مكافحة الفساد بالحقائق / خالد الزبيدي

khaled-zubaidy

نحن متيقنون أن البلاد كما عدد غير قليل من الدول تعاني من انتشار الفساد بأشكال مختلفة ماليا وإداريا ومن احتكارات وحصريات، وخلال السنوات القليلة الماضية تم تناول الفساد بشكل عشوائي واختلط الحابل بالنابل واستطاع عدد من الفاسدين الافلات بالغنيمة، وتحمّل الاقتصاد والمواطنون تبعات ذلك الفساد والمفسدين، وفي بعض الاوقات أدت بعض القرارات وتصريحات بعض المسؤولين وأحيانا مطالبات شعبية غير موزونة ادت الى الاساءة الى مناخ الاستثمار لذلك هجر مستثمرون البلاد الى مقاصد استثمارية، والاغرب من كل ذلك ان معظم نتائج مكافحة الفساد لم تكن منتجة ولم تساهم بوقف الفساد الذي اصبح اكثر قدرة لتحقيق اهدافه، وصولا الى الفساد الصغير الذي انتشر في المؤسسات بشكل مؤلم، ورسم صورة قاتمة للخدمات المقدمة للناس.
من مظاهر الفساد ..تعيين ابن مسؤول في وظيفة مجزية متجاوزا على اللوائح المعتمدة، وتخطي دور المتقدمين للعمل، ومن الالوان الاخرى للفساد عدم الاستجابة لمتنفذ او نائب لتعيين احد اقاربه او معارفه تدفعه الى سيل التهم ورمي مسؤولين بالفساد، ويحشد وقائع وارقام لا علاقة لها ببعضها البعض، ويستخدم وسائل التواصل الاجتماعي زاعما انه يعرف كذا ويقدم سيلا من البيانات، ولدى التدقيق فيها تجد انها مجرد وهم في وهم، وهنا يفترض ان تعمد السلطات التنفيذية الى الافصاح الدوري وكلما طلبت المعلومة بما يمكن الصحافة والاعلاميين بالمعلومات والارقام العادلة اذ غالبية المتابعين لا يجيدون البحث والوصول الى الارقام بواسطة الانترنت.
الفساد الكبير يحتاج الى عزيمة وقرارات حاسمة، وأول التشريعات الضرورية لتجفيف منابع الفساد .. تفعيل قانون من اين لك هذا، والافصاح عن الذمة المالية للمسؤولين في الوزارات والمؤسسات، ويكفي في هذا المجال الاستفادة من تجربة رئيس ماليزيا مهاتير محمد الذي استطاع فتح السجون للفاسدين وخلال اسبوعين استرداد قرابة 50 مليار دولار، وطبق فعليا مقولة .. محاربة الفساد، هذه المقولة التي اطلقها رؤساء وزارء في البلاد منذ سنوات، الا ان النتائج العملية والمادية لمكافحته لم تثمر، فقد سمعنا جعجعة ولم نر طحنا كما يقول المثل العربي المعروف.
مكافحة الفساد بأشكاله تحتاج الى عزيمة وطنية شاملة، حيث لا تستقيم مكافحة الفساد لاي منا عندما نسمح لانفسنا بتجاوز القوانين والتشريعات، وعلى السلطات التنفيذية والتنظيمة لحياتنا ان تلتزم بالقوانين والتشريعات وتطبيقها على الجميع بدون محاباة، وعلى مستوى الفرد لا يجوز شرعنة سرقة المياه والكهرباء وينبري نائب او متنفذ لمساعدة من يقوم بتلك التجاوزات والسرقات، وعلينا التوقف عن طلب التوسط لإنجاز اصغر معاملة او خدمة.. مكافحة الفساد تحتاح نزاهة واستقامة في المعاملات.. ويجب ان نواجه الفساد والمفسدين بالحقائق.

شاهد أيضاً

السمهوري: بات مطلوب اطرد كيانه الإستعماري من الأمم المتحدة؟

عروبة الإخباري – كتب عضو لجنة الشؤون الخارجية والبرلمانية في المجلس الوطني الفلسطيني، رئيس جمعية …