عروبة الإخباري – من هو الفائز في الحرب التجارية؟ سؤال طرحته وكالة بلومبرج للأنباء، في تقرير موسع رصدت فيه تطورات الاقتصاد في كل من الصين والولايات المتحدة الأمريكية.
وذكرت الوكالة أن كلا الجانبين حقق انتصارات وخسائر، لكن يبدو أن الجانبين متساويين في ذلك حتى الآن. وبالنسبة للرئيس الأمريكي دونالد ترامب هناك مقياس واحد مهم وهو الميزان التجاري بين البلدين. ففي حين أن الولايات المتحدة لا تزال بعيدة عن فائض في الميزان التجاري إلا أن العجز التجاري يضيق. وفي الوقت نفسه سيشعر الرئيس الصيني شى جين بينغ بالارتياح، لأنه حتى الآن لم يتأثر التضخم الصيني بعد فرض رسوم جمركية على الواردات الأمريكية، على عكس الولايات المتحدة؛ حيث يقول الاقتصاديون إن أسعار المنتجات تأثرت بقرارات ترامب.
وتقف كل من الولايات المتحدة الأمريكية والصين ندا بند في معركتهما التجارية، فرغم أن الرئيس ترامب تراجع حديثه عن مواصلة فرض رسوم جديدة، ووجه جام غضبه صوب شركة هواوي عبر وضعها في قائمة سوداء، وفي المقابل يتوعد الرئيس الصيني بالانتقام.
ومع وجود بعض الرسوم المطبقة منذ عام إلى الآن، يسلط تقرير بلومبرج الضوء على كيفية أداء طرفيْ الصراع:
انكماش العجز التجاري:
نتيجة هذه المقارنة: الولايات المتحدة: 1/ الصين: 0
بالنسبة بترامب، هناك مقياس واحد فقط يوضح ما إذا كانت الولايات المتحدة تربح أو تخسر الثقل الاقتصادي أمام الصين: وهو الميزان التجاري. فلا يزال الرقم حسب الإحصاءات يظهر أنه متأثر بهامش كبير، لكن العجز التجاري مع الصين ضاق بالفعل في الأشهر الأخيرة. فبينما يتناقش الاقتصاديون حول من الجدارة الائتمانية في التحولات الأخيرة وما إذا كانت الأرصدة التجارية مقياسا مفيدا، فإن العجز التجاري بين الولايات المتحدة والصين سجل أقل مستوى في ثلاث سنوات في شهر مارس. واعتبر التقرير بذلك أن الولايات المتحدة تسجل في هذه المقارنة نقطة واحدة أمام الصين.
زيادة الأسعار:
الصين: 1/ الولايات المتحدة: 0
يقول الخبراء إن الرسوم التي فرضها ترامب سترفع الأسعار على المستهلكين الأمريكيين، لكن هذا لم يحدث على نطاق واسع حتى الآن، ومع ذلك تظهر مؤشرات تضخم ناجمة عن الحرب التجارية في أكبر اقتصاد في العالم؛ حيث ارتفع سعر المنتجات في المتاجر الأمريكية في 7 فئات من الرسوم الجمركية بنسبة 1.6% حتى أبريل بعد الجولة الأولى من الرسوم التي فرضت في يوليو. لكن بالنسبة للصين، لم يكن للرسوم المرتفعة على واردات الولايات المتحدة تأثيرا مباشرا على أسعار المنتجات التي يشتريها المستهلكون الصينيون لأن العديد منها مدخلات صناعية وليست منتجات للاستخدام النهائي. وأهم 7 واردات مستوردة من الولايات المتحدة هي: فول الصويا والذهب والنفايات الورقية والغاز الطبيعي المسال والقطن والبروبان المسال. ويشعر الأمريكيون أكثر بتأثيرات الضرائب على الاستيراد، ولذلك في هذا الجانب تسجل الصين درجة واحدة أمام الولايات المتحدة.
تأثر ثقة المستهلكين بالسلب:
الصين: 1/ الولايات المتحدة: 1
في حين انتعشت ثقة المستهلكين في الولايات المتحدة في أبريل، مدعومة بسوق عمل ضيق وأجور أعلى، انخفض نمو مبيعات التجزئة للمرة الثانية في ثلاثة أشهر. وتكرر الأمر في الصين خلال نفس الشهر، عندما تباطأ نمو مبيعات التجزئة أكثر من المتوقع، مما أثر على أكبر مصدر للنمو في الاقتصاد. وفي الوقت الحالي، لا يشعر الأمريكيون بالتشاؤم بشأن نهجهم في الحرب التجارية، لكن قد يتغير الوضع إذا تابع ترامب تهديده بفرض رسوم جمركية على جميع الواردات الصينية. إذن في هذه الجولة يتعادل الطرفان، حسب تقرير بلومبرج.
حروب العملة:
الولايات المتحدة: 1/ الصين: 1
تراجع اليوان بحوالي 7.5% مقابل الدولار خلال العام الماضي، وهذا يوفر للمصدريين الصينيين عاملا من عوامل تخفيف حدة تأثير رفع الرسوم، مع احتمال ضعف اليوان أكثر. وتتمثل حيلة الصين في مدى السماح لليوان بالتراجع قبل أن يؤدي إلى الضغط للحصول على المال، وبالتالي يجبر الحكومة على استنزاف احتياطاتها، وقد يكون لليوان الضعيف نتائج جيدة وسيئة أيضا بالنسبة لاقتصاد الصين. إذن في هذه الجولة هناك تعادل أيضا.
أسواق الأسهم المتباينة:
الولايات المتحدة: 1/ الصين: 0
تراجعت أسواق الأسهم في كلا البلدين العام الماضي، وهو التراجع الأكبر منذ 10 سنوات. لكن الصين تأثرت بصورة أعنف، فقد سجل الانخفاض نسبة 25% في مؤشر شنغهاي المُركب أربعة أضعاف الانخفاض في مؤشر ستاندرد آند بوز 500 الأمريكي في عام 2018. وفي الآونة الأخيرة، اطلق العنان للسوق الصاعد في كلا البلدين. لكن السؤال هو كم من الوقت ستستمر تلك الأزمة في ظل تأزم المحادثات التجارية؟ إذ انخفضت الأسهم الصينية بنسبة 14% تقريبا منذ عام 2018 وارتفعت السهم الأمريكية بحوالي 6%.
إذن ترامب يسجل نقطة في هذه الجولة.
تباطؤ النمو الاقتصادي:
الولايات المتحدة: 1/ الصين: 0
تظهر المؤشرات تراجع الاقتصادين الأمريكي والصيني في الأسابيع الأخيرة، لكن يبدو أن النمو الصيني يتباطأ بوتيرة أسرع. وذكرت بكين أن مؤشرات الناتج الصناعي ومبيعات التجزئة والاستثمار أظهرت جميعها تباطؤا في أبريل بأكثر مما توقع الاقتصاديون. وفي الولايات المتحدة، وإلى جانب ضعف مبيعات التجزئة، فقد انخفض إنتاج المصانع للمرة الثالثة في أربعة شهور. إذن بدأت الرسوم الجمركية في ضرب النمو، ويعكس ذلك أن الصين تملك قوة مالية ونقدية أكبر لتحفيز الطلب أكثر من أمريكا. ويؤدي ارتفاع ديون الشركات إلى دفع الصين لتوسيع نطاق السياسة المالية، بعيدا عن الاعتماد القديم على القروض المصرفية المتساهلة للشركات الصناعية. لكن أمريكا لا تملك هذا النوع من القوة النارية المالية. ويرى التقرير أن هذه الجولة “تستحق المشاهدة” وتسجل الولايات المتحدة نقطة.
انخفاض الاستثمار الأجنبي المباشر:
الولايات المتحدة: 0/ الصين: 1
بحسب تقرير جديد صادر عن مشروع الاستثمار الأمريكي الصيني، ففي عام 2018 سجل الاستثمار الأمريكي في الصين تراجعا بسيطا، في حين أن الاستثمار الصيني في الولايات المتحدة انخفض بشكل ملحوظ. وترجع الاستثمار الأجنبي المباشر الصيني في أمريكا بنسبة تزيد عن 80% ليصل إلى 5 مليارات دولار العام الماضي مقارنة بعام 2017 عندما سجل 29 مليار دولار، و46 مليار دولار في العام 2016. ووجد التقرير أيضا أن الاستثمار الأجنبي المباشر الأمريكي في الصين تراجع إلى 13 مليار دولار العام الماضي من 14 مليار دولار في عام 2017. وبما أن الولايات المتحدة تفتقد الاستثمار، فالصين تسجل نقطة في هذه الجولة.
ويشير تقرير وكالة بلومبرج إلى أنه مع توقف المحادثات التجارية وتوطيد الدولتين العظميين لمواقفهما، لا يزال الطريق طويلا. فالنتائج متابنية إلى حد ما في الوقت الحالي، فالولايات المتحدة تتقدم في بعض النواحي، بينما تتمتع الصين بمميزات في جوانب أخرى، لكن في النهاية الجميع يدفع الثمن.
وينقل التقرير عن توم أورليك كبير الاقتصاديين في بلومبرج قوله: “من حيث النمو الاقتصادي، فلا أحد يفوز في الحرب التجارية، وفيما يتعلق بالتنافس الجيوسياسي، فإن ما يهم هو من يخسر أكثر”. وأضاف: “الولايات المتحدة تراهن على أن تحل محل الصين، وتراهن الصين على أن الولايات المتحدة لن تكون لديها القدرة على مبارزتها”.