لبنان الوعي والأمل والغد المشرق / منيب رشيد المصري

لم تكتف حرائق لبنان من التهام الطبيعة الجغرافية لبلد يعاني من تحديات جمة، ويتربص به أعداء كثر أقربهم وأخطرهم على الحدود الجنوبية، عدو لا يوفر جهدا ولا وقتا لاستهداف لبنان الأرض والشعب والنسيج الإجتماعي والوحدة الوطنية، لتمتد هذه الحرائق لتشعل شعبا خامدا صبر على الفقر والالم والظروف المعيشية الصعبة وليبدأ حراكا هو الأقوى على الإطلاق.

نعم من حق الشعوب وتحديدا الشعب اللبناني أن يطالب بحياة كريمة، وبكامل حقوقه المدنية والسياسية والإقتصادية، من حقه أن يحارب الفساد ويرفضه رفضا باتا، من حقه أن يشارك سياسيا وبمختلف المستويات، من حقه أن يحارب البطالة والفقر والجوع والترهل الإداري، ومن حقه أن يحلم ويعمل لأجل مستقبل أفضل له ولأبنائه، نعم من حقهم أن يشعر أبناء هذا الشعب العظيم أن لبنان وطنهم لهم وليس لغيرهم أو لسواهم وأن لا يتمنون وطنا آخرا على الإطلاق.

والشعب اللبناني الذي راهن الجميع على انقساماته وطائفيته وتعدد ألوانه سياسيا واجتماعيا ودينيا كوسيلة لإشعال الفتنة والحرب الأهلية عبر التاريخ يثبت اليوم بوعيه ووطنيته ووحدته وثقافته أن هذا الزمن قد ولى، وقد حل مكانه زمان البناء والثورة لأجل البناء وليس لأجل الخراب أو الإنقسام.

نعم نفتخر ومثلنا كل العالم الحر بالشعب اللبناني البطل الذي توحد لأجل لبنان، ولأجل قوة لبنان ولأجل مستقبل لبنان، كم أثلجت صدورنا صورة المسيحي والسني والشيعي والدرزي وهم يقفون وقفة الرجل الواحد لأجل لبنان، وكم بعثت فينا صور المتظاهرين الفخر والإعتزاز وهم يرفعون العلم اللبناني وحده دون سواه، وكما أبكتنا اصوات الشباب اللبناني الثائر وهم يهتفون حبا لوطنهم ولكرامة وطنهم.

أما الصورة الأجمل فقد كانت صورتهم وهم يهتفون لفلسطين وللقدس وهم يهتفون ضد الاحتلال وهم يتوشحون بالكوفية الفلسطينية على أنغام موطني وكأنهم يطرقون مسمارا جديدا في نعش صفقة القرن المشؤومة، وكأنهم يقولون بأعلى صوتهم بأن القضية الفلسطينية هي قضية الشعوب الأولى ولا تنازل أو مساومة عليها. نعم شكرا للشعب اللبناني الذي صرخ من قلبه باسم الشعوب العربية أن صفقة القرن لن تمر.

كل التحية للبنان بأطفاله ونسائه وشيوخه وشبابه وجيشه وأحراره كل التحية للبنان من شماله إلى جنوبه كل التحية للبنان بترابه وهوائه وأرضه وسمائه ورسالتنا للبنانيين جميعا هذا وطنكم أمانة في أعناقكم وأنتم أهل هذه الأمانة.

نحن معكم لأجلكم ولأجل لبنان ولكن دون تدمير أو خراب، نحن معكم ومع كل مطالبكم ولكن دون عنف أو انقسام، نحن معكم ومع أحلامكم ولكن دون قذف أو ضياع، نحن معكم لأنكم الامل ولأنكم صمام أمان الشعوب العربية بأسرها ولأنكم شعب ثائر لأجل كل القضايا العربية العادلة، ولانكم الاجمل والابهى والانقى والأرقى في هذا الزمن الأغبر.

أما رسالتنا للقيادة اللبنانية فعنوانها واحد لا بديل له ويتمثل بأهمية احتضان الجماهير وكل مطلابها والانضمام الفوري لهذه الثورة والانطلاق من خلالها ببرنامج تنموي وإصلاحي شامل يضمن أفضل مستقبل للبنان واللبنانيين.

نريدكم كما أنتم نموذجا لكل أحرار العالم في الحفاظ على وطنكم ووحدته وكافة مقدراته، وتذكروا دائما أن الوحدة والإرادة والأمل والحرية والكرامة والتكافل والريادة والابتكار هي دروب بناء لبنان الغد، وهذه الدروب لا يمكن أن نسلكها إلا موحدين، منفتحين، طامحين، سالمين متسلحين بإرادة واحدة عنوان لبنان فوق الجميع وكلنا لأجله ولأجل مستقبله.

شاهد أيضاً

جريمة مسرح موسكو وخطر الإرهاب* د. سالم الكتبي

عروبة الإخباري  – لم يغب الإرهاب عن قائمة التحديات التي تواجه العالم، حيث تتكاثر أجياله …