بازار المناصب السيادية في العراق/أحمد صبري

”.. شخصية برهم صالح التي عدها مقربون منه أنها غامضة ولاتعكس مواقفه المعلنة عما يدور في ذهنه، لاسيما المتعلقة بطموحاته الشخصية والسياسية، وضعته في دائرة الشك لدى معارضيه، مما سبب له متاعب داخل حزبه وفي علاقاته مع رئيس إقليم كردستان مسعود البرزاني، ومع بغداد لاسيما تصريحاته المتناقضة حول كركوك وحق تقرير المصير للأكراد واستقلال كردستان.”

يشهد بازار المناصب السيادية في العراق تنافسا محموما بين المرشحين على شغلها. فبعد أن حسم أمر رئاسة البرلمان الذي تنافس عليه نحو سبعة مرشحين بفوز محمد الحلبوسي وسط اتهامات من منافسيه بأنه اشترى المنصب بملايين الدولارات.
فإن منصبي رئاستي الجمهورية والوزراء تشهد صراعا وسباقا محموما حتى من بين نفس الطوائف والأحزاب في مشهد يعكس الانقسام السياسي والمجتمعي.
ويتصدر منصبي رئاستي الحكومة والجمهورية اهتمام وانشغال الشارع العراقي لأهميتهما في تشكيل المشهد السياسي المقبل، فرئاسة الحكومة ـ كما هي الجمهورية ـ تتطلب توافقا سياسيا طبقا لنظام المحاصصة الطائفية التي كانت سمة مابعد الاحتلال.إلا أن المرحلة الحالية شهدت تنافسا غير متوقع لأحقية هذا الطرف أو ذاك، لاسيما الموقف الكردي الذي يسعى لتكريس هيمنته على الرئاسة العراقية.
وأدى الخلاف بين حزبي البرزاني والطالباني إلى صراع على شغل منصب الرئاسة بتنافس نحو 15 مرشحا من كلا الحزبين للفوز بها، غير أن استطلاعات الرأي العام ترجح المرشح برهم صالح للفوز بالموقع الذي يتطلب أن يحصل على موافقة البرلمان العراقي لشغله. والمرشح برهم صالح ليس لطموحه السياسي لاحدود له،وهو الآن على بعد خطوات لرئاسة العراق وهو القيادي الكردي الذي يرفع لواء تجديد حيوية حزب الاتحاد الوطني عبر برنامج إصلاحي قبل أن ينشق عنه ويعود إليه مؤخرا.
وواقعية برهم واعتداله وتعاطيه مع المتغيرات في البيت الكردي لخصها بالقول (الخسارة مرة والتهرب من قرار الشعب مخجل)،والنهج الإصلاحي والتجديدي لبرهم صالح وضعه في مواجهة مع القيادات التاريخية للحزب التي ترفض أي استدارة غير محسوبة في مسار وتوجهات الحزب.
ولد برهم صالح عام 1960 في مدينة السليمانية وترعرع في بيت سياسي، فأبوه قاض وسياسي، وأمه ناشطة سياسية، تحول من مهندس إلى سياسي، سرعان ما انخرط في العمل. ووظيفة والده كقاضٍ فتحت الآفاق أمام برهم صالح الذي جال في مدن الجنوب العراقي، واطلع على عادات وتقاليد عرب العراق أكسبته خبرة وزادته معرفة بأحوال العراق، إذ ساعده والده على تعلم اللغة العربية، عندما كان يدرس الحقوق في جامعة بغداد.
بعد غزو العراق واحتلاله شغل برهم صالح منصب نائب رئيس أول حكومة في العراق شكلها إياد علاوي. ثم نائبا لرئيس الحكومة العراقية، ووزيرا للتخطيط والإنماء في حكومة إبراهيم الجعفري عام 2005، فنائبا لرئيس الحكومة العراقية للمرة الثانية في حكومة نوري المالكي.
وشخصية برهم صالح التي عدها مقربون منه أنها غامضة ولاتعكس مواقفه المعلنة عما يدور في ذهنه، لاسيما المتعلقة بطموحاته الشخصية والسياسية وضعته في دائرة الشك لدى معارضيه، مما سبب له متاعب داخل حزبه وفي علاقاته مع رئيس قليم كردستان مسعود البرزاني ومع بغداد، لاسيما تصريحاته المتناقضة حول كركوك وحق تقرير المصير للأكراد واستقلال كردستان.
وهاجس الانشقاق وتصدع الاتحاد الوطني الكردستاني تخيم على قياداته وقواعده تسببت في شلل وركود في نشاطه، وتبلورت أكثر منذ أن أخفقت زوجة الطالباني هيرو إبراهيم بسعيها لخلافة زوجها في رئاسة العراق، وهو ما اعتبره برهم صالح ترسيخا لمفهوم الوراثة.

Related posts

سكوت ريتر: لماذا لم أعد أقف مع إسرائيل؟ ولن أقف معها مرة أخرى

ماذا لو فاز ترمب … وماذا لو فازت هاريس؟* هاني المصري

الأمم المتحدة…لنظام عالمي جديد ؟* د فوزي علي السمهوري