عروبة الإخباري – مقال تحليلي بقلم آدم تايلور
تمر إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بأوقات صعبة للغاية، وربما في نفس الوقت تسببت الأزمات الأخيرة في إثارة قلق حلفاء الرئيس الأوروبيين لاسيما المقربين منهم. فمن بريطانيا إلى أستراليا واليابان إلى المملكة العربية السعودية، ربما يتساءل القادة الأجانب الذين قرروا المراهنة على زعيم أمريكا الذي لا يمكن التنبؤ بأفعاله، ما إذا كانوا قد راهنوا رهانا صحيحا أم لا.
في الولايات المتحدة، أثارت الفضيحة المدوية حول مكالمة الرئيس ترامب الهاتفية في يوليو مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي زيادة في الزخم المطالب بإقالته. ويجادل الديمقراطيون بأن المكالمة الهاتفية- التي طلب فيها ترامب من زيلينسكي بفتح تحقيق جنائي ضد ابن أحد منافسيه- ترقى إلى مستوى إساءة استخدام المنصب.
لكن الفضيحة حول محادثة ترامب الخاصة مع زيلينسكي أثارت المزيد من التدقيق للتفاعلات بين إدارة ترامب وحلفاء أجانب آخرين أصدقاء لترامب.
ويضغط المدعي العام الأمريكي ويليام ب. بار على حلفاء أجانب مثل بريطانيا وأستراليا وإيطاليا للحصول على معلومات قد تشوه تحقيق وكالات الاستخبارات الأمريكية لعلاقات محتملة بين روسيا وأعضاء حملة ترامب خلال انتخابات عام 2016.
وأفادت تقارير بأن ترامب دفع رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون ورئيس الوزراء الأسترالي سكوت موريسون للحصول على معلومات. وسعى جونسون وموريسون للحفاظ على علاقات جيدة مع ترامب، ولكن في كلا البلدين، يعتبر الرئيس الأمريكي شخصية غير شعبية. ووفقًا لاستطلاع للرأي، قال 32% من الأستراليين و28% من البريطانيين في العام الماضي إنهم يثقون في ترامب.
والانتكاسات المفاجئة لسياسة الرئيس وميله إلى التنقل سريعا بين الإطراء والتهديد، تركت في الآونة الأخيرة بعض الحلفاء يتساءلون عن موعد نفاد حظوظهم.
لقد وجدت المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة- وهما من أوائل الداعمين الأجانب والأكثر حماسة لإدارة ترامب- نفسها عالقة بين استعداد الرئيس الأمريكي للمخاطرة بتفجير صراع مع إيران وحرصه في الوقت نفسه على عقد قمة مع الرئيس الإيراني حسن روحاني.
وفي مقابلة مع برنامج “60 دقيقة” بشبكة سي بي إس نيوز، تخطى الشاب القوي محمد بن سلمان، ولي عهد المملكة العربية السعودية، مؤخرًا فكرة الدعم لمواجهة عسكرية مع إيران، وقال متحدث باسم الحكومة الإيرانية يوم الاثنين إن المملكة العربية السعودية قد بعثت برسائل إلى الرئيس الإيراني عبر زعيم دولة أخرى. وتأتي هذه الخطوات في أعقاب قرار الإمارات العربية المتحدة بالانسحاب من الحرب في اليمن؛ حيث تحارب الحوثيين المدعومين من إيران.
وغازلت كل من الرياض وأبوظبي إدارة ترامب بدعم جيوسياسي وترتيبات تجارية مع الولايات المتحدة، لكن عندما تزايدت الضغوط- بعدما جرى الهجوم على منشآت نفط سعودية الشهر الماضي- أصبح من الواضح أن لدى الدولتين الكثير من الشكوك حول خسارة الولايات المتحدة الصراع مع إيران.
وهناك موقف مشابه يجري في الشرق الأقصى؛ حيث تشعر كل من كوريا الجنوبية واليابان بخيبة أمل متزامنة مع مفاوضات ترامب مع كوريا الشمالية وإن كان ذلك لأسباب مغايرة. فإطلاق صاروخ باليستي من قبل كوريا الشمالية يوم الأربعاء، ربما من غواصة، يمكن أن يزيد الشعور بالقلق لكلا البلدين فقط، مع استئناف محادثات واشنطن- بيونج يانج.
ودفع رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي ترامب للحفاظ على نهج متشدد تجاه كوريا الشمالية دون نجاح يذكر. ولا تزال كوريا الشمالية تختبر صواريخها. ودفع الرئيس الكوري الجنوبي مون جاي إن نحو إجراء محادثات، لكن الخلاف الذي بدا مستعصيًا على العقوبات الأمريكية ونزع السلاح النووي لكوريا الشمالية، إلى جانب المخاوف الأمنية الوطنية لبلاده، كل ذلك ساعد في خفض نسبة تأييد ترامب إلى النصف.
حتى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بصفته “حليفًا ترامبياً” كما كان من قبل، وجد أن صداقة الزعيم الأمريكي قد تكون سريعة. وراقب نتنياهو تواصل ترامب مع إيران بقلق، ومع تصاعد الضغوط السياسية الداخلية، رأى أن ترامب ينأى بنفسه عنه.
ولا يمكن إلقاء اللوم على الدول الأجنبية لمحاولتها التحالف مع ترامب، إذ تبقى الولايات المتحدة أقوى دولة في العالم. وبطريقة أو أخرى، يتوجب على جميع قادة العالم التعامل مع الرئيس، ومن المنطقي محاولة القيام بذلك ولكن بشروط ودية.
في النهاية، تخلى بعض المنافسين للولايات المتحدة عن التعامل مع إدارة ترامب. وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا إن إصدار نسخة تقريبية من محادثة ترامب السرية مع زيلينسكي يظهر مخاطر إجراء محادثات مع الولايات المتحدة.
أما الصين، والتي تنتهج مؤخرًا سياسة انتظار التخلص من إدارة ترامب بدلاً من محاولة التعامل معها، قد ينتهي بها المطاف إلى أن تكون أحد الفائزين في الفضائح التي تغمر ترامب. ويقول المحللون إن الضغط على ترامب قد يدفعه إلى قبول “صفقة غير كاملة”. وراهنت بكين على أن ترامب سينهي ولايته الأولى في حالة ضعف، وهذا يبدو وكأنه الرهان الأكثر حكمة.