صفحة من حياة الراحل هزاع المجالي / سلطان الحطاب

يحتاج الراحل هزاع المجالي الى قراءة عميقة ومنصفة لدوره الواضح في الدعوة الى اقامة كيان فلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة وذلك في سنوات الخمسينيات المتأخرة حين كان رئيسا للوزراء قبل ان يقتل غيلة وغدرا بنسف مكتبه في رئاسة الوزراء وهو الرحيل المبكر لشاب مازال في مطلع الاربعينيات كان يعد بانجازات عظيمة لبلده وهو ما تكشف عنه سيرته..

جرى اغتيال هزاع ومجموعة ممن كانوا معه في مكتبه في العاشرة والنصف من صباح يوم 28/8/1960 اي قبل 49 سنة . .

لقد قتلته افكاره الجريئة في هذا الموضوع والتي اثارها في مؤتمرين الاول في اجتماع اللجنة السياسية لجامعة الدول العربية عام 1960 في لبنان وفي بلدة شتورة تحديدا وهو الاجتماع الذي بحث موضوع الكيان الفلسطيني وكان يمثل الاردن فيه وزير الخارجية موسى ناصر وكان السفير الاردني في لبنان وصفي التل وكان وزير الخارجية قد حمل افكار هزاع المجالي التي اعترض عليها في المؤتمر السفير وصفي التل ..

ثم ما لبث هزاع المجالي ان جدد مرة اخرى طرح افكاره حول هذا الموضوع الذي كانت مصر فيه تنازع الاردن بعد ان نجحت وحدة الضفتين واستطاع الاردن ان ينقذ ما تبقى من فلسطين في الضفة الغربية وشرق القدس..

في تموز عام 1960 وفي الدار البيضاء عقد رؤساء وزارات الدول العربية مؤتمرهم وكان هزاع المجالي يرأس الوفد الاردني الذي في عضويته الشيخ محمد علي الجعبري .

واخرون وقد عرض هزاع المجالي لافكاره حول ضرورة تأسيس الكيان الفلسطيني وكانت افكار هزاع ان يقوم الكيان الفلسطيني دون ان يتعارض مع وحدة الضفتين بمعنى اعطاء المزيد من الاستقلالية للتمثيل الفلسطيني في الوحدة وان يتم اختيار ممثلي الكيان الفلسطيني كممثلين للشعب الفلسطيني بموافقة الأردن باعتبار ان غالبية الشعب الفلسطيني تقيم في الأردن بضفتيه اللتين تشكلان المملكة ..

ويومها وافقت الدول العربية على اقتراح هزاع المجالي الذي كان يريد به قطع مزايدات بعض الدول العربية على الأردن خاصة وانها اعترضت على وحدة الضفتين وقد ظلت تسعى من جانبها لتأسيس تمثيل فلسطيني كما سعى عبد الناصر من بعد في عام 1964 لتأسيس منظمة التحرير الفلسطينية ووضع الوزير احمد الشقيري رئيسا لها .. (كان وزيرا في المملكة العربية السعودية).

استطاع يومها ان يقطع الطريق على المزايدات وقد احتج على ما طرحه هزاع المجالي آنذاك عضو الوفد الشيخ الجعبري الذي غادر القاعة عائدا الى عمان (انظر مذكرات نجيب الاحمد) فلسطين تاريخا ونضالا – وقد اكتشف الجعبري ان الملك الحسين كان على اطلاع بالتفاصيل المثارة ..

اطراف عديدة كادت لهزاع المجالي وارادت ان تثنيه عن طروحاته التي لم يمض شهران حتى كان ضحيتها . فبعد انتهاء مؤتمر الدار البيضاء وموافقة الدول العربية على انشاء كيان فلسطيني بدأ رئيس الوزارء هزاع مشاوراته لذلك واستدعى الشخصيات الفلسطينية ..

يقول نجيب الاحمد في كتابه فلسطين تاريخا ونضالا ص 664 ( استدعاني هزاع المجالي وقد كنت نائبا في البرلمان الاردني عن جنين كما استدعى نائب طولكرم حافظ الحمد الله لنكون عنده في مكتبه قبل ساعة ونصف من استشهاده وقال لنا لقد بذلت جهودا كبيرة لاصل الى اتفاق مع الدول العربية ووقف ضغطها علينا وذلك من أجل إقامة الكيان الفلسطيني..

وأنا اليوم وقد أوقفت الضغوط أعمل وأشهد الله أنني لا أقصد من ذلك سوى مصلحة القضية الفلسطينية التي هي القضية العربية الأولى لقد واجهت صعوبات كبيرة لدى العرب وعند الفلسطينيين ووجدت للأسف من يتاجر بالقضية الفلسطينية ويزايد علينا حتى الجعبري شكاني واتهمني..

لكن على كل حال تم الإتفاق على اختيار ممثلين للشعب الفلسطيني ليختاروا من بينهم لجنة تنطق بإسم الشعب الفلسطيني في المجالات الدولية لإظهار الشخصية الفلسطينية وقد إتفقنا مع كافة الدول العربية على أن يتم إختيار ممثلي الشعب الفلسطيني بتنسيق وبإتفاق مسبق مع الأردن وإنني أرغب أن أهيئ الجو للدول العربية بتقديم أسماء الأشخاص الذين يرى الأردن فيهم روح الوطنية والحفاظ على القضية وأن لهم رصيدا شعبيا حسنا بين مواطنيهم وهؤلاء يكونون المجلس التأسيسي أو الوطني أو أي إسم آخر لاختيار لجنتهم التنفيذية..

ويضيف صاحب المذكرات أن هزاع المجالي قال إنني سأقترح اختيار أسماء الشخصيات التي يمكن للدول العربية وكافة الأوساط الموافقة عليها لذلك يجب أن تكونوا ( حافظ الحمد الله ونجيب الأحمد عن طولكرم وجنين وسعيد علاء الدين وأنور الخطيب وكامل عريقات وأنور نسيبة عن منطقة القدس وأريحا وقدري طوقان وعبد القادر الصالح ووليد الشكعة وحكمت المصري عن منطقة نابلس وسعيد العزة وياسر عمر ومحمد سالم الذويب ووديع دعمس وصدقي الجعبري عن الخليل وبيت لحم وآخرون عن باقي المناطق وسيكون الإختيار بموافقة الجميع ال (15) شخصية من مخيمات اللاجئين في الضفتين ( عام 1960 ) وقد استثنى من الإختيارات الشيخ الجعبري..

وبعد كلام هزاع رد النائبان بالشكر على الثقة وطلبا مهلة للتشاور فقال هزاع أريد الأمر بسرعة خلال ثلاثة أيام فطلبنا اسبوعا ثم نلتقيه بالجواب.. يقول الأحمد غادرنا في العاشرة والنصف إلا خمس دقائق ومازلنا على بعد (300) م من الرئاسة حتى وقع الإنفجار فعدنا وإذا بالرئيس ومن كانوا معه أشلاء متناثرة نتاج نسف مكتبه.. ولم يقم الكيان الفلسطيني حتى عام 1974 بعد احتلال الضفة الغربية !!!

سلطان الحطاب – الرأي

Related posts

الأمم المتحدة…لنظام عالمي جديد ؟* د فوزي علي السمهوري

ما الخطر الذي يخشاه الأردنيون؟* د. منذر الحوارات

العرس ديموقراطي والدعوة عامة!* بشار جرار