عروبة الإخباري – افتتح جلالة الملك عبدالله الثاني بحضور جلالة الملكة رانيا العبدالله، اليوم الأحد في حرم الجامعة الأردنية، المقر الجديد لأكاديمية الملكة رانيا لتدريب المعلمين، التي تهدف إلى الارتقاء بجودة التعليم ونوعيته في الأردن والمنطقة العربية.
ويأتي إنشاء المقر الجديد للأكاديمية المقام على أرض مملوكة للجامعة الأردنية، في ظل الحاجة لاستيعاب الأعداد المتزايدة من المستفيدين من برامج الأكاديمية في الدبلوم المهني لإعداد وتأهيل المعلمين قبل الخدمة، وكذلك المعلمين على رأس عملهم المستفيدين من برامج الأكاديمية أثناء الخدمة، إضافة إلى مدراء المدارس المستفيدين من الدبلوم المهني في القيادة التعليمية المتقدمة.
وجال جلالة الملك وجلالة الملكة في مرافق المقر الجديد للأكاديمية، والتي أصبح لديها الطاقة الاستيعابية لتخريج نحو 3 آلاف معلم ومعلمة بحلول عام 2021 سنويا، ليكونوا مزودين بالمعرفة والمهارات اللازمة التي تمكنهم من الوصول إلى مرحلة التميّز في الغرف الصفية والنهوض بالمستوى التعليمي للطلبة.
وحضر جلالتاهما جانبا من محاضرة لطلبة الدبلوم المهني لإعداد وتأهيل المعلمين والمعلمات قبل الخدمة، واستمعا إلى تجاربهم في مرحلة الدبلوم والمهارات التي اكتسبوها.
كما حضر جلالتاهما جانبا من ورشة تدريبية للمعلمين في القطاع الحكومي عن التفكير الإبداعي في مجال التعليم.
وأعرب جلالة الملك، بعد أن تبادل الحديث مع المعلمين والمدربين، عن تقديره لدور المعلمين والمعلمات في بناء الأجيال، مؤكدا ثقته بقدراتهم وعطائهم في تطوير موارد الأردن البشرية التي حققت مكانة متميزة في المنطقة والعالم.
ومنذ تأسيسها عام 2009 كمؤسسة وطنية غير ربحية، تعمل الأكاديمية بالشراكة مع وزارة التربية والتعليم وكلية المعلّمين في جامعة كولومبيا على تطوير برامج التنمية المهنية للمعلمين والقيادات المدرسية استجابة للاحتياجات التعليمية في الأردن بشكل خاص والعالم العربي بشكل عام.
وخلال حفل افتتاح المقر الجديد، ألقت جلالة الملكة رانيا العبدالله كلمة أبرزت فيها اهتمام جلالة الملك ومتابعته الدائمة لقطاع التعليم والحرص على الارتقاء بالعملية التعليمية.
وفيما يلي نص كلمة جلالة الملكة:”سيدي صاحب الجلالة الهاشمية حفظك الله،الحضور الكرام…
فرحتي اليوم كبيرة، يوم ندشن مبنى الأكاديمية ليكون لأهل العلم بوابة عبور تفتح لهم آفاقا جديدة في التعليم.
منارة العلم هذه التي نجلس فيها اليوم هي ترجمة ملموسة لمبدأ لطالما دعا إليه سيدنا وهو العمل بروح الفريق، فهذا الإنجاز تم نتيجة شراكة بين جهات متعددة:كادر الأكاديمية الذين عملوا منذ عشر سنوات دون كلل لتطوير وتنفيذ البرامج، ووزارة التربية والتعليم التي آمنت بأولوية تدريب المعلمين، والحكومة الأردنية وحكومة دولة الكويت الشقيقة، اللتان مولتا بناء هذه الأكاديمية، والجامعة الأردنية التي أضافت اليوم إلى ترسانتها العلمية بانضمام هذه الأكاديمية إلى شقيقاتها من كليات الجامعة الأم التي نفاخر بها – مبارك لها هذا الصرح.
الشكر الموصول لكم جميعا، لكل جهة وكل فرد، أتمنى أن تكونوا فخورين بما بنيتم بقدر ما نحن فخورون ببيت العلم هذا.
خلال العشرين عاما الماضية جلست مع آلاف المعلمات والمعلمين. رأيت في كل واحدة وواحد منهم أمل جيل بأكمله؛ وطموح أهالي ومستقبل شعب. لذلك، أنشأنا أكاديمية تدريب المعلمين.
كثير منكم هنا يعلم بأن رحلة هذه الأكاديمية لم تكن دون عقبات وتحديات، ولم تكن دون انتقادات، كما لم تكن استثمارا بسيطا….
لكنها استثمار لا يخسر أبدا… فلا جهة أجدى بأن نضع مالنا ووقتنا وجهدنا فيها ممن يقف في مقدمة الفصل الدراسي، في المعلمة التي تقضي مع أبنائنا ثلث يومهم، في المعلم الذي ينهل منه أبناؤنا المبادئ والقيم كما سيتعلمون منه الرياضيات واللغة في من يتفانون في أداء رسالتهم كل يوم، سنة بعد سنة، وجيلا بعد جيل. وما أعظم تلك الرسالة وما أجلها!وما أطول رحلة كل منا في البحث عن غايته وهدفه في الحياة … كيف سيحدث فرقا في حياة الآخرين ويترك بصمته في هذه الدنيا. وأنا حين بدأت العمل العام أدركت أن لا غاية أهم بالنسبة لي من تمكين المعلمين.
لكن تحديد غايتنا لا يعني بالضرورة تحقيقها؛ هناك مسافة بين ما يطمح إليه المرء وما يحققه في حياته. فبينما نمضي… يزاحمنا التشكيك بالنفس أحيانا، أو نصطدم بعقبة تفقدنا بوصلتنا فنحيد عن دربنا. وقد تزعزع المشاكل ثقتنا بجدوى ما نفعل فنراوح مكاننا في تردد.
المحظوظون منا يجدون من يلهمهم ويدفعهم للمضي باتجاه هدفهم. وأنا محظوظة بأني وجدت ذلك الشخص… وهو الأقرب لي… ولي الشرف بأن أكون رفيقة دربه.
سيدنا…. خلال العقد الماضي مررت والأكاديمية في طريق طويل – وأحيانا – وعر، وحين تعثرت، وجدت يدك ممدودة لتساندني ولتؤكد لي بأن النهوض هو الوسيلة الوحيدة للمضي قدما وبأن هذا المشوار يستحق العناء.
وجدتك توجهني لكي أرى بوضوح وسط التحديات التي تعصف بتطوير التعليم، وأجدك دائما كريما في نصحك حين تنال من عزيمتي الشكوك. وفوق ذلك كلـه، ترسخ إيماني – كل يوم – بأهمية تعليم أبنائنا ودعم معلميهم.
تلهمني بسؤالك لي بحرص الأب عن أوضاع المدارس حين أزورها… فيما نراه من صورك مع أبنائك في المملكة حين تدنو منهم لتنصت إليهم وتشعرهم بالاهتمام. وبأنك – رغم ثقل مسؤولياتك – تتابع تعليم أبنائك وتحرص على الارتقاء به ليليق بطموحك لهم.
أعلم أنك لا تنتظر أبدا كلمة شكر… ومع ذلك؛ مني ومن كل طالب وأب وأم ومعلم ومدير… شكرا سيدنا. بدون قلبك الواسع – الذي يجد فيه كل طفل مكانا – لم يكن لهذا المشروع أن يبصر النور.
سيدي جلالة الملك… الحضور الكرام؛ما من أحد أجدر بحمل مسؤولية تربية وتعليم الأجيال ممن اختار أن يتعلم لأجل أن يعلم. ممن تركت حضن بيتها خارج عمان لتلتزم بحضور الصفوف… ممن يخرج من بيته قبل بزوغ الشمس ليتمكن من أساليب التخطيط للحصص، ووضع أمثلة لاستخدامات الرياضيات في الحياة العملية، وتهيئة بيئة صفية تحث الطالب على التساؤل والتعلم. هذا هو الطموح وهذا هو أساس المواطنة، وهذه هي القيم التي تريدها سيدنا لبناة المستقبل. المعلمون هم جندك، وها هم اليوم يتسلحون بالعلم والعزيمة لينشئوا أجيالا تمشي بثقة وتنتصر على تحديات الأزمنة.
كلنا فخر بمعلمينا وبكل معلم مؤمن برسالته، مبارك للوطن هذا الصرح، ومباركة جهود كل من وضع لبنة من لبناته.
بارك الله فيكم وفي همتكم،والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته”.
بدوره، قال رئيس الوزراء الدكتور عمر الرزاز خلال كلمته “لنا الحق أن نفخر بهذا الصرح الذي من خلاله نخرج أفضل ما لدينا من موارد بشرية ونوكلهم بأسمى مهنة وهي إعداد الجيل المقبل الذي سيتابع مسيرة النهضة”، لافتا إلى الشراكة ما بين الحكومة وأكاديمية الملكة رانيا لتدريب المعلمين.
وأكد أن المعلم هو محور العملية التعليمية، ويؤدي رسالة مهمة تجاه الأجيال، وعليه دور مهم أيضا في التطوير وتعزيز مكانة الأردن التعليمية على مستوى المنطقة والعالم.
وأضاف رئيس الوزراء “كلنا فخر بما أنجزتم، ولا يسعني إلا أن أتقدم بالتهنئة والتقدير لسيدي صاحب الجلالة الذي وضع نصب أولوياته تطوير التعليم، وخصص جزءا كبيرا من وقته واهتمامه للاطلاع وبشكل دوري على سير العمل بالاستراتيجية الوطنية لتنمية الموارد البشرية”.
كما أعرب عن تقديره لجلالة الملكة رانيا العبدالله لاهتمامها بالتعليم وإدراكها لمحورية دور المعلم وتمكينه بالمهارات اللازمة من خلال رؤية واضحة تحققت هذا اليوم من خلال الأكاديمية والعديد من المبادرات الأخرى.
وعبر عن شكره لكل من ساهم في إنجاز المقر الجديد للأكاديمية، وبشكل خاص لحكومة دولة الكويت الشقيقة على مساهمتها السخية في تمويل جزء كبير من كلفة إنشاء هذا الصرح.
وكان الرئيس التنفيذي لأكاديمية الملكة رانيا لتدريب المعلمين هيف بنيان ألقى كلمة قال فيها إننا نجتمع اليوم لا لتدشين مبنى أكاديمية الملكة رانيا لتدريب المعلمين الجديد في الجامعة الأردنية فحسب، بل لنحتفل بإنجازات الأكاديمية على مر عشر سنوات، والتي ما كانت لتتحقق دون رؤية ملكية وإرادة ملك – فشكرا سيدي صاحب الجلالة.
وأضاف أنه عندما أطلق جلالة الملك اللجنة الوطنية لتنمية الموارد البشرية، التي كان من أبرز ملامحها الإصلاحية تدريب المعلمين في الأردن قبل وأثناء الخدمة، أعطت الاستراتيجية بدعم كبير من جلالة الملك تدريب المعلمين دفعة كبيرة للأمام.
وقال إن الأكاديمية تعاقدت مع أفضل جامعة عالمية في هذا المجال، واستقطبت أفضل كادر تدريسي أردني، وأطلقت دبلوم تأهيل المعلمين قبل الخدمة برعاية جلالة الملكة في أيلول 2016، وبدعم مستمر من الحكومة، مشيرا إلى أنه تم تخريج الفوجين الأول والثاني، والفوج الثالث يجلس على مقاعد الدراسة الآن وهم 800 معلم ومعلمة.
وأوضح أن الأكاديمية بات لديها القدرة والطاقة الاستيعابية للملتحقين في الدبلوم المهني لإعداد وتأهيل المعلمين قبل الخدمة، بالإضافة لبرامجها في تدريب المعلمين والمدراء العاملين أثناء الخدمة، وكل ذلك بدعم من وزارة التربية والتعليم والجهات المانحة وبالتعاون مع الجامعات الأردنية لما فيه مصلحة الوطن وأبنائه.
وتم خلال حفل الافتتاح عرض فيلمين قصيرين عن مسيرة الأكاديمية، وأثر برامجها على الطلبة والعملية التعليمية.
يشار إلى أن المقر الجديد للأكاديمية، تم تجهيزه بأحدث المرافق والتقنيات الأكاديمية والفنية في إعداد وتأهيل وتدريب المعلمين لتزويدهم بالمهارات لدعمهم وتطوير أدائهم، حيث يشتمل على غرف صفية وقاعات للمحاضرات ومختبرات للعلوم والحاسب الآلي ومسرح ومكتبة.
وتقوم الأكاديمية بتدريب أعداد كبيرة من الطلبة المعلمين، والمعلمين الحاليين ومدراء المدارس في جميع محافظات المملكة كل عام، بالتعاون والتنسيق مع وزارة التربية والتعليم، وذلك استجابة لإحدى توصيات الاستراتيجية الوطنية لتنمية الموارد البشرية 2016 –2025، التي أكدت أهمية الارتقاء بمهنة التعليم عبر برنامج تدريبي لرفع كفاءة المعلمين والمعلمات في المملكة، للوصول إلى كادر تعليمي قادر مؤهل ومدرب على أعلى مستوى من العلم والثقافة والجاهزية.
وحضر الافتتاح عدد من صاحبات السمو الأميرات، ورئيس مجلس النواب، ورئيس الديوان الملكي الهاشمي، ومستشار جلالة الملك، مدير مكتب جلالته، ومستشار جلالة الملك للشؤون الاقتصادية، وعدد من الوزراء والنواب وكبار المسؤولين والسفراء، ورئيس الجامعة الأردنية، إضافة إلى رؤساء الجامعات وممثلين عن قطاع التعليم العام والخاص.
وداخل قاعات المحاضرات ومختبرات التدريب في الأكاديمية، ينخرط معلمون ومعلمات من مختلف مناطق المملكة، ضمن مساقات تدريبية ومهنية متخصصة، تستهدف تطوير مهاراتهم وأفكارهم وأساليب إدارة الغرف الصفية، والنهوض بمستوى التدريس.
وفي مقابلات صحفية، رأى عدد من المعلمين والمعلمات أن تلك البرامج انعكست بشكل كبير في إكسابهم الأساليب والأدوات التربوية الحديثة، التي ترقى بالعملية التربوية وتزيد من فاعليتها.
وقالت معلمة اللغة الإنجليزية في محافظة إربد ربا عبابنة، إن مجمل البرامج والمساقات التي تتلقاها بالأكاديمية، تسهم بجعل الطلبة أكثر جاهزية للحياة العملية خارج الغرف الصفية، من خلال تزويدهم بمختلف أساليب التربية الحديثة والمواكبة لمتطلبات العصر.
أما المعلم هيثم طلفاح فأكد أن الدورات التي تلقاها ركزت على الاستراتيجيات الهادفة لتقييم الطلبة من جهة، وإكسابهم مهارات التفكير والحوار والتفاعل من جهة أخرى، ما ينعكس إيجاباً على العملية التربوية بصفة عامة.
وعززت برامج الأكاديمية عند معلمة الرياضيات في محافظة عجلون ساجدة غرايبة بأن المعلم هو موجه العملية التربوية وميسرها وليس ناقلاً للمعلومات كما كانت تعتقد في السابق – حسب قولها -، لافتة إلى وجود فروق بين “التعليم النظري” والتدريب العملي الذي تتلقاه حالياً في الأكاديمية، التي تنتهج استراتيجيات التعلم النشط والفعال، وتعزيز مهارات البحث العلمي والاستقصاء.
أما المعلمة إسراء القدومي، التي تعمل في إحدى مدارس محافظة الزرقاء، قالت إنها استفادت بعد دخولها الأكاديمية من البرامج والورشات التي تركز على الأدوات والطرق التعليمية الجديدة، والتي تعتمد بمجملها على إدخال التكنولوجيا بالتعليم، وصولاً إلى تعليم نوعي ومستويات متقدمة بوجه عام.
وانعكست البرامج التي تقدمها الأكاديمية على المعلم أنس جابر أحد المعلمين في منطقة البادية الشمالية بمحافظة المفرق، والذي بين أن التدريب أكسبهم خبرات مهمة عكسها على طرق التدريس، وبات الطلبة يدركون أهمية الأدوات والأساليب الجديدة في التعليم.
وتابع إن برامج الأكاديمية عززت من مهاراته وقدراته وساهمت بمشاركته في العديد من المسابقات وجوائز التميز والموظف المثالي، مثلما انعكس ذلك على الطلبة عبر تحفيزهم على المشاركة بالمسابقات العلمية على مختلف المستويات، حيث يشارك 3 من طلبته بجائزة انتل للعلوم والهندسة حالياً.