لقد أصيب الرأي العام الفلسطيني والعربي بصدمة شديدة، عكستها الحالة القائمة الآن في غزة ،ومظاهرها إعتداء أجهزة الأمن في غزة على حراك الشارع الغزي الذي سأم من حالة التمترس المأزوم، ومن الوضع المعيشي والضريبي المنفلت من عقالة، والذي وصل إلى رغيف الخبز ،وحبة الدواء،وضرورات الحياة،لقد نفذ صبر جماهير شعبنا المستند ظهره للحائط من غول الغلاء، والضرائب، والعقوبات،لتنفجر بمسيرة معسكر جباليا، ساحة الترنس، ودير البلح.
صبت الجماهير الغاضبة نقمتها على الأوضاع بعد الضغط،وتكميم الأفواه، والإصرار على مسح الذاكرة الوطنية.
بين عشية وضحاها أستيقظ سكان القطاع، ليجدوا النصب التذكاري للجندي المجهول وقد غيرت حماس معالمه، وهو يعتبر أحد أهم معالم غزة،أقيم هذا النصب سنة 1957،هذا النصب ليس ملكا لأي حزب أو فصيل، ولا يجب لكائن من كان ،تغيير هويته أو شكله.
إن هذا النصب التذكاري يحمل إرثا تاريخيا ،ومعاني للثورة،والنضال الفلسطيني في مواجهة الأحتلال، وقد تعرض للتدمير من قبل الأحتلال الإسرائيلي سنة 1967،وعندما قدمت السلطة إلى غزة قام الرئيس ياسر عرفات بترميمه سنة 2000.
تريد حماس مسح ذاكرة التاريخ من عقول أهل غزة، وتثبت حقائق جديدة على الأرض، حماس التي لم تعترف يوما بدولة على حدود الرابع من حزيران ، تضع خريطة على النصب تعترف بحدود 1967وتلون قطاع غزة باللون الاخضر،ما يحدث من تغيير هو تهيئة الجماهير لتقبل تنفيذ صفقة القرن حتى تحقق حماس حلمها بأمارة على نمط ثقافي وفكري محدد، أصبحت ملامحها واضحة، وحتى تضرب المشروع الوطني وتحول دون إقامة دولة فلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية، وتنفذ المشروع الإخواني والذي كان يهيأ له زمن الرئيس مرسي وحكم الإخوان في مصر والذي كان لدى الكاتب والصحفي (سلطان الحطاب) استشراف للمستقبل وتحدث عن هذا المشروع في ذلك الوقت.
إن أبناء غزة الذين صمدوا أمام ثلاثة حروب ،والذين احتضنوا المقاومة في كل الأزمات وهم يمثلون أكبر كثافة سكانية في العالم،ونسبة الفقر 80في المائة والذين يقومون أسبوعيا بمسيرات العودة ليرسلوا رسائل للمجتمع الدولي ولإسرائيل رسائل واضحة مضمخة بدماء الشهداء ،ومعاناة الجرحى، وهي رسائل نبيلة،وصادقة ،ليصحوضمير العالم على الظلم الذي حاق بالشعب الفلسطيني ،كما أنها تعني أن الشعب الفلسطيني في كل أماكن تواجده في الداخل والخارج مصمم على العودة وجميع حقوقه ،للأسف حماس تتلاعب بهذه القضايا المصيرية، وتقزم أهداف مسيرات العودة إلى فك الحصار، وقضايا معيشة تساوقا بما يقترحه •كوشنير•بإنشاء مشاريع إنسانية واقتصادية في غزة ،في حين أن أمريكا تمتنع عن دفع أموال دعم الأونروا الذي يستفيد منها 70في المائة من سكان القطاع وهم من اللاجئين.
هذه الجماهير العزلاء وبعد كل هذه التضحيات وألاف الشهداء والأسرى والجرحى ،هل تستحق من حماس وأجهزتها الأمنية كل هذا القمع الوحشي؟؟
هذه الجماهير أرادت أن تسمع صوتها لكل ذي أذن، وكل ذي عقل وضمير، أن أرفعوا هذا البلاء عنا،لم تعد تطيق حياة الذل والمراوغة، وتصرخ كفى تلاعب بأرواح أبناء شعبنا، وارزاقه،ومعاناته.
هناك تقارير تتحدث عن ثراءللأقلية المسيطرة على القطاع، والشعب يتضور جوعا.
إن هذه الجماهير قررت اللجوء إلى حقها في التعبير والقانون الفلسطيني يكفل لها هذا الحق والذي أنكرته حماس عليها،مطالبهم واضحة.
وقف العمل بجميع الضرائب، توفير فرص عمل،إنشاء مكتب عمل يحمي حقوق العاملين من استغلال أصحاب العمل، وتطبيق الحد الأدنى للأجور، إنهاء التحكم بالأسعار من قبل المتنفذين في حكومة حماس.
إن الاعتقالات التي طالت جميع فئات شعبنا لم تراع سن ولا إمرأة ولا طفل لن تثني حراك الجماهير عن تحقيق مطالبه، كما أنه مطلوب من الفصائل دور أكبر، مطلوب التحام قيادة الأحزاب والفصائل الوطنية مع الجماهير في هذا الحراك ليس من أجل المطالب المعيشية فقط ،بل لإلزام حماس بتسليم القطاع للسلطة الوطنية استعدادا لإنتخابات عامة، والوقوف مع القيادة الفلسطينية المتمثلة بالرئيس محمود عباس للتصدي لصفقة القرن وتصفية القضية الفلسطينية ، حتى يتحقق الحلم الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة على ترابه الوطني وعاصمتها القدس الشرقية.
عاش حراك جماهير شعبنا
والنصر دائما للجماهير المناضلة.