أكتب اليكم، كأحد الذين تمت دعوتهم للمشاركة ورفضت ذلك لثقتي التامة بأن اجتماع المنامة مصيره الفشل، فحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي لا يمكن له أن يكون من خلال حلول اقتصادية فأساس القضية الوطنية الفلسطينية مرتكزا على حق تاريخي وقانوني وسياسي، وإنهاء الصراع يكون بإنهاء الاحتلال وتطبيق قرارات الشرعية الدولية المرتكزة إلى حل الدولتين.
لقد عاصرت القضية الفلسطينية منذ الانتداب البريطاني، وكنت في مراحل مصيرية عديدة قريب من القيادة الفلسطينية ومن مركز صنع القرار وربطتني علاقة شخصية مع الراحل الشهيد ياسر عرفات. وخلال الخمسون عاما الماضية حاولت أن أجد طرف إسرائيلي قادر في التأثير داخل المؤسسة السياسية الإسرائيلية من أجل إنهاء الصراع على أساس حل الدولتين، ولكن للأسف فشلت في ذلك ووصلت إلى قناعة بأن “دولة الاحتلال” تريد فقط تجسيد حلم الحركة الصهيونية بتأسيس دولتها من النيل إلى الفرات، أي بمعنى آخر أن المؤسسة السياسية لدولة الاحتلال لا تريد “السلام العادل” بل تريد من الفلسطينيين والعرب “الاستسلام الشامل” وهذا لن يقود المنطقة إلا إلى مزيد من العنف والدماء وعدم الاستقرار.
لقد شكل اتفاق أوسلو (على علاته) فرصة مهمة لإنهاء الصراع وتجسيد حل الدولتين، ولكن دولة الاحتلال تنصلت من التزاماتها، وتم اغتيال رابين ومن بعده الرئيس ياسر عرفات رحمه الله، لترسل بذلك رسالة داخلية للإسرائليين بأن من يُفكر في التعامل مع الفلسطينيين على أساس أن لهم حق سيكون مصيره الموت، ورسالة إلى الفلسطينيين بأنه من يتمسك بالحقوق المشروعة سيكون مصيره الموت، ورسالة إلى العالم مفادها أن دولة الاحتلال لا تريد إلا السير بخطتها الهادفة إلى استعمار الشعوب العربية وتحقيق حلمها في دولة “إسرائيل الكبرى”.
أقول لكم أيها المجتمعون، رغم الحصار المالي والسياسي المفروض علينا لن نتعاطى مع أي من قراراتكم و”إغراءاتكم المالية”، فالكل الفلسطيني قالها بصراحة “فلسطين ليست للبيع” وهذا ليس بشعارا بل حقيقة نؤمن بها، وأن أي اجتماعات أو مؤتمرات أو مبادرات لا تحظى بموافقة الشعب الفلسطيني وتتجاوز حقه في تقرير مصيره محكومة بالفشل، فلا يمكن لأحد القفز عن الحق الفلسطيني، وأن محاولات دولة الاحتلال التطبيع مع بعض الأنظمة الرسمية العربية سيكون مصيرها الفشل، وان حدثت فهي هي فقط تؤجل الانفجار الكبير.
أقول لكم بأن حل الصراع في المنطقة، لن يكون بصيغة “صفقة” أساسها ومضمونها “تجاري” لأنه لا يوجد ولن يوجد فلسطيني واحد يقبل بالمتاجرة بقضيته وبدماء شعبه، بل أن حل الصراع يبدأ بإنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وكاملة السيادة على حدود الرابع من حزيران للعام 1967، بعاصمتها القدس الشرقية وعودة اللاجئين كما نصت عليها المبادره العربيه التي قبلتها الدول العربيه والاسلامية ولم تقبلها اسرائيل لحد الان, وفق القرار الأممي رقم 194، هذا ما قبل به الرئيس الشهيد ياسر عرفات ومن بعده الرئيس أبو مازن وعلى ذلك وافقت منظمة التحرير الفلسطينية خلال دورة المجلس الوطني الفلسطيني في الجزائر عام 1988.
دولة الاحتلال مصرة على اخضاع العرب وتحقيق حلمها في السيطرة على الارض والسكان من النيل الى الفرات، ذلك لن يكون ويبقى الصراع مفتوحا حتى تصحو دولة الاحتلال وتقبل بحل الدولتين والعيش بسلام مع المحيط.