يستقبل الشعب الفلسطيني العام الثالث من القرن الثاني لمؤامرة دولية إستعمارية “جريمة بلفور ” قادتها ولم تزل تقودها دول إستعمارية لتحقيق أهداف ثابتة لم تتغير تتمثل في :
—- زرع كيان سرطاني ” إسرائيل ” في قلب الوطن العربي ذا الموقع الاستراتيجي جغرافيا والغني بثرواته الطبيعية واستمرار رفده بكل عناصر ومقومات القوة العسكرية والسياسية والاقتصادية.
— إنشاء قاعدة عسكرية عدوانية عنصرية توسعية تتولى تفتيت الوطن العربي جغرافيا واثنيا وعرقيا لضمان نهب ثرواته وادامة ضعفه وحرمانه من أي عنصر من عناصر القوة كانت عسكرية أو اقتصادية أو فكرية أو عقائدية أو علمية.
— إستخدامها أداة عدوانية وقاعدة إنطلاق نحو أي دولة او قوة تهدد مصالح هذه الدول الكبرى “فردية أو جماعية ” .
هكذا كان وعد بلفور باقامة كيان عنصري إرهابي اؤسس على اساس ديني في ارض فلسطين كمعبر عن أهداف الدول الاستعمارية (بريطانيا وفرنسا ) لمرحلة ما بعد الحرب العالمية الأولى.
كما لا يمكننا كسياسيين ومحللين ومفكرين أن نفصل وعد بلفور الظالم بحق فلسطين وشعبها عن سياق إتفاق وزراء خارجية بريطانيا وفرنسا “إتفاق سايكس بيكو ” الذي تم بموجبه تقسيم الوطن العربي إلى أقطار ضعيفة متصالحة تارة ومتصارعة تارة أخرى.
مما يؤسف له أن بعض القيادات العربية إن لم يكن معظمها وعلى مر العقود السابقة لم تتعظ مما احاق بالاستعمار الإحلالي لفلسطين وعما لحق بدول عربية من مصادرة لقراراها الفعلي المستقل وما نجم عن ذلك من تبعية مباشرة أو غير مباشرة للمصالح الخارجية وخاصة لمصالح الدول الكبرى “الإسم الحضاري للدول الاستعمارية بشكلها الحديث ” ظنا منها أنها خارج دائرة الاستهداف .
عند الحديث عن وعد بلفور لا يقتصر عن كونه جريمة لم يشهد مثلها التاريخ الحديث وإنما لما يمثله من رمزية لكل اشكال الاستهداف لشعبنا العربي” الذي مثلت فلسطين باكورته ” على إمتداد أقطاره وما النزاعات المسلحة والاقتتال الداخلي والتهديدات لأمن واستقرار دول مركزية بما تمثله من مكانة استراتيجية جغرافية او سياسية او اقتصادية إلا دليل على إستمرار المخطط الاستعماري “بقيادته الحالية ” باستباحة الوطن الكبير وتقاسم النفوذ والهيمنة بين الدول الاكثر قوة ونفوذا في ظل عهد الضعف العربي والشرذمة وغياب الديمقراطية ودولة المواطنة والخلافات التي تعتري العلاقات البينية العربية.
لم يعد استذكار مؤامرة بلفور السنوية كمناسبة تاريخية “بالتأكيد لن يطويها النسيان ” ذا قيمة إن بقيت دون استدراك تداعياتها وتبعاتها ماضيا وحاضرا ومستقبلا من حيث :
• القضية الفلسطينية.
• البعد العربي.
• البعد الدولي.
القضية الفلسطينية :
لم تستسلم الحركة الصهيونية بالرغم من جرائمها التي ترقى لجرائم حرب وجرائم ضد الانسانية بحق الشعب الفلسطيني واستمرار احتلالها للاراضي الفلسطينية خلافا لقرار الجمعية العامة للامم المتحدة رقم 181 الذي منحها ظلما وطغيانا ” بفضل سيادة قانون شريعة الغاب” عضوية الامم المتحدة دون وجه حق بفضل الدعم والانحياز الاعمى للإدارة الأمريكية امام القانون الدولي احتراما للأمم المتحدة ميثاقا وقرارات كما تستمر وتتباهى بعنجهية بتتنصلها من التزاماتها وفق الاتفاقيات والمعاهدات التي توقعها ثنائيا أو إقليميا أو دوليا.
فها هي بطبيعتها العدوانية تعمل على محاولة تنفيذ المرحلة الثانية من مؤامرتها ضد الوطن الفلسطيني أرضا وإنسانا الرامية إلى إنتزاع شرعية إحتلالها لباقي ارض فلسطين التاريخية بحكم فرض سياسة الامر الواقع على الارض المحتلة تمهيدا للمرحلة التي تحلم بها منذ عقود بطرد جماعي للشعب الفلسطيني.
هذه الأطماع العنصرية والعدوانية مآلها الفشل الذريع بسبب إرادة الشعب الفلسطيني المناضل وقيادته الشرعية المدعومة من احرار العالم بالصمود والنضال بكافة أشكال الآليات والوسائل المكفولة دوليا حتى إنهاء الإحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة بعاصمتها القدس.
البعد العربي :
أما البعد العربي الرسمي الذي يشهد تراخ بمواقفه المفترض ان تتصف بالقوة والصلابة بدعمها لنضال الشعب الفلسطيني الذي يشكل عمقا استراتيجيا وامنيا لها بينما في ذات الوقت يراهن البعض على إمكانية بناء علاقات صداقة وثقة مع كيان إرهابي عدواني لم يعرف عنه سوى العنصرية والسادية ونقض العهود بهدف تأمين إستقرار ما متغاضيا عن طبيعته وأطماعه ومخططاته التوسعية وبسط نفوذها على امتداد الوطن العربي وما شعار (حدودك يا إسرائيل من النيل إلى الفرات ) إلا دليل لا يقبل الشك أو التأويل على ذلك.
هذا الحال يتطلب أخذ العبر من وعد بلفور الأول الذي لم يصل إلى نهايته وإن حمل اسماءا وعناوين جديدة كصفقة القرن أو غيرها من المسميات.
أبسط أشكال التوقعات الشعبية تتلخص باهمية وضرورة العمل على تجميد الخلافات البينية والعمل على بناء مواقف توافقية وتحديد الأهداف والفرز بين معسكر الأصدقاء من معسكر الأعداء الذي يمثل الكيان الصهيوني عنوانه الرئيس.
البعد الدولي :
أما على صعيد البعد الدولي الذي كان شريكا بارتكاب جريمة تمكين العصابات الصهيونية من اغتصاب فلسطين عام 1948 سواء من موقع القوة الاستعمارية أو من موقع التابع مطالب أدبيا وسياسيا وحقوقيا وقانونيا واخلاقيا بالاضطلاع بواجباته إزاء الشعب الفلسطيني من خلال :
▪التعامل مع دولة الإحتلال الاسرائيلي الرافض والمنتهك لميثاق الامم المتحدة ككيان عادي وليس ككيان فوق القانون دون ازدواجية وما يترتب على ذلك من تطبيق النظام الداخلي في مثل هذه الإنتهاكات.
▪ممارسة كافة أشكال الضغوط والإجراءات العقابية كوسيلة لإنهاء احتلالها للأراضي الفلسطينية والعربية المحتلة وتمكين اللاجئين الفلسطينيين من العودة إلى مدنهم وقراهم التي طردوا منها عنوة افرازا لنتائج تنفيذ وعد بلفور.
▪الزام ” اسرائيل” بتنفيذ قرار الجمعية العامة رقم 273 الذي اشترط لقبول ” اسرائيل ” عضوا بالجمعية العامة تنفيذ قرار 181 وقرار 194 تحت طائلة الفصل لانتفاء شرط اساسي لقبول عضويتها.
أما الواجب الأكبر يقع على عاتق الدولتين البريطانية والفرنسية اللتان خططتا ورسمتا جريمة إنشاء الكيان الصهيوني السرطاني في فلسطين قلب الوطن العربي برد الاعتبار للشعب الفلسطيني وتكفيرا عن جريمتهم الماثلة نتائجها على الأرض وعلى الإنسان الفلسطيني الذي يعيش إما كلاجئ وإما كخاضع تحت نير الإحتلال وذلك بدعم اقامة الدولة الفلسطينية المستقلة بعاصمتها القدس على حدود الرابع من حزيران كخطوة رئيسية على طريق تنفيذ قرار التقسيم …
وهذا أضعف الإيمان وابسطه تكفيرا عن ذنب لن يغفره الشعب الفلسطيني طليعة الشعب العربي واحرار العالم …
فهلا شكلت ذكرى وعد بلفور هذا العام بداية للعمل اقليميا ودوليا لرفع الظلم والاضطهاد والعدوان عن الشعب الفلسطيني الذي يعاني من وطأة الإحتلال وجرائمه وانتهاكاته التي لا حصر لها. …..
بهذا تبدأ عملية إعادة بناء الثقة المفقودة بالأمم المتحدة ودورها بترسيخ الأمن والسلم الدوليين وحظر الإعتداء وإحتلال اراض الغير بالقوة. ….؟ !
إجهاض المؤامرات يتحقق بوحدة الرؤية والموقف الموحد.
كفى للضعف. ..نعم للسير نحو مربع القوة. ..