الأردن والمقدسات: الممكن والمتاح / فهد الخيطان

في الممكن والمتاح لايوفر الأردن وسيلة إلا ويوظفها للجم العدوانية الصهيونية في القدس والمسجد الأقصى.والممكن والمتاح هنا ليس بالمعنى الدبلوماسي فقط،بل السياسي،عربيا ودوليا.

المشهد العربي لايخفى على مواطن أردني وفلسطيني وعربي، فباستثناء المواقف الأردنية المتواترة حيال مايجري في القدس لا نسمع من نظامنا العربي الرسمي أي إشارة ولو من باب المجاملة الدبلوماسية.

دوليا لايجد الأردن سوى الاتحاد الأوروبي لتنسيق المواقف معه واستجلاب دعمه لقرارات الشرعية الدولية. الإدارة الأميركية التي اعتدنا في السابق على دورها في خفض مستوى التصعيد الإسرائيلي عندما يتجاوز الحدود، تقف اليوم في الخندق الأمامي دفاعا عن السياسة العدوانية لحكومة نتنياهو،لا بل تسبق اليمين الإسرائيلي في سياساتها العدائية تجاه الفلسطينيين.

لهذه الاعتبارات يتعين على صانعي السياسة الأردنية والمؤثرين فيها أن يتعاملوا بأقصى درجات الحذر مع كل خطوة يخطونها في ملف العلاقات الشائكة مع إسرائيل.

دائما ما يؤكد الأردن على أن القدس والمقدسات وثوابت الحل العادل للقضية الفلسطينية هي فقط خطوط حمراء لايمكن تخطيها،لكنه لم يقل يوما أن معاهدة السلام مع إسرائيل ضمن هذه القائمة من المواقف والثوابت.

يجدر هنا أن نذكر بأن الاعتراف العالمي من قوى إسلامية ودولية وازنة بالوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس والدور الأردني في إدارتها يستند من الناحية القانونية إلى بند في معاهدة السلام،وإذا ما تم إلغاء المعاهدة اليوم فإن هذا البند وما ترتب عليه من مواقف دولية ستصبح في حكم الملغاة.

لابأس في ذلك إن كان هناك بديل عند الدول العربية والإسلامية يضمن تحقيق الغاية المنشودة وهي حماية المقدسات من التهويد، والمحافظة على الوضع القائم لحين قيام دولة فلسطينية مستقلة تتولى السيادة على هذه المقدسات. حتى اللحظة لم تقدم دولة عربية أو إسلامية تصورا بديلا للدور الأردني ولهذا تدعم جميعها خيار الوضع القائم.

شعبيا، المعاهدة لاتنقض الرواية الأردنية المستقرة في وجداننا جميعا ومفادها أن إسرائيل عدو يحتل أرضا عربية في فلسطين والجولان،وبيننا عقود من الصراع لا نغفر ولا نسامح ما حل فيها من وحشية وعدوان ولاننسى دماء شهدائنا مهما طال الزمن.

لكن للسياسة قواعد أخرى تمارسها الدول وفق مقتضيات المصالح العليا للوطن وبما يكفل عدم التنازل عن الحقوق والثوابت.

في الأزمات السابقة بشأن الأقصى وسواه من المقدسات في القدس، وما أكثرها، دائما ما تمكن الأردن وعبر أدواته السياسية والدبلوماسية وشبكة علاقاته الدولية من تصويب الموقف، استعادة الوضع القائم، وكف يد العدوانية تجاه المقدسات،ولنا في أزمة البوابات والكاميرات خير مثال.

والمؤكد أيضا أن الدبلوماسية الأردنية ما كانت لتحقق غاياتها لولا بسالة المقدسيين وصمود الفلسطينيين على أرضهم. وقد بح صوت الأردن وهو يدعو العرب لتقديم كل أشكال الدعم لتمكين الفلسطينيين على أرضهم ودعم صمودهم باعتباره الخيار الاستراتيجي المجرب في مقاومة التهويد والاستيطان الصهيوني.

مشكلة الأمة ليست في نقص الخيارات المتاحة، إنما في القدرات على الوفاء بها. ووسط هذا العجز لاتجعلوا من الأردن خيارا أوبديلا لعجز الأمة.

Related posts

سكوت ريتر: لماذا لم أعد أقف مع إسرائيل؟ ولن أقف معها مرة أخرى

ماذا لو فاز ترمب … وماذا لو فازت هاريس؟* هاني المصري

الأمم المتحدة…لنظام عالمي جديد ؟* د فوزي علي السمهوري