عروبة الإخباري_كتب سلطان الحطاب
أسجل لجمال الصرايرة فضل اختياره لقيادة شركة البوتاس، حين قبل التحدي وترجم التوجه لأردنة الإدارة في البوتاس ليثبت نجاعة الإدارة الاردنية وقدرتها على الصعود والمنافسة، وتسجيل أرقام قياسية في الانجاز والأرباح عجزت عنها الإدارة الأجنبية الكندية التي سبقت والتي جاءت بعد الخصخصة وحيازة الأسهم في الشركة.. لقد كان ذلك مشروطا باختيار أفضل الكفاءات.
كان التحدي كبيرا ويبدو أن الشركة التي حرصت إدارتها من خلال مجلس الإدارة عبر السنوات الماضية الاستفادة من تراكم الخبرات الأردنية وحتى الأجنبية وهو الأمر الذي دعا له الصرايرة بتشديد حين قال: “علينا الآن ان نستفيد من المتوفر قبل انتهاء الامتياز، لأننا لابد ان نترك شيئا من مؤسساتنا للأجيال الأردنية القادمة”، ولذا فإن المطلوب الان ترسيخ البنية التحتية وتحديثها وصيانة كل ما يمكن صيانته بشكل فاعل كما لا بد من تراكم الادارات، وصناعة التنافس، واختزان العقول المدربة التي قال عنها المدير التنفيذي الدكتور معن النسور: “ان لها من العمر 700 سنة خبرة، وان البوتاس العربية الآن تقدم النموذج على تولي الإدارة الأردنية الصرفة دفّة القيادة… فالشركة قمة وقاعدة، عمالاً وفنيين وإدارة هي أردنية تماما”…
ويبدو أن الصرايرة الذي توفق في كل المواقع التي استلمها وأدارها، وخدمته رياح الحظ كان مرضيا من والدته… هكذا قال أحد اصدقائه، بل أن صديقا آخر قال مبالغا: انه نزلت عليه ليلة القدر ذات رمضان وهو يقيم طقوسه الصوفية التي عرفت عنه حين ظل يواظب على زيارة شيوخه (شيوخ طريقته وأخرهم في الاسكندرية قبل ان يتحول عن المغرب)..
ميزة رئيس مجلس الإدارة في البوتاس انه يتخذ قراراته بشجاعة، ولديه قدرة على المناورة التي لا تقلل من قيمة الشفافية، فهو يقول: انه لا يتدخل في الإدارة التنفيذية وانه لا يوقع.. وفجأة نراه يوقع لإحالة عطاء كبير و بناء سد او توسعة أو بيع صفقات مربحة، ويبدو انه يعتذر عن الصلاحيات حين يتعلق الأمر بمن يأتوه طالبين وظائف في الشركة فينقل الأمر للإدارة التنفيذية وهي مناورة نجح فيها الصرايرة إلى حد كبير وأوقف وجع الرأس كما يقول…
لا أريد أن أتحدث عن الانجازات الكبيرة التي حققتها الشركة بفضل إداراتها التنفيذية الكفؤة التي اختارها الصرايرة بشفافية من كادر البوتاس وضمن منافسة معلنة، فقد كان رهانه على الرئيس التنفيذي الدكتور معن النسور الذي أعطى الشركة دفعة قوية على أسس علمية ومنهجية ومؤسساتية بعيدة عن الارتجال والتخمين والتجريب ووضع معايير ومواصفات التزم بها وألزم العاملين واحترم الخبراء والفنيين وجعلهم في رواق إدارته مثل بندول الساعة، حتى استطاعوا أن يطوروا كثيراً من الإنتاج ويلبوا رغبة السوق الدولية خاصة أسواق البرازيل الجديدة التي طلبت البوتاس الأحمر والذي كان يحتاج الى مواصفات وأساليب تصنيع مختلفة عن الأبيض، وقد انجز ذلك وكانت النوعية متفوقة عن شبيهاتها العالمية..
في البوتاس تناغم شديد ما بين مجلس الإدارة والإدارة التنفيذية وفيها عمل مؤسسي مدروس إن لجهة الإنتاج وزيادته أو لجهة التسويق و توسيع افاقه أو لجهة الحرص على المشاركة والحصول على الحصص المقررة أو حتى تبرير عدم خفض الانتاج لأن الأردن ليس من الكبار في هذا السوق ويستطيع حيتان البوتاس العالميين استيعاب رغبته حتى وهو يطالب بعدم خفض انتاجه…
كنت أحس ضيق مجلس الإدارة الذي التقيناه في مؤتمر صحفي امس الأول في فندق الفورسيزون بالنقد غير الموضوعي الذي جرى توجيهه الى شخص رئيس مجلس الإدارة في محاولات النيل من نجاحاته وقدراته على إدارة الشركة من خلال إدارة أردنية كفؤة، وقد تبين للكثيرين ان النقد مُغرض وشخصي وفيه حسد، ومحاولات للنيل من النجاح كما هي بعض السلوكيات التي نعيشها في مجتمعنا والتي يستعدي فيها المدعون والمقصرون على الناجحين لإحباطهم وكثيرا ما ينجح امثال هؤلاء في افشال العمل حين لا تكون الإدارات الناجحة واعية وقادرة أن تدافع عن نفسها بالحقائق كما فعل جمال الصرايرة حين ألهب القاعة بالتصفيق أكثر من مرة، وهو يقدم حقائق بالأرقام ويشهد على ذلك من يعمل معه ومن لا يعمل، وحين كان يبسط على بساط أحمدي ما اتخذته الشركة من مبادرات خاصة في مجال المسؤولية الاجتماعية ووصولا الى ما يتعلق برئيس مجلس الإدارة شخصيا وكأنه يقول: “هذا شليلي” وبسط مجموعة من الأوراق احصى فيها ما يملك من أموال منقولة وغير منقولة لآخر دينار واضعا إياها بين يدي من يرغب لينظرا فيها…
الذي لا يخاف يقدم على “لحس البشعة” ليكون ابيض السريرة والسيرة، وهذا التحدي قبلته البوتاس داعية الجميع لقبوله والتوقف عن كيل الاتهامات والتشكيك، خاصة حين تتضاعف أرباح الشركة والشركات التابعة والحليفة لها و تسجل ارقاماً قياسية غير مسبوقة في تاريخ الشركة التي ترفد الموازنة العامة بمبالغ لا تصلها أي شركة أخرى، وحين يجري مضاعفة الإنتاج لحفز العاملين في الشركة والذين يتميزون برواتبهم ومكافأتهم وأيضا عملهم الجاد والموصول والمخلص ولذا فإن الرضا يسود البوتاس حيث يقع الحسد من الخارج في حين يدافع البوتاسيون عن انفسهم وانجازهم الوطني ليقول من يراهم: “نيال من كان له مرقد عنز في البوتاس”!!
لا أريد أن أذكر النجاحات بالأرقام، لأن ذلك متروك لتقرير مرافق نشرناه في هذا الموقع وبلغة الأرقام، ولكنني قررت الحديث عن الأريحية وعن ما وفرته شعلة البوتاس المتقدة من مساحات اضاءة واسعة في الاقتصاد الوطني الذي يعيش حالة انحسار وتصحر لكثير من شركاته ومؤسساته نتاج ظروف ذاتية وموضوعية محيطة.
اليوم البوتاس هي البقرة الحلوب التي يجب العناية بها وتشجيعها وتقديمها كنموذج على الإدارة الناجحة والشركة المنتجة، وتشجيعها للتوسع وكسب مساحات أوسع في التعدين، وتمكينها من التحديث و استثمار التكنولوجيا لأقصى ما يمكن.
لم تغفل الشركة دورها الوطني والاجتماعي في تطوير بيئتها التي هي فيها، وخاصة في منطقة الغور الجنوبي، حين جرى النهوض بالبيئة هناك على مستويات الصحة والتعليم وحتى التشغيل، إذ تعطى الأولوية لأهل المنطقة، وحيث اختفت مظاهر الفاقة والعوز واختفت منظومة عدم نجاح أحد في التوجيهي، أو الاستمرار في اعتماد سلم الأقل حظا والذي أصبحت الحال معه حال من يقطع يده ليشحد عليها.. فقد أطفأت البوتاس وبمبادرات انسانية واجتماعية ومدنية بؤر التخلف وسوء الصحة و ضعف و تراجع التعليم، ومكنت سكان الأغوار من تقديم نماذج في التنافس والمشاركة، وهذا ما أقر به مجموعات من شعب الغور الذين أثنوا على دور الشركة ودخولها في تفاصيل حياتهم وإسنادهم ليشكلوا مجتمعات نابضة بالحيوية..
على مدار الساعتين قدم الصرايرة الخطوط العريضة والاستراتيجية لواقع الشركة وخططها المستقبلية، وطموحاتها وما تراهنه الأجيال عليها من دور، كما قدم الدكتور معن النسور الذي رافق قدومه نتائج ملموسة وأرباح عينية قدمت بشفافية، حيث شرح بالتفاصيل واقع الشركة وانتاجها وأسواقها والمتغيرات التي حدثت من تحديث وتجديد وضغط نفقات ووصول إلى أفضل النتائج..
يبقى أن أقول ان البوتاس شجرة مثمرة يمكن للمستغلين والانتهازبين والحاسدين أن يرجموها، خاصة أولئك الذين يعملون دائما على كسر الزجاج دون أن يراهم أو يفضحهم أحد.. ولكن قافلة البوتاس تسير مهما تكالب عليها المعطلون.
نريد نماذج أخرى كالبوتاس في شركاتنا ومؤسساتنا.. فالبوتاس الناجحة قطرت معها شركاتها الحليفة والتوأم والتابعة، لتشهد هي الأخرى نجاحات تمثلت في شركة “البرومين” التي تضاعفت أرباحها وفي شركة “كيمابكو” التي أثنى على أدائها رئيس مجلس الادارة وعلى شخص مديرها العام المهندس بسام الزعمط ،الذي قدم هو الآخر نموذجا يحتذى في قدرته على المتابعة والتطوير..
ولأن الإدارة الناجحة تنجح بجهود العاملين معها، ولأن القائد الحقيقي يقود قادة .. فإن العاملين في البوتاس جميعهم يحق لهم أن يحتفوا بما انجزوه وأن يجيروا النجاح لهم جميعا دون استثناء…