم تجربتها وتكرار الأمثلة التي تقع، وكيف يمكن تجنب العديد من الأساليب التي يمرّ القراصنة من ثغراتها.. إضافة إلى الجرائم الالكترونية الاخرى المتعددة والمستفيدة من تطور وسائل الاتصال و من طبيعة الرسائل المستعملة، واحترافية مجرمي المواقع وتنوع خبراتهم المستوردة والمكتسبة..
ولأن جهاز الأمن العام جهاز احترافي.. طاهر السلاح، فقد حرص دائما ان يبقى جهازاً تنفيذيا بعيدا عن التخرب والتسيس والانحياز إلّا للقانون، فقد جرى تعظيم سلوك التعامل مع المواطنين بقدر كبير، حتى وإن وقعت بعض التجاوزات التي يجري فوراً محاصرتها والتعامل معها بالقانون، وهذه المديرية المقصودة هي مديرية حقوق الانسان والشفافية وهي بوابة مطلة مفتوحة على المواطنين ظل مدير الأمن العام يطلب ان تعزز دورها ونهجها وتلقيها للشكاوى من المواطنين من أطراف مدنية عديدة، إذ أن هذه المديرية التي يحرص مدير الأمن العام على الاطلاع على عملها وتقاريرها حيث أولوية المعالجة.. فهذه المديرية في بعد عملها الانساني وتكريسها للقانون تشكل أيضا إطلالة لجهاز الأمن العام على منظمات حقوق الانسان العالمية التي منحت جهاز الأمن العام الأردني كثيرا من الجوائز والتزكيات، وجعلته يتقدم في هذا السلم على المستوى العالمي، حين توفرت عن هذا الجهاز شفافية ملموسة..
لا يزعم الباشا انه يصنع انجازات مديرية الأمن العام بل يحرص على ان يعزوا ذلك لجهازه من ضباط وضباط صف وأفراد يحرص على مكافاة المتفوقين ومحاسبة المقصرين، فقد أكد لي أن البدلة التي يلبسها المنتسب للأمن العام على اختلاف موقعه ورتبته لا توفر له حصانة أو امتيازات إلّا بما يعطيه القانون، بل انها في رأيه عبء ومسؤولية ومسائلة، ولذا فإن جهاز الأمن العام في صيغته الحالية جهاز وطني غير متغول ولم يحمل أي صفة تخرجه عن القانون والالتزام به، حيث تعمل محكمة الشرطة بشفافية وحيث مباشر المدعون العامون دورهم بكل استقلالية.
لقد أدركت مديرية الأمن العام في عهد قيادة الباشا الحمود أفضل درجات التنسيق بينها وبين الاجهزة الأمنية الاخرى، وانتهى ما كان يوصف بغياب التنسيق بين الاجهزة والذي كان يقع قبل سنوات، وانتهى بتوجيهات ملكية واضحة، وباختيار كفاءات تؤمن بالعمل المشترك وروح الفريق والانضباط بمعايير ادارية متوافق عليها، فلقد استعادت وزارة الداخلية دورها العملي والملموس في التنسيق والانخراط العام بدون مواربة، وأخذت تفعل تسميتها الادارية في المسؤولية، وقد بلغ التنسيق بين الأجهزة الأمنية كافة ذروته ومازال، ولم نجد كمواطنين مراقبين خروجا على ذلك، إذ كانت أزمة المعلمين مثالا.. كما توزعت الأدوار بايجابية عبر دور الاجهزة الأمنية ومسؤولياتها أمام حركات الاحتجاج الشعبية الأردنية، حيث حافظت هذه الأجهزة على طهارة سلاحها و لم نشهد ساحاتنا عنفا يسقط فيه قتلى وجرحى بحمد الله وظلت الحالة الأردنية تنتمي للمجتمعات الراقية قياسا إلى المحيط العربي ودول الجوار.
أما الحرب على المخدرات التي تزداد ضراوتها في كل يوم نتاج ظروف موضوعية في المنطقة كلها، ونتاج عوامل عديدة أخرى فإن الأمن العام بمديريته المتخصصة وبالتعاون مع الاجهزة الأمنية يخوض معركته التي تحتاج إلى إسناد كل المواطنين وكل هيئات ومنظمات المجتمع المدني لمحاصرة هذا الوباء الخطير الذي يضرب التركيبة الاجتماعية والاقتصادية، ويصيب شرائح عمرية تقع عليها الرهان الوطني في الارتقاء بالوطن وتقدمه و هم فئة الشباب.
كل هذا يتطلب ان يكون لجهاز الأمن العام إعلام قوي، وهو اذ ينفتح على الاعلام الوطني بكل وسائله ومكوناته، ويعزز العلاقة معه، فإنه ايضا يفرز مديرية خاصة بالإعلام تقوم بنشاطها وتحظى برعاية مدير الأمن العام وتحتاج إلى مزيد من الرعاية والموازنة لتؤدي دورها على أكمل وجه، خاصة وأن لديها إذاعه خاصة ووسائل أخرى تمتلك تجربة وخبرة متراكمة وتنفتح على الاعلام الوطني.
أما المحطة الثانية التي قرأت تفكير الباشا الحمود من خلالها فهي “منصة شركة زين”، وهي منبر متميز وفاعل قدم الكثير من الشخصيات المختصة والفاعلة للشباب تحديدا وللجمهور، ولقاء الباشا الحمود مع جمهور شبابي مميز من خلال “منصة زين” كان مؤثرا وواضحا، فقد مكّن مسؤول الاتصال النشط في زين طارق البيطار من أن يجعل اللقاء بين الباشا والشباب فاعلا وان يجيب الباشا على كل أسئلة الشباب والشابات بجرأة وصراحة ووضوح فرضتها الاسئلة المباشرة الباحثة عن المعرفة، كما جاءت الردود الصريحة والحميمة والشفافة من جانب مدير الأمن العام في نفوس الشباب بدور مديرية الأمن العام وهو ما ادعوا ان يتكرر مره اخرى.
بعد أكثر من زيارة لرجل وطني لا يترك مناسبة عامه إلا و يشهدها رغم انشغالاته و رغم مضي ساعات النهار والليل في مديرية الأمن العام وغرف عملياتها، أدركت حجم مسؤوليته و ما يتمتع به من طاقه وقدرات دافعها مواطنته وحبه لأهله وهم مواطنوه الذي لا يميز بينهم في الاستقبال والتعامل.
والباشا الذي لا يرغب أن يكون الاعلام وسيلة تلميع وإنما وسيلة بث حقائق، حين استفاد من منصة “وتبينوا” بعد المبادرات الملكية.. غالبا ما يرغب ان تتعامل معه حتى نقاط التفتيش أمام مداخل الفنادق كمواطن حين يكون بملابسه المدنية ولا يرغب في إشعار أحد بموقعه، ويجد من امتثاله للتفتيش حالة عادية يريد من خلالها أن يقدم نموذجا للجميع أن الجميع يجب أن يكون في خدمة الوطن وخدمة أمن الوطن.