عروبة الإخباري – يوسف بن علوي إلى سوريا هذه المرة وقد كان قبل عدة سنوات قد زارها وكسر الحصار العربي واخترق الجليد ليصل إلى دمشق مؤكداً على الدافع العربي والإنساني في زيارته..
الوزير بن علوي في زيارته السابقة عام 2011 أعاد دور زرقاء اليمامة وغلب البصيرة على البصر .. و أصر أن تظل البوصلة العمانية في الاتجاه الصحيح بإعادة موضعة علاقة سلطنة عمان مع سوريا.. مؤكداً مخالفة موقف بعض أنظمة العرب الذين مارسوا ظلم ذوي القربى دون أن يدركوا “أن ظلم ذوي القربى أشد مضاضة” حين جعلوا بأسهم على بلد عربي لم يصبهم بأذى شديدا ليعفوا اسرائيل من معاناتها في وجه أحد المصدات العربية في وجه توسعها!!!
بن علوي ادى الواجب ومازال يؤديه باسم السلطنة والسلطان قابوس ولم يلتفت للعواء الذي كان أشد ضجيجا في المرة الماضية حين كانت الزيارة السابقة اختراقا بكل معنى الكلمة!!
وحتى هذه المرة عادت أبصار البعض تشخص وتستهجن بدل أن تعيد النظر في نظرتها وفي ما عملت.. وبدل أن تتوقف وتعتذر وتعيد العلاقات إلى سابق عهدها بعد أن خرجت سوريا من مرحلة الخطر إلى النقاهة وهي الآن أمام بن علوي تذكر فضل الذين زاروها في الألم و بعد المخاض.
كنت استمع إلى وزير الشؤون الخارجية في مقابلة تلفزيونية مبكرة أجريتها معه قبل ثماني سنوات وكان الصراع في سوريا وعليها على أشده واستمعت إليه مجددا وهو في طريقه إلى دمشق أيضا ووجدت أن السياسة الخارجية العُمانية إزاء سوريا لم تتغير وأن عُمان لم يأخذها الصراخ والفزعة خلف الغزاة بالإثم .ولم تلتفت إلى مدح أو ثناء بل ارادت أن تسجل موقفا تاريخيا سيكتب عنه ذات يوم أنها لم تطعن شقيقا في الظهر ولم تسرج خيولها لاجنبي ضد عربي، ولم تجع لتأكل بثدييها انتظارا لمساعدات ممهورة بالخنوع.
بن علوي في دمشق بلّغ رسائل عديدة ،حمل بخورا عمانيا وبخورا سياسيا.. وذهب بالأخبار المبشرة فقد بلغ رسائل أردنية لدمشق و رسائل أخرى عن التوتر في مضيق هرمز وكيف يمكن أن تكون السيناريوات القادمة التي لم يسلط عليها الاعلام العربي الضوء لأنه بقي يقتات من الوجبات الاعلامية الاجنبية الجاهزة التي تأتي بما يشاء الغرب و ما تشاء قوى الاثم والعدوان..
عُمان المحايدة لا تتدخل في شؤون الآخرين، ولا تستعدي عليهم .. ولكن لدوافع عربية وانسانية توظف فائض دبلوماسيتها لنقل الرسائل والسعي بالصلح والسلام وإشاعة الاستقرار، وهذا ما عرفت به طوال عمرها دبلوماسية السلطان التي بلغت الآن نصف قرن بالتمام..
عُمان تشكو وجع الخاصرة من اليمن حيث تسبب الحرب فيه وعليه الصداع ،لأن تحت دخان هذه الحرب يطعن العربي العربي، وتصل أصوات جنازير الدبابات ودخان المدافع سمع عُمان وبصرها في الجوار، حيث اراد “الدونكوشيتيون” ان يعيدوا تمثيل محاربة طواحين الهواء في اليمن و أن يخوضوا مع جن اليمن حروبهم دون أن يعتبروا من الغزاة الذين دفنوا في الربع الخالي وفي جبال صعدة وبين النهدين ودون ان يقرأوا الدرس العُثماني والمصري ومن قبل درس البرتغاليين والهولنديين والانجليز…
المهمة العُمانية .. وان أخذت شكل بحث العلاقات الثنائية التي لم يعد فيها تجارة او بيع وإنما فيها علاقات انسانية وواجبات قومية .. هذه المهمة يحتاجها بعض النظام العربي وهو يلملم شظاياه ويضمد جراحه ويغسل يديه مما أصاب سوريا من دمار….
في الزيارة العلوية تبليغ بضرورة الحذر من ما تبقى من مطبات ستواجهها رحلة الخلاص السورية وضرورة اليقظة والزيارة تحذير من القادم في الخليج واليمن ….
ولأن سوريا تثق في السياسة العمانية التي دفعت عربون صداقتها فانها ستضع بين يدي الوزير عتبها وشكواها، وغياب العرب عنها، وهي لا تعاتب بل تترك للأطراف ان يشعروا بفداحة ما إرتكبوا وقد تفتح لهم باب الإعتذار قبل ان تبدأ المهمة العمانية بالتفاعل…..
أما المقعد السوري في الجامعة العربية والذي قد يأتي على ذكره بن علوي فإن الطريق اليه لابد ان يكون ممهداً في الأيام القادمة بعد ان ارتخت قبضة الخاطفين له والذي لم يستطيعوا أن يُجلسوا عليه احداً فبقي فارغاً بإنتظار عودة صاحبه….
لن يبيع بن علوي السوريين جوزاً فارغاً فهم اصحاب جوز وفستق ولا نبيع عليهم فواكة طازجة او مجففة او ياسمين دمشقي بل سيطلب منهم الصبر والمواظبة والصفح عن السوريين الذين استقووا على أهلهم وان لا يستعجلوا الغنائم بالنزول عن” قاسيون” وأن يعطوا لغة الدبلوماسية والخطاب المعتدل جرعة اكبر لتوسيع الخيمة السورية…
لكل من يريد العودة للاستظلال بنفس العَلَم …
اذن المهمة العلوية المكلفة من السلطان اصابت اكثر من هدف ونقلت اكثر من رسالة وهي تجعل جو دمشق اكثر لطفا أمام موجة الحر …كما تجعل السوريين يرون موكبا عربيا جديدا يمر في شوراع دمشق ويخترق ساحة الأمويين …
بعد ان غابت هذه المواكب التي كانت غالبا ما تحج الى دمشق وتبحث عن رضاها السياسي والسياحي وحتى الامني …
لم تكن دمشق تدرك ان هجوم الأعراب على أطرافها وعلى خيمتها ومحاولة إصابة قلبها يمكن ان يقع ولم تكن تعلم ان انقلاباً يدبر على بني أمية أو أن أحفاد المرتدين قد بلغوا هذا العدد وهذه القوة..