احتجاجات العراق.. حشود غير مسبوقة وواشنطن تدعو الحكومة للاستجابة

عروبة الإخباري – بلغت الاحتجاجات الشعبية في العراق الجمعة، ذروتها مع دخولها الأسبوع الثاني على التوالي، جراء نزول حشود غير مسبوقة إلى الشوارع والساحات العامة.

والتحق بالاحتجاجات مختلف شرائح المجتمع، من بينها النقابات المهنية ومنظمات المجتمع المدني وطلبة الجامعات والمعاهد، وأبناء العشائر، ونساء.

واحتجاجات الجمعة هي الأوسع منذ بدء موجة الاحتجاجات الجديدة ضد الحكومة، وتعد الأكبر على الإطلاق منذ الإطاحة بالنظام السابق في العام 2003، وفق ما أفاد مراسلو الأناضول.

وتدفق آلاف المتظاهرين إلى الشوارع في بغداد ومحافظات الوسط والجنوب التي تعد معقل الشيعة في البلاد.

وذكر مراسل الأناضول في بغداد، أن “ساحة التحرير” والشوارع القريبة منها وسط بغداد غصت بآلاف المحتجين، بينهم طاعنون في السن وأطفال وشباب ونساء، رافعين الأعلام العراقية، ولوحات خطت عليها عبارات ترفض استمرار الطبقة السياسية في إدارة البلاد.

وأعرب متظاهرون للأناضول، عن إصرارهم على المضي في مطالبهم برحيل الطبقة السياسية التي أدارت البلاد طيلة السنوات الـ16 الماضية لفشلها في تثبيت ركائز الدولة.

وقال المتظاهر عبد الباري منير، للأناضول، إن “الأحزاب السياسية لغاية الآن لم تدرك ما الذي يريده الشعب الذي تحدى الرصاص الحي وصمد لأيام بوجههم”.

وأشار أن “ما تم إعلانه وما يخططون لتنفيذه من استبدال رئيس وزراء برئيس وزراء آخر أو إقرار قوانين أو تعديل أخرى، ليست من أولويات مطالب المتظاهرين”.

وأوضح منير: “ما تطلبه ساحات الاعتصامات والتظاهرات هو إنهاء هيمنة الأحزاب السياسية على إدارة الدولة، جميع الأحزاب منحت فرصة لادارة البلاد طيلة الـ16 عاما، لكنها فشلت فشلا ذريعا”.

وتابع: “احتجاجات اليوم تعتبر الأكبر من نوعها منذ 16 عاما، بعد مشاركة جميع طبقات المجتمع، كما أن موقف المرجع الديني علي السيستاني الداعم للاحتجاجات كان له الأثر الكبير في نفوس المحتجين”.

وعبر مئات العراقيين في “ساحة التحرير” عن استيائهم من تدخل إيران في الشؤون الداخلية للعراق ولا سيما في أزمة الاحتجاجات، مرددين هتاف “إيران برا برا.. بغداد تبقى حرة”، وفق مراسل الأناضول.

وقال متظاهر في ساحة التحرير، عرّف عن نفسه باسم مجدي الكاظم، للأناضول، إن “إيران تتدخل على نحو سافر بشؤون العراق الداخلية، وتعمل على إنقاذ حكومة (رئيس الحكومة عادل) عبد المهدي”.

وأضاف، أن “(المرشد الإيراني علي) خامنئي وصف المتظاهرين العراقيين بالمشاغبين، وما إلى ذلك من أوصاف قبيحة. كما دعا علنا أذنابها من الميليشيات لقمع المتظاهرين”.

ولم تقتصر الاحتجاجات على ساحات الاعتصام المحددة في بغداد والمحافظات، بل نظم آخرون مسيرات بطوابير من السيارات جابت الشوارع ورفعت لافتات تطالب بتغيير شامل للوضع السياسي.

وشهدت احتجاجات الـ24 ساعة الماضية مقتل متظاهرين اثنين وإصابة عشرات بجروح جراء تعرضهم لانفجار القنابل المسيلة للدموع في ساحة التحرير وسط العاصمة، بحسب مصدر طبي ومفوضية حقوق الإنسان.

وفي الأثناء، ألقى زعيم ائتلاف “الفتح” في العراق، هادي العامري، باللوم على النظام البرلماني.

وقال العامري في بيان، إن حل أزمة الاحتجاجات الحالية يكمن في “ضرورة إعادة صياغة العملية السياسية من جديد، تحت سقف الدستور، ومن خلال إجراء تعديلات دستورية جوهرية”.

وأضاف أن “النظام البرلماني ثبت فشله ولم يعد يجدي نفعا، ولذلك لابد من تعديله إلى نظام آخر يناسب وضعنا”.

وأشار العامري أن “الحكومات المحلية (مجالس المحافظات والمحافظين) هي الأخرى ثبت فشلها أيضا، ولابد من إلغاء مجالس المحافظات وأن يكون انتخاب المحافظ مباشرة من قبل الشعب”.

وائتلاف “الفتح” بزعامة العامري هو ثاني أكبر كتلة في البرلمان، ويتكون في الغالب من أذرع سياسية لفصائل الحشد الشعب التي يرتبط بعض قادتها بصلات وثيقة مع إيران.

من جانبه، قال وزير الخارجية الأمريكي مارك بومبيو، في بيان، إنه “ينبغي على الحكومة العراقية أن تستمع إلى المطالب المشروعة للشعب الذي خرج إلى الشوارع لكي يوصل صوته”.

ولفت بومبيو إلى أن “الولايات المتحدة تراقب الوضع عن كثب وقد دعونا منذ البداية جميع الأطراف إلى نبذ العنف”.

وتابع بالقول: “افتقر التحقيق الذي أجرته الحكومة العراقية في أحداث العنف في أوائل أكتوبر (تشرين الأول) إلى المصداقية الكافية، ويستحق الشعب العراقي المساءلة والعدالة الحقيقيين”.

ويشهد العراق، منذ 25 تشرين الأول/أكتوبر المنصرم، موجة احتجاجات متصاعدة مناهضة للحكومة، وهي الثانية من نوعها بعد أخرى سبقتها بنحو أسبوعين.

وتخللت الاحتجاجات أعمال عنف واسعة خلفت 250 قتيلا على الأقل فضلا عن آلاف الجرحى في مواجهات بين المتظاهرين من جهة وقوات الأمن ومسلحي فصائل شيعية مقربة من إيران من جهة أخرى.

وطالب المحتجون في البداية بتحسين الخدمات العامة، وتوفير فرص عمل، ومكافحة الفساد، قبل أن يرتفع سقف مطالبهم إلى إسقاط الحكومة؛ إثر استخدام الجيش وقوات الأمن العنف المفرط بحقهم، وهو ما أقرت به الحكومة، ووعدت بمحاسبة المسؤولين عنه.

ومنذ بدء الاحتجاجات، تبنت حكومة عادل عبد المهدي عدة حزم إصلاحات في قطاعات متعددة، لكنها لم ترض المحتجين، الذين يصرون على إسقاط الحكومة.

ويسود استياء واسع في البلاد من تعامل الحكومة العنيف مع الاحتجاجات، فيما يعتقد مراقبون أن موجة الاحتجاجات الجديدة ستشكل ضغوطا متزايدة على حكومة عبد المهدي، وقد تؤدي في النهاية إلى الإطاحة بها.

Related posts

فايننشال تايمز: كوشنر خارج فريق ترمب الرئاسي

السماح بدخول الأردنيين لحضور مباراة النشامى مع العراق بدون تأشيرة

رئيسة بلدية أمستردام تعلن تعزيز الإجراءات الأمنية…. “أشعر بالخزي” جراء الصدامات