عروبة الإخباري – ميعاد خاطر – منذ النكبة الفلسطينية عام 1948 وحتى يومنا هذا ،ما زالت صبارين القرية الفلسطينية التابعة لقضاء حيفا حاضرة في اذهان ابنائها.. رغم التشريد والقتل والهدم والمصادرة إلا أن شوارع وبيوت وأبار ومدارس وشجر صبارين لم تغب من الذاكرة ، يجاهد أبناؤها كل في مجاله لتعمر القلوب بحب تراب صبارين شعرا وغناء وزجلا وقصة وحكايا وما احتفظوا به من قواشين ولباس وأغراض استطاعوا حملها…
هذا ما عانيته وأدهشني قبل أيام وأنا احضر لقاء شعبيا مميزا لأهالي صبارين في الأردن دعا له ديوان وجمعية صبارين الخيرية بالتعاون مع الجمعية الأردنية للعودة واللاجئين وجاء اللقاء بعنوان ” صبارين بين الماضي والحاضر”.
كان اللقاء حميما رغم سكن اكثرهم في الرصيفة حيث اجتمعت العائلات التي عاشت في صبارين لتحن إلى ماضيها وتنظر إلى مستقبلها.
رئيس جمعية صبارين الخيرية الشيخ حسن غنيمة قال في كلمة نيابة عن الهيئة العامة للجمعية والديوان ، أن الامة والعربية والاسلامية تمر في مرحلة حرجة من تاريخها عاث الاسرائيليون فيها وحاولوا طمس الهوية وإلغاء القضية الفلسطينية، وقال أن هذا اللقاء جاء ردا عليهم، وأكد أن جلالة الملك عبدالله الثاني جعل القضية الفلسطينية على رأس اولوياته داعما ومساندا للشعب الفلسطيني في نيل حقوقه المشروعة.
وألقى خلال اللقاء الذي أداره الشيخ جهاد الشافعي كل من الاستاذ كاظم عايش رئيس الجمعية الاردنية للعودة واللاجئين كلمة تلاها موال زجلي لابو فراس العنبتاوي .ثم القى الشاعر علي الشافعي قصيدة شعرية واخرى القاها الاستاذ حسن ابو كبير للشاعر علي الشافعي وكلمة للمختار محمود الصالح وقصيدة للشاعر عدنان عصفور..
وكان ضيف الشرف في اللقاء الناشط بكار الفحماوي العائد للتو من صبارين بعد أن تجول في اراضيها شمالا وجنوبا شرقا وغربا يوثق بكاميرته ما تبقى من إثار كانت ومازالت ماثلة تظهر مدارسها وأبارها وجمال بنائها وطرقها وشجرها المُعمر وجبالها الخضراء الساحرة .
فقد تحدث باسهاب حول عشقه لصبارين وزيارته لها وعلق عبر الداتا شو على كل صورة بتفاصيلها.
كما سرد بشكل مفصل جميع قرى صبارين وأحيائها والعائلات التي سكنتها، كذلك رجالات صبارين في فلسطين وفي الأردن.
في الحقيقة.. استسلمت طائعا في النظر إلى حاج كبير في السن “ابو مفيد” عاش في صبارين وهو يثني ويؤكد يرفع يده تارة ويهز راسه تارة أخرى ، كأن تفاصيل الماضي ماثلة أمامه.
وتشغلني الصور أثناء العرض ..قد خُيّل إليّ بأني أزورها .. لا أدري ما السر الذي شدني فيها ، لكنها تعيدني ألى ما عاناه الفلسطينيون من ظلم وقهر.
أحببت صبارين لأن زوجتي منها من عائلة العبهري المعروفة بنضالها فقد استشهد في عام 1948من البلدة عشرون شابا على يد الاحتلال الصهيوني أمام أنظار أهاليهم ولصبارين وجه نضالي مشرق وهو الشهيد المناضل الكبير حسن العلي “أبو حلمي”.. أحببت صبارين لعراقة عائلاتها وطيب رجالها.. وحبهم لها
عند ذكر صبارين يتبادر إلى الذهن ما كتبه ابن صبارين المرحوم الشاعر الدكتور عمر حيدر أمين العبهري في قصيدته المشهورة عن صبارين” لن تمنعونا” والتي لاقت صدى كبير.كانت صبارين تسري في عروقه سريان الدم في الوريد قال فيها:
لـــن تمنعونا أن نمـــوت رجالا مهما ركبتم في الضلال ضلالا
أبُنيّ لـــن يقضوا على أحلامنا أبـدا ولو زرعــوا المـدى أغلالا
ستظلُّ صبارين تجري في دمي ويظل شعري باسمها مختالا
ما زلـــــت أحلم أن أقبل ترابها وأعانق الأحجـــــــــار والادغالا
وعلى ثرى الفوار أسحب مئزري والفجـــــــر يتلو للندى مــوالا
أولم يـزل شـــجر المطلّة وارفا يحنو على الغُلف العُصاة ظلالا
هل ظــــل ماؤك يا خضيرةُ جاريا متدفقــا للغاصبيـــــن حلالا
والأرض عطشــى عندنا وقلوبنا لا تدرك الماء الأُجـــاج خيالا
أبُنيّ قد شكـــت الركائبُ بثها للظاعنين وملّـــــت الترحالا
نقفو السراب وما نقيمُ ببلدة إلا نلاقــــي غربة وســؤالا!!
أبُنيّ لا تصغي الحياة لخانع نسي القتـــال وأدمن الإذلالا
وبكى على الاطلال وهو مقيد نحـــو الوراء يناشد الأطلالا
أبُني ما زال العـــدوُ مدججا بسلاحه وبأرضنا جوالا
والعرب قد فقدوا الصواب وسلموا تاريخنا واستغفلوا استغفالا
يتدافعــون وراء آل خــــادع هل تُنبت الصحراء إلا آلا..
ابُنيّ لو فرضوا الحلول وقدموا في عجزهم ما يُخجل الاجيالا
لن يُجبرونا أن نُغير جلدنا أو يمنعونا أن نموت رجالا…