الفاخوري والوزني .. تمرين حيّ لحل مشكلة استثمارية

عروبة الاخباري- كتب سلطان الحطاب –

أمس شهدنا في مؤتمر صحفي في موقع فندق ريتز كارلتون اعلان نتائج التمرين الحي لكيفية حل مشكلة استثمار أردني في مجال قطاع الخدمات بعد أن تأزم تطبيق قانون الاستثمار نتاج اجتهادات ارتجالية او غير مكتملة القراءة…

 كنت أقول قبل عدة سنوات حين كنت أرى كيف تختنق مشاريع ضخمة بين يدي موظفين يحملون عقلية لا علاقة لها بالاستثمار بل انها معادية لها بفعل  ثقافتها وإحساسها الشخصي أننا الدولة الثالثة مع كوبا وكوريا الشمالية في النظرة للاستثمار والتحوط منه  والتخوف من التعامل معه..

ولذا كان الفساد يتراكم خارج اشكال البيروقراطية ليكسر حلقاتها….

 لا غبار على كثير من قوانين الاستثمار التي جرى تطويرها ولكن الجحيم يكمن في التفاصيل وفي إعراب جملة الإستثمار وفي التطبيق والتنفيذ حيث تنقلب الاشياء…

ما واجهه إستثمار فندق ريتز كارلتون واحد من هذه النماذج،إذ أن هذا المشروع الكبير الذي تزداد كلفته عن 300 مليون دينار والذي أنجز نصفه حتى الان (أي نصف الكلفة) وكان من المتوقع ان ينتهي في آذار عام 2021 واجه عرقلة بما تكمن في حرمانه من الامتيازات التي أعطيت لاستثمارات أجنبية تتعلق بالضرائب والجمارك والإعفاءات وغيرها…المشروع هو لمستثمر أردني (السيد توفيق فاخوري) الذي موله بالكامل…

 و حين بدأ المشروع يتقدم في الانجاز واجه عقبات فقام المستثمر بمحاولة حلها مع جهات الإستثمار الرسمية، فكانت مخاطبات وحوارات عديدة مع كل الأطراف المعنية، ابتداء من رئيس الوزراء الدكتور عمر الرزاز ومروراً بوزير المالية وحتى أمانة عمان الكبرى و وصولاً إلى هيئة الإستثمار…

 صاحب المشروع هدد بوقفه نتيجة استمرار العقبات وقد لاحظ الرأي العام ذلك…

 أمس الأول شاهدنا نتائج المحادثات التي تمخضت عن توافق جرى إعلانه وكان الفضل فيه كما جاء على لسان السيد فاخوري للتوجيهات الجديدة التي لعب الدكتور خالد الوزني رئيس هيئة الاستثمار دوراً ملموساً  فيها، وتفهما تجاوز العقبات وهذا ما أسس لتوجه جديد يقوم على توحيد المرجعية الاستثمارية وجعل النافذة الاستثمارية مقررة وليست ناقلة رسائل وهذا ما تفهمه رئيس الوزراء ويعمل على تحقيقه مع الدكتور خالد الوزني…

اعتقد أن التوجهات الإيجابية التي يحملها الدكتور الوزني قد قدمت نموذجا اسماه تمرينا وأضفت الى وصفه “بالذخيرة الحّية” كما يفعل الجنود ليقيّموا بعد ذلك نتائج التمرين الذي استمعنا لتقييمه أمس دون الدخول الى التفاصيل…

اشارات الرضا والشكر والثناء كانت بادية على ملامح ولسان السيد توفيق الفاخوري الذي يتقن  لعبة التفاوض حتى وان كانت على الحافة وكان مستعدا بالفعل لوقف المشروع الذي كان يحس قبل الحل انه جرى خذلانه بإجراءات غير منصفه لا تساويه بالمستثمر الأجنبي…

 الفاخوري لم يحقق أهدافا إيجابية لنفسه فقط بل كشف عن اخطاء التطبيقات لقانون الإستثمار وعن الاجتهادات التي ظلت تصيب استثمارات كثيرة تؤدي  الى هربها ورحيلها وتصفيتها…

لا يدرك كثير من الذين يعملون في ميدان الإستثمار بروح متشنجة أن الاستثمار سلعة نادرة الآن وحساسة وأنه يحتاج الى عقليات مختلفة وإجراءات خاصة ومشجعة تأخذ بعين الإعتبار وأن العرض في فرص الاستثمار هي أقل بكثير من الطلب عليها، وأن هذه الفرص اذا ما اتيحت فيجب الامساك بها، لأن فيها الرهان على حل مشاكل البطالة والاقتصاد الوطني وتحسين النمو فهذا المشروع فنادق الريتز كارلتون بعمان سيشغل اكثر من (500) فرصة عمل مباشرة غير ما ينبثق عنها من مئات فرص العمل…

 النقد الذاتي الذي وجهه الدكتور خالد الوزني لإجراءات الإستثمار كفيلة بإصلاح وإعادة إنتاج الإجراءات على أسس اكثر صلاحية وموضوعية وفائدة وطنية، لقد ارتحت لما قاله الدكتور خالد الوزني واعتقد أنه أمسك بالمشكلة، ووضع النقاط على الحروف وبدأ في إعراب جملة الإستثمار التي كانت تستعصي وتصبح جملة معترضة بدل أن تكون على شكل مبتدأ وخبر واضحين…

 لابد من كسر عقلية البداوة في الاستثمار ولابد من الاعتقاد بأن بناء الاقتصاد الوطني يعلو بجلب الاستثمارات وحمايتها، و توفير الفرصة التنافسية فيها..

 لقد وفر مناخ الاستقرار النسبي في الأردن والمختلف عن مناخ المنطقة والإقليم العاصف ميزات تنافسية ملموسة لم نستفد منها وبدل من تفعيل ذلك أضعنا كثيرا من الفرص حين تركنا بناء فرص الإستثمار واستدراجها لافراد أو جهات غير مؤَمّنة وغير كفؤة وخائفة من التطبيق وتحمل المسؤولية و حين لم تدرك ان معالجة الإقتصاد وإنتشاله من الركود والتراجع لا يتم الا بتعزيز فرص الاستثمار والتعظيم لعوائدها…

 بعد ان قامت التسوية الناجحة التي حصلت بعد خروج الطرفين الحكومة ممثلة في الدكتور خالد الوزني رئيس هيئة الاستثمار، والقطاع الخاص ممثلاً بالمستثمر توفيق فاخوري، فإن هذا النجاح و عودة المشروع الذي يشتغل فيه الان اكثر من 1500 عامل كنا نسمع وقع عملهم ونحن نجلس وسط المشروع …هذا النجاح يجب ان ينسحب على أكثر من 25 مشروع متعثر او معلق او يحتاج الى (دفشة صغيرة) كما يقولون…

الحكومة لا تخسر شيئا حين تتعامل مع المستثمرين بمحبة ورضى و تشجيع، وحين تعمل على ارضائهم ضمن القوانين المرعية والمشرعة… بل ان واجبها ذلك وان عملها معهم يجب ان يتميز عن عمل حكومات عديدة في الاقليم لتبقي المستثمرين في الأردن او لتبقيهم يتطلعون للإستثمار في الاردن…

 ويبدو لي أن الدكتور الوزني الذي تحدث بعلمية وتوازن وبدون مجاملة قد وضع يده على الخلل وهو يتطلع لتوفير ارادة قوية خلفه تدعمه وهي في اعتقاده متوفرة الآن في اقتناع رئيس الوزراء بدمج المرجعيات الاستثمارية وتمكينها من القدرة على التنفيذ والأداء من خلال مرجعية واحدة كثر الحديث عنها وعن مواصفاتها منذ عقود دون ان تتقدم تلك الصيغ ….

 المشكلة ليست في رأس هرم المسؤولية الاستثمارية أو في موقع الوظيفة الأولى غالبا وإنما في الموظف الصغير الذي لا تصله التعليمات المكتوبة وان وصلته فإنه اما انه لم يفهمها أو أنه يجتهد فيها على هواه او يطوع نصوصها لجهة المنع والإعاقة…

أدرك أن الوزني ومنذ جاء إلى موقعه وهو يتابع ميدانياً ويلتقي ويحاور وهو يحضر المؤتمر الصحفي ويتحدث الينا ويحاول ان ينشر التفاؤل وهذا نهج سيجد ان كثيرا من المستثمرين يتقبلونه ويشجعونه ويحرصون عليه.

 المطلوب مرجعية استثمارية واحدة بصلاحياته واسعة ومرنة وتنفيدية وحوار واسع مع المستثمرين ومقابلتهم والاستماع الى أدق شكواهم مهما تنوعت او ابتعدت وجعلها كلها في اطار استثمارهم فليس معقول ان يسمح للمستثمر بالدخول ولا يسمح لأفراد عائلته او يسمح للمستثمر بامتيازات تقرها التشريعات ثم لا تلبث ان تصادر لعدم إستقرار  التشريعات أو الاجتهادات أو إجراءات طارئة….

 كان لقاء أمس بين الحكومة والقطاع الخاص في تمرين أو نموذج الريتز كارلتون إيجابياً ونطالب بتعميمه ونحن على إستعداد لحضور مؤتمر صحفي يومياً لحل المشاكل العالقة التي تحدث عنها الدكتور الوزني فليس سهلا ان نجد في كل يوم مستثمر مليء وفاعل ووطني مثل السيد توفيق فاخوري…

شاهد أيضاً

البطالة تتمدد.. والحكومة تتفرج!* أسرار جوهر حيات

عروبة الإخباري – لا يمكن إنكار أن ملف التوظيف في الكويت أصبح مرهقاً للدولة، فالأجهزة …