بعد قرارات بوتفليقة الأخيرة.. ملامح المرحلة الانتقالية في الجزائر

عروبة الإخباري – استمر الحراك الشعبي الجزائري قرابة ثلاثة أسابيع، كانت كفيلة بأن يقدّم الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، ومن ورائه النخبة الحاكمة في البلاد، حزمة إجراءات تعدّ بمثابة بداية لمرحلة انتقالية في الجزائر، فما ملامحها؟

ماذا قرّر الرئيس؟

قرّر بوتفليقة، قبل يومين فقط من إعلان المجلس الدستوري المرشحين الذين قبلت ملفاتهم، سحب ترشحه لولاية رئاسية خامسة، وتأجيل انتخابات الرئاسة، وحلّ الحكومة، وإطلاق الندوة الوطنية الجامعة المستقلة التي ستؤسس لجمهورية جديدة، قبل الذهاب إلى انتخابات تديرها لجنة انتخابية مستقلة.

وأعلن بوتفليقة قراراته هذه في رسالة وجهها إلى الشعب الجزائري، الإثنين، قبل أن يعقبها سريعاً الإعلان عن إنهاء مهام رئيس الهيئة الوطنية العليا لمراقبة الانتخابات وأعضائها، وتشكيل حكومة كفاءات وطنية تحل محلّ حكومة أحمد أويحيى الذي قدم استقالته بعد رسالة بوتفليقة.

وعيّن بوتفليقة نور الدين بدوي في منصب الوزير الأول (رئيس الحكومة)، وكلّفه بتشكيل حكومة جديدة. كذلك أحدث في الآن ذاته منصباً جديداً تحت اسم نائب الوزير الأول وعين فيه رمطان لعمامرة.

وصرح مصدر حكومي لوكالة رويترز، الثلاثاء، بأن الدبلوماسي الجزائري الأخضر الإبراهيمي سيرأس الندوة الوطنية الجامعة المستقلة التي اقترحها بوتفليقة، الإثنين.

وقال المصدر إن المؤتمر سيضم ممثلين للمتظاهرين بالإضافة إلى شخصيات لعبت دوراً بارزاً في حرب الاستقلال التي استمرت من عام 1954 إلى عام 1962، من بينهم جميلة بوحيرد وزهرة ظريف بيطاط والأخضر بورقعة.

 

انتصار للشعب أم التفاف حول مطالبه؟

رأى النائب عن حركة مجتمع السلم (حمس) ناصر حمدادوش أن تأجيل الانتخابات الرئاسية وخارطة الطريق المعلن عنها، قرارٌ سياسي في الاتجاه الصحيح لتجنيب البلاد المسارات المجهولة والحالات الصدامية، وأضاف أن النضال ما يزال مستمراً.

وقال المحامي والحقوقي مصطفى بوشاشي إن “القرارات الصادرة من طرف رئيس الجمهورية انتصار جزئي غير أنها أغفلت مطلباً أساسياً وهو مرحلة انتقالية”.

وأضاف “مطلب الجزائريين لا يتمثل فقط في تأجيل الانتخابات وعدم ترشح الرئيس، بل كانوا يطالبون أيضاً بمرحلة انتقالية بحكومة توافق وطني”.

وأشار بوشاشي إلى أن القرارات هي بمثابة التفاف حول مطالب الشعب، وقال “لا نريد الالتفاف حول رغبة الشعب الجزائري في الذهاب إلى انتخابات حقيقية وإلى ديمقراطية حقيقية، وفي اعتقادي فإن الحكومة يجب أن تكون نتيجة مشاورات واسعة”.

ورأى الوزير السابق عبد العزيز رحابي، أن القرارات التي جاء بها بوتفليقة يمكن أن تُفهم على أنها “سخرية من الشعب”، وأن الرئيس “يجهل مطالبه ويمدد عهدته إلى ما بعد أبريل/نيسان 2019”.

وأضاف أن تشبث بوتفليقة “المرَضيّ بالسلطة” سيجر البلاد “إلى المجهول”، ويمثل “خطراً على استقرار الدولة “.

شرعية الأمر الواقع

يبدو أن الرئيس الجزائري استعان بالمادة 107 من الدستور الجزائري التي تتيح له صلاحية إعلان الحالة الاستثنائية بعد استشارة البرلمان بغرفتيه، والمجلس الدستوري، والاستماع إلى المجلس الأعلى للأمن ومجلس الوزراء، حسب صحيفة الخبر الجزائرية.

في هذا الصدد قال القانوني عبد الله هبول إن الجزائر لم تكن في حاجة إلى إقرار الحالة الاستثنائية، لأن “البلاد تعيش ظروفاً عادية جداً”. ورأى هبول أن قرار الرئيس بتأجيل الانتخابات “باطل دستورياً ولا يستند إلى أي أساس”.

وقال المرشح الرئاسي عبد العزيز بلعيد إن قرار الرئيس يمثّل “اعتداءً صارخاً على الدستور”، فيما أشار الوزير الأسبق عبد القادر بن قرينة إلى أنه فرض “شرعية الأمر الواقع”.

 

بين بدوي والإبراهيمي

سيكون في واجهة المرحلة القادمة، كل من الوزير الأول الجديد نور الدين بدوي من جهة والأخضر الإبراهيمي الذي يرتقب أن يكون رئيس الندوة الوطنية الجامعة المستقلة من جهة أخرى. وفي حين يعد بدوي واحداً من وجوه النظام الجزائري النافذين في السنوات القليلة الماضية، بنى الإبراهيمي حياته المهنية خارج البلاد في مهمات دبلوماسية أممية.

نور الدين بدوي خريج المدرسة الوطنية للإدارة، وعُين على رأس وزارة الداخلية والجماعات المحلية عام 2015. كذلك فقد تقلَّد العديد من المناصب والمهام الإدارية المحلية في عدد من الولايات الجزائرية قبل أن يتولى حقيبة وزير التكوين والتعليم المهنيين عام 2013. وقال المحامي مصطفى بوشاشي إن بدوي ينتمى إلى نفس “النظام” ويمثل “نفس الأشخاص”.

وكان آخر منصب شغله الأخضر الإبراهيمي هو مبعوث الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية إلى سوريا قبل أن يستقيل منه نهاية مايو/أيار 2014، ويعمل حالياً عضواً في مجموعة حكماء الاتحاد الإفريقي.

وظهر الإبراهيمي الذي لا يحمل صفة رسمية في الدولة، الإثنين، بين كبار المسؤولين الذين استقبلهم بوتفليقة لإعلان قرار عدم الترشح لولاية خامسة. وقال بعد نهاية اللقاء إن “صوت الجماهير والشباب خاصة مسموع”، وأضاف أن “مرحلة جديدة بناءة ستبدأ في مستقبل قريب ستعالج الكثير من المشاكل”.

ويعد الإبراهيمي واحداً من جيل ثورة التحرير الجزائرية، ولعب أدواراً دبلوماسية في عدد من الملفات العربية، وكان من مهندسي اتفاق “الطائف” عام 1991 الذي أنهى الحرب الأهلية في لبنان.

Related posts

طهران لا “تسعى” للتصعيد… 37 بلدة بجنوب لبنان دمرتها إسرائيل

الانتخابات الأميركية… نهاية للحرب على غزة أم استمرار لها؟

(فيديو) الرئيس الأستوني: يجب حل العديد من الأمور قبل الاعتراف بفلسطين