عروبة الإخباري – أصدر مكتب الإعلام لمجلس الدولة الصيني اليوم الأحد كتابا أبيض حول مسائل تاريخية متعلقة بمنطقة شينجيانغ الويغورية ذاتية الحكم فى شمال غربي الصين.
شينجيانغ ظلت دوما جزءا لا يتجزأ من الأراضي الصينية
بحسب الكتاب الأبيض تحت عنوان “مسائل تاريخية متعلقة بشينجيانغ”، فإنه منذ أسرة هان (206 ق.م-220 م) وحتى أواسط وأواخر أسرة تشينغ (1644-1911)، كان يطلق رسميا على المناطق الشاسعة في كل من شمال وجنوب جبال تيانشان في شينجيانغ اسم المناطق الغربية. وتم رسميا اعتبار شينجيانغ ضمن الأراضي الصينية إبان أسرة هان.
وأوضح الكتاب أن الأسر اللاحقة في السهول الوسطى، والتي كان بعضها قويا وبعضها ضعيفا، حافظت على اتصال وثيق أو ضعيف مع المناطق الغربية، وأن السلطات المركزية مارست إدارة قوية أو ضعيفة على شينجيانغ.
وأضاف الكتاب “لكن كل هذه الأسر اعتبرت المناطق الغربية جزءا من الأراضي الصينية ومارست حق الولاية على شينجيانغ”.
وخلال عملية التشكيل الطويلة لتحويل الصين إلى دولة موحدة متعددة العرقيات، عملت العديد من المجموعات العرقية معا لتطوير أراضيها الشاسعة وبناء الأمة الصينية المتنوعة.
وأشار الكتاب الأبيض إلى أن توحيد الصين المتعددة الأعراق، كان نتيجة جهود مشتركة من قبل الأمة الصينية بأسرها، بما في ذلك المجموعات العرقية في شينجيانغ.
شينجيانغ لم تكن أبداً “تركستان الشرقية”
وأوضح الكتاب أنه لطالما ظلت شينجيانغ جزءًا لا يتجزأ من الأراضي الصينية، وأنها لم يطلق عليها أبدا ما يسمى بـ “تركستان الشرقية”، وأنْ لا وجودَ أبداً لدولة عُرِفَت باسم “تركستان الشرقية”. وقال الكتاب الأبيض إن قومية الويغور ظهرت خلال عملية طويلة من الهجرة والاندماج، مضيفا أنها جزء من الأمة الصينية.
وأضاف أن الأتراك كانوا بدواً رُحَّلاً ترجع أصولهم إلى جبال آلتاي في أواسط القرن السادس الميلادي. وفي أواخر القرن الثامن الميلادي، انفرط عقدهم بعد انهيار آخر خاناتهم.
وتابع الكتاب الأبيض: ” اختلط البدو الأتراك مع قبائل محلية خلال ترحالهم إلى وسط وغربي آسيا، لكن الشعوب المُشَكّلة حديثاً كانت مُختلفةً جوهرياً عن الأتراك القُدامى، ومنذ ذلك الوقت؛ اختفت آثار الأتراك من مناطق شمالي الصين”.
وتابع الكتاب الأبيض:” منذ القرن الثامن عشر وحتى النصف الأول من القرن التاسع عشر، ومع قيام الغرب بالتمييز بين مختلف اللغات التركية (فروع لغات آلتاي)، صاغ بعض العلماء والكُتّاب الأجانب مصطلح “تركستان” للإشارة إلى المنطقة الواقعة جنوبي جبال تيانشان وشمالي أفغانستان، التي تغطي المنطقة الممتدة من جنوبي شينجيانغ إلى وسط آسيا. وأطلقوا على المنطقتين على جانبي البامير بـ “تركستان الغربية” و “تركستان الشرقية”.
وأضاف الكتاب الأبيض الصادر أنه وفي مطلع القرن العشرين، ومع ظهور”القومية التركية” و”القومية الإسلامية” في شينجيانغ، قام انفصاليون من داخل وخارج الصين بتَسييس المبدأ الجغرافي مُتلاعبين بمعانيه، وعملوا على تحريض جميع المجموعات العرقية التي تتحدث اللغات التركية وتَدِينُ بالإسلام للانضمام إليهم في خلق الدولة الثيوقراطية لـ “تركستان الشرقية”.
وأكد الكتاب الأبيض :” أن الدعوة لإقامة هذه الدولة المزعومة أصبحت أداة سياسية وبرنامجاً للانفصاليين والقوى المُعادية للصين التي تحاول تقسيم الصين”.
الإسلام ليس نظام الاعتقاد الأصلي
ولا المعتقد الوحيد لقومية الويغور
ذكر الكتاب أنه في شينجيانغ، تتعايش الثقافات والأديان المختلفة، وتوطدت الثقافات العرقية وتطورت في حضن الحضارة الصينية. وأن الإسلام ليس نظام اعتقاد أصلي لقومية الويغور كما أنه ليس المعتقد الوحيد لهم، مشيرا إلى أنه تجذر في الثقافة الصينية وتطور بشكل سليم في الصين.
وذكر الكتاب الأبيض أن دخول الإسلام إلى منطقة شينجيانغ الويغورية ذاتية الحكم فى شمال غربي الصين كان متعلقا بظهور الإمبراطورية العربية والتوسع الشرقي للإسلام.
وقال الكتاب الأبيض إن “اعتناق الويغور للإسلام لم يكن خيارا طوعيا اتخذه عامة الناس بل كان نتيجة حروب دينية وفرض من قبل الطبقة الحاكمة، رغم أن هذه الحقيقة لا تقوض احترامنا لحق المسلمين في معتقداتهم”.
وأشار الكتاب الأبيض إلى أن البوذية كانت في وقت من الأوقات الدين السائد الذي يعتنقه النبلاء وعامة الناس في المنطقة، مضيفا أن عددا كبيرا من الناس في شينجيانغ حاليا لا يتبعون أي دين، كما أن العديد من الويغوريين يتبعون ديانات أخرى غير الإسلام.
أديان متعددة تعايشت طويلا في شينجيانغ
أكد الكتاب الأبيض أن تاريخ منطقة شينجيانغ الويغورية الذاتية الحكم بشمال غربي الصين يُظهر تعايشاً طويلاً لأديان متعددة فيها، مع غلبة واحد أو اثنين منها، وأن الهيكل الديني للمنطقة لطالما تميّز بالتمازج والتعايش.
وأضاف الكتاب الأبيض الصادر تحت عنوان “مسائل تاريخية مُتعلقة بشينجيانغ” أن الأديان المتعددة في شينجيانغ تشمل الإسلام والبوذية والطاوية والبروتستانتية والكاثوليكية والكنيسة الأرثوذكسية الشرقية. كما أن لدى شينجيانغ 24800 مكان للنشاطات الدينية بما فيها المساجد والكنائس والمعابد البوذية والطاوية، يقوم عليها 29300 موظف ديني.
وقال الكتاب الأبيض:” إن شينجيانغ تتمسك دائما بالمساواة بين جميع الأديان، وتظهر عدم تفضيل أو تمييز أيِّ منها على الآخر، وعدم السماح لأي دين بالتفوق على الأديان الأخرى”.
وتابع الكتاب الأبيض:” يتمتع المؤمنون وغير المؤمنين بحقوق والتزامات متساوية، وأن كل من ينتهكون القانون، بغض النظر عن خلفياتهم الاجتماعية والعرقية ومعتقداتهم الدينية، سيتعرضون للمُساءلة والعقاب وفقاً لقواعد القانون”.
قومية الويغور تشكلت عبر عملية طويلة من الهجرة والاندماج
ذكر الكتاب الأبيض أن مجموعة الويغور العرقية في منطقة شيجيانغ الويغورية ذاتية الحكم بشمال غربي الصين، تشكلت عبر عملية طويلة من الهجرة والاندماج، وأن العديد من الأسماء المختلفة استخدمت في السجلات التاريخية للإشارة إلى هذه المجموعة من الناس.
وأوضح الكتاب الأبيض أن الأسلاف الأساسيين للويغور كانوا شعب الأُويجور الذي عاش في هضبة منغوليا خلال أسرتي سوي (581-618) وتانغ (618-907).
وتشير السجلات التاريخية أنه لمقاومة الاضطهاد والعبودية من قبل الأتراك، اتحد شعب الأُويجور مع بعض قبائل تيلي لتشكيل اتحاد الأُويجور القبلي. وفي عام 788، قام حاكم الأُويجور حينئذ بالكتابة إلى إمبراطور تانغ، مطالبا بتغير اسمهم إلى “الأويغور”.
وإبان أسرتي يوان (1206-1368) ومينغ (1368-1644)، واصلت المجموعات العرقية المختلفة في شينجيانغ اندماجها. وفي عام 1934، أصدرت حكومة شينجيانغ مرسوما ينص على أن “الويغور” سيكون الاسم الرسمي للمجموعة العرقية، بحسب الكتاب الأبيض.
وأشار الكتاب إلى أن الويغور ليسوا أحفاد الأتراك.
ومنذ العصور الحديثة، وبدوافع خفية، وصف بعض أنصار القومية التركية جميع الناطقين باللغة التركية بأنهم “الأتراك”. لكن الكتاب الأبيض يشير إلى أن الأسرة اللغوية والمجموعة العرقية مفهومان مختلفان بشكل أساسي.
وذكر الكتاب أنه “في الصين، تضم المجموعات العرقية الناطقة باللغات التركية، الويغور والقازاق والقرغيز والأوزبيك والتتار واليوغور والسالار، وكلا منهم له تاريخه الخاص وثقافته الفريدة”، مضيفا “لا يمكن الإشارة إلى هؤلاء الناس بأنهم أتراك”.
الثقافة العرقية في شينجيانغ جزء من الثقافة الصينية
أكد الكتاب أن الثقافات العرقية في منطقة شينجيانغ الويغورية الذاتية الحكم بشمال غربي الصين لطالما كانت مُتَجَذّرة في التربة الخصبة للحضارة الصينية، وأنها شكَّلت جزءاً لا يتجزأ من الثقافة الصينية.
وأضاف أن الثقافة الإسلامية الناشئة عن الحضارة العربية لم تبدأ في إحداث تأثير على ثقافات المجموعات العرقية في شينجيانغ إلا مع بداية القرنين التاسع والعاشر الميلاديين، حين بدأ الإسلام الانتشار بالمنطقة.
وقال الكتاب الأبيض إنه ومنذ أكثر من ألفي سنة مضت، كانت شينجيانغ بوابة للحضارة الصينية للانفتاح على الغرب، وقاعدة هامة للتبادل والاتصال الثقافيين بين الشرق والغرب.
وتابع الكتاب الأبيض أن فترات طويلة من التبادل والتكامل بين ثقافة السهول الوسطى وثقافات المناطق الغربية لم تدفع تنمية مختلف الثقافات العرقية في المنطقة فقط، بل أسهمت في تنوع وتكامل الثقافة الصينية ككل.
وأكد الكتاب الأبيض أن الثقافات العرقية في شينجيانغ عكست منذ وقت مبكر جداً عناصر الثقافة الصينية التي لطالما كانت الحامل العاطفي والمنزل الروحي لجميع المجموعات العرقية في شينجيانغ، إضافة إلى كونها مصدرا ديناميكياً للثقافات العرقية في المنطقة.
وأشار الكتاب الأبيض إلى أنه وخلال فترة حكم أسرة هان الإمبراطورية (206 ق.م – 220 م) أصبحت اللغة الصينية واحدة من اللغات الرسمية المستخدمة في الوثائق الحكومية للمنطقة.
وقال الكتاب الأبيض:” إن السجلات التاريخية تُشير إلى أن استخدام لغات متعددة كلغات رسمية في المنطقة، والتبادلات التي كانت دائمة ومتكررة في شينجيانغ، جعلا المنطقة تشهد ازدهاراً للثقافات العرقية وتقدماً اجتماعياً.
وقال الكتاب الأبيض :” إن امتلاك حِسٍّ قوي للهوية مع الثقافة الصينية يعتبر أساسياً للازدهار والتنمية للثقافات العرقية في شينجيانغ”.