وفجأة خرست طبول الحرب فعزاء لأعداء السلام / د. أحمد القديدي

أحر التعازي لكل من قرع طبول الحرب تمهيداً لصفقة القرن تصفية القضية الفلسطينية
بالرشوة المالية والتوطين وهذا ما ترفضه جميع الفصائل الفلسطينية

كان يوم الجمعة 21 يونيو يوما تاريخيا وموعدا مفصليا في الشرق الأوسط ونتقدم بأحر التعازي إلى المتصهينين العرب والذين قال عنهم (مايك إيفنس) مؤسس ورئيس مركز التراث الصهيوني منذ أيام إنهم صهاينة أكثر منا!!! ويدافعون عن الاحتلال بحماس أكبر من حماسنا.
نعم عزاء لأذرع الإمارات وضاحي خلفان ومحمد دحلان ومركز بحوثه المزيف في باريس ولمن يمولهم من المرشحين والإعلاميين التوانسة ليدافعوا عن صفقة القرن ويختطفوا السلطة من أيدي الشعب التونسي المجيد بتلاعبات سبر الآراء المدلسة والعويل المفتعل على بلاتوهات القنوات المسخرة والمسرحيات المضحكة تحت قبة البرلمان حين يرتب بعض النواب مهزلة تشريعية بمناسبة مجرد قراءة الفاتحة على روح رئيس سابق مسلم أزهقت بالإهمال الطبي ومهدد منذ ست سنوات بالإعدام بتهم غير مسبوقة تستغبي الشعب المصري وتهين قضاءه الذي كان منارة العرب!
ثم يقوم لنا أحد الإعلاميين الغربان ليضيف من عنده للمرحوم محمد مرسي تهمة (الخيانة العظمى) هكذا لله في سبيل الله دون حرج أو خوف من المساءلة أو حتى عقاب الله بينما الحال يقتضي أن نترحم على رجل مات غيلة دون أن يدافع عن حقه وهو ذاته الذي عين عبد الفتاح السيسي في منصبه كما عين قبله الرئيس الباكستاني ذو الفقار علي بوتو رئيس أركان جيشه ضياء الحق فانقلب عليه وشنقه حتى قضى الله أمره فمات في طائرة مروحية انفجرت به في الفضاء ولم يجدوا لجثمانه أثرا وقبله عين الرئيس الشيلي (سلفادور ألندي) رئيس أركانه (بينوشيه) وزيرا للدفاع فانقلب عليه وقتله ثم حلت لعنة الحقيقة فطورد (بينوشيه) وهو مقعد معاق في كل مطارات العالم حتى ألقي عليه القبض في مدريد وتمرمط أمام العالم ومات ملعونا في سجنه!!
الغريب أن الناس ومنهم متصهينو تونس ومصر وليبيا والخليج يغفلون عن اسم من أسماء الله الحسنى وهو (المنتقم) لأن الله سبحانه قال في كتابه العزيز: (فَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ ذُو انتِقَامٍ )
(الآية 47 سورة إبراهيم)
أحر التعازي إذن لكل من قرع طبول الحرب تمهيدا لصفقة القرن التي يعدون لها ورشة في البحرين لأن ضرب إيران المسلمة بأيدي إسرائيل هو الغاية التي ستتيح لإنشاء إسرائيل الكبرى من النيل إلى الفرات وهو ما يستدعي تصفية القضية الفلسطينية نهائيا بالرشوة المالية وسياسة التوطين وهو ما ترفضه جميع الفصائل الفلسطينية بكل أطيافها لأن الإستراتيجية لدى نتنياهو اليوم هي تحقيق المرحلة الأخيرة من مشروع الدولة اليهودية الذي خطط له المفكر الصهيوني (تيودور هرتزل) في كتابه الحامل لعنوان (الدولة اليهودية) الصادر في مدينة (بازل) السويسرية عام 1897 وشرع بن غوريون ينفذه بالحرف وفي مواعيده المبرمجة على مدى عقود مرورا بمؤتمر لندن عام 1907 ووعد بلفور 1917 ثم تأسيس الدولة الإسرائيلية عام 1947 ثم تسليحها بالنووي الفرنسي عام 1957 ثم القضاء على القوة العسكرية العربية عام 1967 وصولا إلى عام 1977 زيارة السادات إلى الكنيست وتحييد مصر وأخيرا 2017 القدس عاصمة أبدية وموحدة لدولة يهودية دينية قومية وانتظروا عام 2027 ! فرقم سبعة هو رمز الشمعدان الصهيوني وكل المكاسب تحققت من سبعة إلى سبعة!
هذه اللمحة التاريخية ضرورية لنفك شفرة ما يحدث اليوم وندرك أن ما سماه الإسلام بالتدافع هو الصراع الطويل المرير من أجل التمكن والسيطرة والمشهد العربي عام 2019 يعيد بنفس التفاصيل مشهد الأندلس عام 1492 حين خرج أخر ملوك بني الأحمر من غرناطة واستقل مركبا الى المغرب الإسلامي مع أهله فألقى النظرة الأخيرة الحزينة على ساحل الأندلس وهو يتوارى وانفجر باكيا فقالت له أمه: إبك يا ولدي كالنساء ملكا لم تحافظ عليه كالرجال!
ذلك أن ملوك الطوائف العرب المتصارعين كانوا يستنجدون بالملك فرديناند والملكة إيزابيلا حكام قشتالة لإعانتهم على ضرب بعضهم البعض مقابل جزيه يدفعونها (لم تصل إلى 450 مليار دولار لأن ليس لديهم بترول!) وبالطبع كان الملوك الأسبان يخططون لما سموه (الروكنتستا) يعني إعادة غزو أسبانيا وطرد المسلمين منها وهي الغفلة التاريخية الكبرى وأتذكر صوت الزعيم بورقيبة في خطاب أريحا يوم 5 مارس 1965 حين حذر الفلسطينيين والعرب قائلا (ستبكون على فلسطين كما بكى أجدادكم على الأندلس) اليوم يتكرر المشهد المخزي حين نرى المتصهينين العرب قبل اليهود يبشرون بمصير أفضل في كنف قدس مهودة بينما القدس لكل الأديان وينتظرون من ورشة البحرين حلولا كما انتظروا من أوسلو ومن مدريد ومن كامب ديفيد! هم أنفسهم المحرضون على حرب تدميرية ضد إيران كأنهم الشياطين مصاصو دماء الشعوب اليمنية والليبية والسورية والعراقية والمتلاعبون بمصير تونس والجزائر والسودان! هم ووكلاؤهم! عزاؤنا الحار لهم في هذا المصاب!.

Related posts

سكوت ريتر: لماذا لم أعد أقف مع إسرائيل؟ ولن أقف معها مرة أخرى

ماذا لو فاز ترمب … وماذا لو فازت هاريس؟* هاني المصري

الأمم المتحدة…لنظام عالمي جديد ؟* د فوزي علي السمهوري