فنجان قهوة مع الباشا فاضل!!!

عروبة الإخباري – كتب سلطان الحطاب –  زرته في مكتبه وقد كنت من قبل ازور مدراء الأمن العام لأتزود بما يتزود به أي صحفي يريد المعرفة من مصدرها دون تخيل أو انحياز، واعترف أنني لم أزر أخر مديرين للأمن العام لانشغالهما بعيداً عن ما كان الشارع يرسمه من صور لدور جهاز الأمن العام، وكان لذلك الفهم أعراضاً سلبية لمسناها, فالبعض يعتقد انه إذا ضخم صوته وأن رأى فقط صورته يمكن أن يستغني عن إعلام وطني جاد يفسر ويحلل ويرود ويقدم الحقائق.
كنت ازور مدير الأمن العام الباشا توفيق الطوالبة الذي كان حريصاً هو الأخر أن يقدم الحقائق وان يعكس الصورة المشرقة لجهاز الأمن العام وسط مناكفات وصراعات دفع المجتمع ثمنها آنذاك، وانا اعتقد أن الرجل لم يستكمل وقته ولم يقدم كل ما عنده.
زرت مديرية الأمن العام والتقيت مديرها الرجل البشوش فاضل باشا الحمود الذي يشعرك كأنه يستقبلك في بيته.
ما لفت انتباهي بداية اللقاء تحذير الباشا أن لا اكتب عنه وان اكتب عن الجهد الكبير الذي تبذله مديرية الأمن العام من خلال منتسبيها على مختلف رتبهم ومستوياتهم ومسؤولياتهم خلال هذه الإدارة، وحتى عبر إدارات سابقة، فقد ظل جهاز الأمن العام جهازاً مؤسسياً لا يتأثر كثيراً بأي ترتيبات أدارية إلا بمقدار قدرة الإدارة الأولى في تعزيز مؤسسيته، ودفعه إلى المزيد من العمل لتحقيق الأهداف التي قام الجهاز من اجلها.
لا اخفي مرارة المدير العام من موجة الإشاعات التي استهدفت دور الجهاز ومحاولات البعض من الشخصيات النافذة أو من تعتقد أنها نافذة وهي تتغطى بالقانون من استهداف هذا الجهاز والنيل من أفراده الذين يضحون من خلال عملهم الموصول وسهرهم المرهق.
لفت انتباهي تساؤل المدير العام لجهاز الأمن العام وهو يقول: ” لنتخيل أن عمان بدون شرطة سير وبدون تنظيم لما تعيشه من اختناقات وأزمات ما الذي تتصوره؟ لم أجب لكنني اعتقد أن ردي سيكون هو بالمطالبة وتعزيز دور رجال السير تحديداً، ودور كل المنتسبين للجهاز على مختلف أدوارهم، فهذه العاصمة الجميلة الكبيرة الممتدة التي عاشت طفرة هائلة من النمو وزيادة التعداد، لم يعد بالإمكان التعامل معها بالأساليب القديمة، وإنما لا بد من إحلال النظام الصارم والقانون الشفاف في التعامل مع الجميع وان المسؤول يجب أن يكون الأكثر إيمانا بالقانون والاستجابة لإجراءاته وتمثله وتشكيل القدوة فيه لا الخروج عليه .
التحريض أو الاستعداء على الشرطي أو على أي منتسب لجهاز الأمن العام في أي رتبة هو كالتعسف الذي يمكن أن يمارسه رجل الأمن على المواطن بل ربما يزيد، لأن إحباط رجل الأمن يترك سلوكاً سلبياً لديه ويشعره انه غير محمي وانه عرضة للمزاج والنزق.
نريد القانون لحماية كل الأطراف وان تحمي الوظيفة العامة التي لا يجوز أن تسدد في سبيل فلان أو علان كما يجري في بلادنا أحيانا، والموظف الذي يجري استهدافه والعمل على الإطاحة به واقتلاعه أو إحالته إلى التقاعد أو نقله وثم بعد ذلك نتساءل عن ضعف جهازنا الإداري وعن عدم قدرته.
لنحمي الوظيفة العامة من استهداف كبار المسؤولين وكبار المستفيدين، ولنحمي الوظيفة العامة بإدامة نزاهتها والوقوف إلى جانب المنتسب إليها أن كان على حق، وهناك نماذج عديدة في ذلك وهناك مدراء في الأمن العام سجلوا دفاعهم عن المنسبين للجهاز ولم يسلموهم لرغبة هذا أو ذلك أو لترجمة نفوذ هذا أو ذلك، ولذا فإن من يستحق التكريم على عمله يجب أن يكرم علنا دون خجل أو تردد، غضب من غضب أو رضي من رضي ومن لا يستحق يجب أن يحاسب أيا كان موقعه.
فالدولة وهي أعظم اختراع للبشرية لا بد أن تبقى قوية في تطبيق القانون وان تكون دولة الدستور لان عكس ذلك يعني السقوط والضياع.
ما زلنا نعتز بجهاز الأمن العام لدوره وانضباطه ووطنيته، وما زلنا نرى فيه حزاماً حامياً وحالة من المناعة ورافعة حقيقية في الدفاع عن الاستقرار والأمن الذي هو إطار كل تنمية وازدهار.
لا يستهدف هذا المقال الحديث عن انجازات جهاز الأمن العام فهي كثيرة ومتعددة وتحتاج إلى دراسة واسعة، كما لا يستهدف الدفاع عن الجهاز بالقول انه معصوم فلكل عمل أخطاء ولكن السكوت عن الخطأ هو الجريمة، والسكوت عن الانجاز وإشهاره يغري الكسالى والفاسدين على التطاول.
أما معالجة الخطأ والتخلص منه فهو في صلب الوطنية والإخلاص وإذا كان من قول لنا نقوله للسادة المستفيدين في مواقع السلطة التنفيذية أو التشريعية وما بينهما من متنفذي الجاه والمال فهو أن اتركوا أولادنا وإخواننا في جهاز الأمن العام يقومون بواجباتهم دون خوف أو إرباك، وأن يمكنوهم في أداء مهامهم في ظل القانون، لأننا بحاجة إليهم حاجة المظلة من الشمس الحارقة وحاجة الماء حين العطش، وحاجة الأمن في سورة الإيلاف فالذي أطعمنا من جوع جعل الأمن في ترتيب ثان حين قال: ” الَّذِي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ” ويبقى أن أقول للباشا الذي كرمني بالاستقبال وبالبشاشة وطمنني عن حالنا في هذا السياق أنني أخذت برغبتك ولم اكتب عنك ما وددت أن اذكره من دور يعتز به كل من عرفك.

  

Related posts

ماذا لو فاز ترمب … وماذا لو فازت هاريس؟* هاني المصري

الأمم المتحدة…لنظام عالمي جديد ؟* د فوزي علي السمهوري

مندوبا عن الملك وولي العهد.. العيسوي يعزي عشائر الغويري والمعايطة والعليمات