عروبة الإخباري – قال رئيس دولة فلسطين محمود عباس، في خطابه امام الدورة الثالثة والسبعين في الجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك، اليوم الخميس، إن القدس ليست للبيع، وأن عاصمتنا هي القدس الشرقية وليست في القدس، وحقوق شعبنا ليست للمساومة.
وأكد الرئيس، الذي استقبل بتصفيق حار لدى دخوله إلى قاعة الامم المتحدة لإلقاء خطابه، أن هناك اتفاقات مع إسرائيل وقد نقضتها جميعاً، فإما أن تلتزم بها، أو نخلي طرفنا منها جميعاً، وعليها أن تتحمل مسؤولية ونتائج ذلك.
وقال إن إسرائيل لم تنفذ قراراً واحداً من مئات القرارات التي أصدرها مجلس الأمن وآخرها القرار 2334، والجمعية العامة للأمم المتحدة والمتعلقة بالقضية الفلسطينية، (86 قراراً لمجلس الأمن و705 قرارات للجمعية العامة).
وتساءل سيادته: هل يجوز أن تبقى إسرائيل من دون مساءلة أو حساب؟ وهل يجوز أن تبقى دولة فوق القانون؟ ولماذا لا يمارس مجلس الأمن الدولي صلاحياته لإجبار إسرائيل على الامتثال للقانون الدولي وإنهاء احتلالها لدولة فلسطين؟.
وشدد الرئيس على أن السلام في منطقتنا لن يتحقق من دون تجسيد استقلال دولة فلسطين بعاصمتها القدس الشرقية وبمقدساتها كافة.
وقال: “هناك كثير من الذين يحاولون أن يتذاكوا علينا ويقولوا عاصمتكم في القدس الشرقية، لا، هذا تلاعب بالألفاظ، عاصمتنا هي القدس الشرقية وليس في القدس الشرقية، فلا سلام بغير ذلك، ولا سلام مع دولة ذات حدود مؤقتة”.
وأضاف الرئيس: “الآن هناك مشكلة في الخان الأحمر، فإسرائيل مصممة على تدمير هذه القرية، التي يقطنها سكانها منذ أكثر من 50 عامًا، وإذا دمرت إسرائيل هذه القرية فهي تدمر وحدة الضفة الغربية، أي تقسمها بين الشمال والجنوب، وهذا ما تريده إسرائيل”.
وتابع: “كذلك الاعتداءات القادمة على الأقصى، الآن خرجوا علينا بأن المحكمة العليا الإسرائيلية ستصدر قرارا بتقسيم الأقصى مكانيا وزمانيا، وبالتأكيد لن نقبل ذلك، وغيرنا كثير من أصحاب النخوة والمروءة والكرامة ومحبي السلام لن يقبلوا وعلى إسرائيل أن تتحمل النتائج”.
وجدد سيادته التأكيد على أننا لن نقبل بعد اليوم رعاية أمريكية منفردة لعملية السلام، لأن الإدارة الأمريكية فقدت بقراراتها الأخيرة أهليتها لذلك، كما نقضت كافة الاتفاقات بيننا، فإما أن تلتزم بما عليها، وإلا فإننا لن نلتزم بأي اتفاق.
وقال: “هناك اتفاقات مع الادارة الأميركية، فلماذا نقضتها جميعها، فإما ان تلتزم بما عليها، وإلا فإننا لن نلتزم بأي اتفاق”.
وأضاف: “رغم كل ذلك، أجدد الدعوة للرئيس ترمب لإلغاء قراراته وإملاءاته بشأن القدس واللاجئين والاستيطان التي تتعارض مع القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية، وما جرى بيننا من تفاهمات، حتى نتمكن من إنقاذ عملية السلام وتحقيق الأمن والاستقرار للأجيال المقبلة في منطقتنا”.
وأكد الرئيس أن المجلس الوطني “برلمان دولة فلسطين”، اتخذ قرارات هامة تُلزمني بإعادة النظر في الاتفاقات الموقعة مع الحكومة الإسرائيلية، السياسية والاقتصادية والأمنية على حد سواء، وفي مستقبل السلطة الوطنية الفلسطينية التي أصبحت دون سلطة، وتعليق الاعتراف الفلسطيني بإسرائيل، إلى حين اعتراف إسرائيل بدولة فلسطين، على حدود الرابع من حزيران عام 1967، والتوجه للمحاكم الدولية (بما فيها المحكمة الجنائية الدولية)، للنظر في انتهاكات الحكومة الإسرائيلية للاتفاقات الموقعة، وانتهاكات الاحتلال ومستوطنيه بحق شعبنا وأرضنا ومقدساتنا.
وحول “قانون القومية للشعب اليهودي”، قال الرئيس إن هذا القانون يقود حتماً إلى قيام دولة واحدة عنصرية (دولة أبرتهايد) ويلغي حل الدولتين، ويشكل خطأً فادحاً وخطراً محققاً من الناحيتين السياسية والقانونية، ويعيد إلى الذاكرة دولة التمييز العنصري في جنوب إفريقيا.
وطالب المجتمع الدولي برفضه وإدانته، واعتباره قانوناً عنصرياً باطلاً وغير شرعي، كما ادانت الأمم المتحدة دولة جنوب إفريقيا سابقاً في قرارات عدة.
وأعرب الرئيس عباس عن أمله بأن تتبنى الجمعية العامة للأمم المتحدة، المبادرة التي كان طرحها في جلسة لمجلس الأمن الدولي بتاريخ 20 شباط/ فبراير من العام الجاري، والتي تدعو لعقد مؤتمر دولي للسلام، يستند لقرارات الشرعية الدولية، والمرجعيات المجمع عليها أممياً، بمشاركة دولية واسعة تشمل الأطراف الإقليمية والدولية الفاعلة، وعلى رأسها أعضاء مجلس الأمن الدائمون والرباعية الدولية.
وجدد سيادته التأكيد على أننا لسنا ضد المفاوضات ولم نرفضها يوماً، وسنواصل مد أيدينا من أجل السلام، وأننا لن نلجأ إلى العنف والإرهاب مهما كانت الظروف.
وطلب الرئيس رفع مستوى عضوية دولة فلسطين في الجمعية العامة للأمم المتحدة، حتى تتمكن من أداء المهام المتعلقة برئاسة مجموعة الـ77 التي تضم في عضويتها 134 دولة على أكمل وجه.
وشدد سيادته على ضرورة وضع آليات محددة لتنفيذ قرار الحماية الدولية للشعب الفلسطيني، في أسرع وقت ممكن.
وقال سيادته: نحن شعب غير زائد على وجه الكرة الأرضية، بل متجذر فيها منذ 5 آلاف سنة، مخاطبا الجمعية العامة “عليكم انصافنا وتنفيذ قراراتكم”.
وجدد الرئيس رفضه بأن يكون الدعم الاقتصادي والإنساني المقدم لشعبنا في الضفة الغربية وقطاع غزة، بديلاً للحل السياسي القائم على إنهاء الاحتلال وتجسيد استقلال دولة فلسطين على الأرض، وبديلاً عن رفع الحصار الإسرائيلي وإنهاء الانقسام القائم في قطاع غزة.
وحول المصالحة، أكد الرئيس مواصلة الجهود الصادقة والحثيثة لإنهاء الانقسام وتحقيق المصالحة، ورغم العقبات التي تقف أمام مساعينا المتواصلة لتحقيق ذلك، ماضون حتى الآن في تحمل مسؤولياتنا تجاه أبناء شعبنا.
وأعرب عن تقديره لأشقائنا العرب ولمصر الشقيقة على وجه التحديد، لما تقوم به من جهود لإنهاء هذا الانقسام، معربا عن أمله بأن تُتوج هذه الجهود بالنجاح.
وجدد سيادته استعداد حكومة الوفاق الوطني، لتحمل مسؤولياتها كاملة في قطاع غزة، بعد تمكينها من ممارسة صلاحياتها كاملة، في إطار النظام السياسي الفلسطيني الواحد، والسلطة الشرعية الواحدة، والقانون الواحد، والسلاح الشرعي الواحد.
وأكد سيادته أن هناك اتفاقات مع حركة حماس، وآخرها اتفاق 2017، فإما أن تنفذها بالكامل، أو نكون خارج أية اتفاقات أو إجراءات تتم بعيداً عنا، ولن نتحمل أية مسؤولية، وسنواجه بكل حزم المشاريع الهادفة إلى فصل قطاع غزة الحبيب عن دولتنا تحت مسميات مختلفة.
ودعا الجمعية العامة للأمم المتحدة لأن تجعل دعم الأونروا التزاماً دولياً ثابتاً، فالوكالة تأسست بقرار من الجمعية العامة عام 1949 وتم تفويضها بتقديم المساعدة للاجئين الفلسطينيين إلى أن يتم التوصل لحل دائم لقضيتهم.
وختم سيادته خطابه امام الأمم المتحدة، بتوجيه تحية إكبار لشهدائنا الأبرار وأسرانا البواسل، وقال: “إسرائيل تعتبر هؤلاء مجرمين، لماذا يوجد لديها آلاف مؤلفة ممن يعتدون على شعبنا ويعتبرونهم أبطالا؟ لماذا الذي قتل رابين يعتبر بطلا في إسرائيل؟ ويعتبرون أسرانا مجرمين ويجب ألا يصرف لهم؟”.
وفيما يلي نص خطاب الرئيس:
“حقوق الشعب الفلسطيني ليست للمساومة،
بسم الله الرحمن الرحيم
السيدة ماريا فرناندز رئيسة الجمعية العامة للأمم المتحدة،
السيد انطونيو غوتيريس الأمين العام للأمم المتحدة،
السيدات والسادة المحترمون السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
السلام عليكم، سنبقى مؤمنين بالسلام، ونحافظ على السلام، وسنصل لدولتنا المستقلة بالسلام، لأن الله معنا، ولأن قضيتنا عادلة ولأن شعبنا ضحى بالكثير، ولأنكم أنصار السلام، والله سبحانه وتعالى على الظالمين، وحسبي الله ونعم الوكيل.
في مثل هذه الأيام من العام الماضي، جئتكم أطلب الحرية والاستقلال والعدل لشعبي المظلوم، الذي يرزح تحت نير الاحتلال الإسرائيلي منذ 51 عاماً، وأعود إليكم اليوم وهذا الاحتلال الاستعماري ما زال جاثماً على صدورنا، يقوض جهودنا الحثيثة لبناء مؤسسات دولتنا العتيدة، التي اعترفت بها جمعيتكم الموقرة عام 2012.
خلال هذا العام ايها السيدات والسادة انعقد المجلس الوطني الفلسطيني، برلمان فلسطين، حيث جرى تجديد شرعية مؤسساتنا الوطنية، بانتخاب قيادة جديدة لمنظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني.
وقد اتخذ هذا البرلمان قرارات هامة تُلزمني بإعادة النظر في الاتفاقات الموقعة مع الحكومة الإسرائيلية، السياسية والاقتصادية والأمنية على حد سواء، وفي مستقبل السلطة الوطنية الفلسطينية التي أصبحت مع الأسف دون سلطة، كما طالبني بتعليق الاعتراف بدولة إسرائيل، إلى حين أن تعترف إسرائيل بالدولة الفلسطينية، وذلك على حدود الرابع من حزيران عام 1967، وكذلك طالبني أيضا بالتوجه للمحاكم الدولية (بما فيها المحكمة الجنائية الدولية)، للنظر في انتهاكات الحكومة الإسرائيلية للاتفاقات الموقعة، واعتداءات الجيش الإسرائيلي والممارسات الإرهابية للمستوطنين على شعبنا وأرضنا ومقدساتنا الدينية.
ونلاحظ وتلاحظون أيها السيدات والسادة، أن المستوطنين الإسرائيليين وحتى الجيش الإسرائيلي في كل يوم يدوسون قدسية مقدساتنا وعلى رأسها المسجد الأقصى وكنيسة القيامة يوميا”.
أيتها السيدات والسادة،
في شهر (يوليو) الماضي، أقدمت إسرائيل على إصدار قانون عنصري تجاوز كل الخطوط الحمراء، أسمته “قانون القومية للشعب اليهودي”، ينفي علاقة الشعب الفلسطيني بوطنه التاريخي، ويتجاهل حقه في تقرير المصير في دولته، وروايته التاريخية، وقرارات الأمم المتحدة المتعلقة بالقضية الفلسطينية، والاتفاقات الموقعة مع إسرائيل، كما أن هذا القانون يقود حتماً إلى قيام دولة واحدة عنصرية (دولة أبرتهايد) ويلغي حل الدولتين، إسرائيل تمارس العنصرية، لكنها توجت ذلك بهذا القانون.
ويميّز هذا القانون ضد المواطنين العرب أيضا في إسرائيل، عندما يعطي حق تقرير المصير في دولة إسرائيل حصرياً لليهود، وبذلك يشرِّع التمييز ضد هؤلاء المواطنين العرب الذين يمثلون 20% من سكان إسرائيل، وكذلك ضد غير اليهود ممن هاجروا إليها، ويخرجهم من دائرة المواطنة، هناك على الأقل 5 % من سكان إسرائيل الحالية هاجروا وهم ليسوا يهودا -مسيحيين ومسلمين- هاجروا من الاتحاد السوفييتي السابق، هؤلاء أيضا أخرجوا من دائرة المواطنة.
إن هذا القانون يشكل خطأً فادحاً وخطراً محققاً من الناحيتين السياسية والقانونية، ويعيد إلى الذاكرة دولة التمييز العنصري في جنوب إفريقيا، ولذلك فنحن نرفضه وندينه بشدة، ونطالب المجتمع الدولي وجمعيتكم الموقرة برفضه وإدانته، واعتباره قانوناً عنصرياً باطلاً وغير شرعي، كما ادانت الأمم المتحدة دولة جنوب إفريقيا سابقاً في قرارات عدة، علماً بأن الآلاف من اليهود الآن والمواطنين الإسرائيليين رفضوا هذا القانون، 56 نائبا من الكنيست من أصل 120 رفضوا هذا القانون، لأنهم يعتقدون أنه قانون التمييز العنصري، فأرجو من الأمم المتحدة أن تحذو حذو جزء هام من سكان إسرائيل برفض هذا القانون.
هذا القانون العنصري، أيتها السيدات والسادة، يتحدث عما يسمونه أرض إسرائيل، فهل لكم أن تسألوا الحكومة الإسرائيلية، أين هي أرض إسرائيل؟! وما هي حدود دولة إسرائيل التي أتحدى أن يعرفها أحد منكم؟!، أين هي حدود دولة إسرائيل؟ موجودة في الخارطة؟ لا، ليتفضلوا ويحددوا دولتهم، لا يوجد”.
إن هذا القانون العنصري يشكل وصمة عار أخرى في جبين دولة إسرائيل، وفي جبين كل من يسكت عنه، وكذلك القوانين الإسرائيلية الأخرى التي شرعت القرصنة وسرقة أرض وأموال الشعب الفلسطيني.
أيتها السيدات والسادة،
لقد تعاملنا بإيجابية تامة مع مبادرات المجتمع الدولي المختلفة لتحقيق السلام بيننا وبين الإسرائيليين، ومن ضمنها مبادرة السلام العربية التي اعتمدت في قرار مجلس الأمن 1515، وتعاملنا مع إدارة الرئيس ترامب منذ وصوله إلى سدة الحكم بذات الإيجابية، ورحبنا بوعده بإطلاق مبادرة لتحقيق السلام، والتقيت معه عدة مرات على مستوى القمة.
وانتظرنا مبادرته بفارغ الصبر، ولكننا فوجئنا بما أقدم عليه من قرارات وإجراءات تتناقض بشكل كامل مع دور والتزامات إدارته تجاه عملية السلام، حيث قامت هذه الإدارة في شهر (نوفمبر 2017) بإصدار قرار يقضي بإغلاق مكتب منظمة التحرير في العاصمة الأمريكية، وقام هو بالاعتراف بالقدس عاصمة لدولة إسرائيل، ونقل سفارة بلاده من تل أبيب إليها، وأصبح يتفاخر بأنه أزاح قضية القدس واللاجئين والمستوطنات والأمن من على طاولة المفاوضات، الأمر الذي يدمر المشروع الوطني الفلسطيني، ويشكل اعتداءً على القانون الدولي والشرعية الدولية، وتمادت الإدارة في عدوانيتها بقطع المساعدات عن السلطة الوطنية الفلسطينية وعن وكالة الغوث (الأونروا)، وكذلك عن المستشفيات الفلسطينية في القدس الشرقية المحتلة، ثم يتحدثون عن المساعدات الإنسانية، حتى المساعدات الإنسانية قطعوها.
وبمجمل هذه المواقف تكون الإدارة قد تنكرت لالتزامات أمريكية سابقة، وقوضت حل الدولتين وكشفت زيف ادعاءاتها بالحرص على الأوضاع الإنسانية للفلسطينيين. وما يثير السخرية أن الإدارة الأمريكية لا تزال تتحدث عما تسميه “صفقة العصر”، فماذا تبقى لدى هذه الإدارة لتقدمه للشعب الفلسطيني: هل هي فقط حلول إنسانية؟ لأن “أميركا” عندما تزيح عن الطاولة القدس واللاجئين والأمن وغيرها، ماذا يتبقى لتقدمه لنا كحل سياسي في الشرق الأوسط؟.
ما زال الكونغرس يصر على اعتبار منظمة التحرير، التي تعترف بها الأغلبية الساحقة من دول العالم، بما في ذلك إسرائيل، إسرائيل تعترف بمنظمة التحرير، كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني، هذا ما تعترف به اسرائيل، أما الكونغرس الأميركي فاعتبرها منظمة إرهابية، في وقت تتعاون فيه دولة فلسطين مع معظم دول العالم، بما فيها الولايات المتحدة لمحاربة الإرهاب. فلماذا كل هذا العداء المستحكم للشعب الفلسطيني الذي يرزح تحت احتلال تدعمه الولايات المتحدة؟.
نقول لهم، مواقفنا واضحة بشكل عام ومطلق لكل الناس، ونتحداهم إن كنا أخطأنا مرة، إن كنا ارتكبنا خطأ واحدا في مسيرتنا الطويلة، ومع ذلك، يأتي الكونغرس ليقول إننا منظمة ارهابية، كيف؟ لا أدري، هو يقرر وعلينا ألا نستمع.
لقد عرضنا على الإدارة الأمريكية على مدى سنوات تشكيل لجنة فلسطينية-أمريكية للبحث في مكانة منظمة التحرير الفلسطينية السياسية والقانونية حتى نثبت لهم بأن منظمة التحرير هي منظمة ملتزمة بتحقيق السلام وبمحاربة الإرهاب، وأن قرار الكونغرس بشأنها هو قرار تعسفي وغير قانوني وغير مبرر، ويتجاهل بشكل متعمد الاتفاق الرسمي مع الإدارة الأمريكية لمحاربة الإرهاب، هذا الاتفاق الذي عقدناه مع 83 دولة أخرى، لدينا بروتوكولات مع 83 دولة من دولكم تحت عنوان محاربة الإرهاب، بما في ذلك الولايات المتحدة ومع ذلك الكونغرس يسمينا إرهابيين.
ورغم كل ذلك، فإنني ومن على هذا المنبر الموقر، أجدد الدعوة للرئيس ترمب لإلغاء قراراته وإملاءاته بشأن القدس واللاجئين والاستيطان التي تتعارض مع القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية، وما جرى بيننا من تفاهمات، حتى نتمكن من إنقاذ عملية السلام وتحقيق الأمن والاستقرار للأجيال القادمة.
هذه جزء من التفاهمات الموقعة بيننا وبينهم، حول كثير من القضايا، الآن تجاهلوها جميعا.
ايتها السيدات والسادة:
للتأكيد على تمسكنا بالسلام وحل الدولتين، وبالمفاوضات التي لم نرفضها في يوم من الأيام سبيلاً لتحقيق ذلك، أنا أتحدى إن كان طلب منّا مرة واحدة أن نجلس على طاولة المفاوضات ورفضنا، بل على العكس تمامًا، دعينا أكثر من مرة من عدة دولة منكم هنا، وقالوا لنا تعالوا لنجلس مع السيد نتنياهو وأنتم، لنجلس سويًا، وكنت أوافق في كل مرة، وأتحدى إذا وافق نتنياهو مرة واحدة، وأتحدى إذا رفضنا مرة واحدة.
ومن أجل إنقاذ عملية السلام، عَرَضتُ في جلسة لمجلس الأمن الدولي بتاريخ 20 (فبراير) من هذا العام مبادرة تدعو إلى عقد مؤتمر دولي للسلام، يستند لقرارات الشرعية الدولية، والمرجعيات المجمع عليها أممياً، ويتم بمشاركة دولية واسعة تشمل الأطراف الإقليمية والدولية الفاعلة، وعلى رأسها أعضاء مجلس الأمن الدائمون والرباعية الدولية. وسوف نقوم بتوزيع هذه المبادرة كاملة على حضراتكم بأمل تبنيها من قبل جمعيتكم الموقرة. وهنا أجدد القول بأننا لسنا ضد المفاوضات إطلاقًا ولم نرفضها يوماً، وسنواصل مد أيدينا من أجل السلام.
نحن لا نؤمن إلا بالسلام طريقًا للوصول إلى حل لقضيتنا، كما قلت في المقدمة، ولا نؤمن بالعنف والإرهاب، وأعلنا ذلك مرارًا وفي كل المناسبات، ما هو المطلوب منّا؟ مفاوضات، إذا كانت الشرعية الدولية منذ 1947 إلى اليوم لا يحترم قرار واحد من قراراتها، ثم يتحدثون عن حلول، أي حلول؟.
أيتها السيدات والسادة،
إن السلام في منطقتنا لن يتحقق من دون تجسيد استقلال دولة فلسطين بعاصمتها القدس الشرقية، وبمقدساتها كافة، هناك كثير من الذين يحاولون أن يتذاكوا علينا، ويقولون عاصمتكم في القدس الشرقية، لا، هذا تلاعب بالألفاظ، يعني أبو ديس، هنا أو هناك من المناطق المحيطة بالقدس، لا، عاصمتنا هي القدس الشرقية، وليس في القدس الشرقية، لا يتذاكى أحد علينا، لا يتذاكوا علينا، القدس الشرقية التي احتلت عام 1967 هي عاصمتنا، فلا سلام بغير ذلك، ولا سلام مع دولة ذات حدود مؤقتة، اخترعوا لنا الدولة ذات الحدود المؤقتة، إن كنتم تعرفون قبل أكثر من عشر سنوات، يعني أن نأخذ دولة لكن حدودها غير معروفة، مثل دولة إسرائيل غير معروفة الحدود، وبعد ذلك نتحدث، لا، نريد دولة معروفة الحدود، ومعروفة الحقوق، ونعيش جنبًا الى جنب مع الإسرائيليين، أمّا بدون ذلك فلا، أنتم هنا 138 دولة، إضافة إلى دولة أخيرة اعترفت بنا وهي كولومبيا، أصبح العدد 139 دولة، نحن نطالب من هذه الدول الاعتراف بدولة فلسطين.
ولا سلام مع دولة مزعومة في غزة، بل طريق السلام هو قراركم في 29/12/ 2012، وبإجماع 138 دولة، أي دولة فلسطين على حدود 1967
ولأجل ذلك أدعو دول العالم التي لم تعترف بعد بدولة فلسطين للإسراع بهذا الاعتراف، إذ إنني لا أرى سبباً مقنعاً لتأخر بعض الدول، في الاعتراف بدولة فلسطين.
وفي هذا السياق، أود أن ألفت النظر بأن دولة فلسطين سوف تترأس في العام 2019 مجموعة الـ 77+ الصين، بالمناسبة قبل عشر دقائق اجتمعنا في القاعة الأخرى للأمم المتحدة وأعلن فخامة الرئيس السيسي أننا انتخبنا انتخابًا حرًا من 134 دولة لنترأس مجموعة الـ77، ومع ذلك هناك دول تقول نحن نعترف بالدولتين، يعترف بإسرائيل ولا يعترف بنا. لماذا؟ وما هو الفرق؟ ما دمت تعترف بدولة إسرائيل وتعترف بالدولتين لماذا لا تعترف بنا؟ هل تجامل أحدًا ما؟ هل تماشي أحدًا ما؟ لا، نحن لا نقبل هذا المنطق ونقول لهذه الدول. نعم، لا بد أن تعترفوا، لا يعني هذا أننا لن نذهب إلى المفاوضات بل بالعكس هذا يزيد الموقف السياسي الدولي قوة بأن نذهب إلى المفاوضات بدعمكم عندما تعترفون بدولة فلسطين ولا يكون هذا الاعتراف أحاديًا. يعني أن تقوم بعمل أحادي. أبدًا. لأنك تعترف بالدولتين في آن معًا وتطالب بالمفاوضات. ما هو الفرق؟.
أتوجه إليكم بطلب رفع مستوى عضوية دولة فلسطين في الجمعية العامة للأمم المتحدة، حتى تتمكن من أداء المهام المتعلقة برئاسة هذه المجموعة على أكمل وجه خلال فترة ترؤسها.
أتوجه إلى دولة كولومبيا بالتقدير والامتنان لاعترافها بدولة فلسطين بحيث أصبحت الدولة رقم “139” التي تعترف بدولة فلسطين وكذلك دولة الباراغواي التي سبقتها بالاعتراف، وقررت إعادة سفارتها من القدس إلى تل أبيب، وأدعو دولة غواتيمالا أن تحذو حذوها.
أيتها السيدات والسادة،
أود أن أذكركم مرة أخرى بأن إسرائيل لم تنفذ قراراً واحداً من مئات القرارات التي أصدرتها الجمعية العامة (هناك 705 قرارات من الجمعية العامة منذ عام 1947 إلى يومنا هذا، وهناك 86 قرارًا من مجلس الأمن من عام 1948 إلى الآن). ولا قرار نفذ، إسرائيل لم تنفذ قرارًا واحدًا، مع الأسف أقولها بصراحة مدعومة بتأييد الولايات المتحدة لأن الجمعية العامة أو الدول الأخرى عندما نسألها توافق، الجمعية العامة أعطتنا 139 صوتا و42 وقفوا على الحياد والذين اعترضوا فقط 8 دول، إلى متى ستبقى إسرائيل خارج القانون؟ وتلعب كما تشاء وتتمرد كما تشاء مدعومة بمن تشاء.
السيدة الرئيسة،
السادة أعضاء الجمعية العامة،
إننا نقاوم هذا الاحتلال الإسرائيلي الاستيطاني بالوسائل المشروعة التي أقرتها منظمتكم الدولية، وعلى رأسها المقاومة الشعبية السلمية، لن نستعمل أي أسلوب آخر، مقاومة شعبية سلمية، هل هي محرمة؟ مقابل أن المستوطنين يعتدون على الشعب الفلسطيني بالأسلحة، يدخلون المدن والقرى بالأسلحة، هذا غير الجيش، الجيش على جنب، والشرطة على جنب، أنا أتحدث عن المستوطنين، لكننا سنرفض ونرفض استعمال العنف والقوة وسنرفض كل أنواع السلاح ولا نقبل استعمال السلاح في أي مكان آخر، ونتمنى على العالم أجمع أن يلغي السلاح النووي والتقليدي، شاهدوا كيف سيصبح العالم بعد ذلك.
الآن هناك مشكلة في الخان الأحمر، إسرائيل مصممة على تدمير هذه القرية وسكانها يقطنون بها منذ أكثر من 50 عامًا، لكن إذا دمرت هذه القرية فهي تدمر وحدة الضفة الغربية. يعني تقسمها بين الشمال والجنوب. طبعًا، هذا ما تريده إسرائيل. انتم توافقون على ذلك؟ هذا ما تريده إسرائيل. وكذلك الاعتداءات القادمة على الأقصى، وتذكرون الاعتداءات السابقة على الأقصى عندما توقفت بالمقاومة الشعبية السلمية. الآن خرجوا علينا بأن المحكمة العليا الإسرائيلية ستصدر قرارًا بتقسيم الأقصى مكانيًا وزمانيًا. بالتأكيد لن نقبل. وكثير من أصحاب النخوة والمروءة والكرامة ومحبي السلام لن يقبلوا وعلى إسرائيل أن تتحمل النتائج. هذه البلطجة يجب أن تتوقف. لأنه لا يجوز كل يوم قرار ونحن غير موجودين، غير مقبولين.
أخذنا قرارا عن الحماية الدولية منكم. لأننا نواجه كل يوم اعتداءات، وليس لدينا قدرة أن نحمي شعبنا وأن نحمي أنفسنا. اتخذتم قرارا بحماية شعبنا الفلسطيني. كيف؟ من الذي سينفذ هذا القرار؟ لا يكفي أيضًا، بصراحة، أن الجمعية العامة تأخذ قرارا ثم لا ينفذ كبقية القرارات. يجب أن تحترم الجمعية العامة قراراتها لتحترم. أرجوكم أرشدونا إلى الطريق لتنفيذ هذا القرار، هذه مسؤوليتكم.
وأدعوكم لوضع آليات محددة لتنفيذ قرار الحماية هذا في أسرع وقت ممكن، معبرين عن شكرنا للأمين العام على تقريره في هذا المجال.
ايتها السيدات والسادة:
في الوقت الذي نرحب فيه بتقديم الدعم الاقتصادي والإنساني لشعبنا في الضفة الغربية وقطاع غزة عبر بوابة الشرعية الفلسطينية، فإننا نرفض أن يكون هذا الدعم بديلاً للحل السياسي القائم على إنهاء الاحتلال وتجسيد استقلال دولة فلسطين على الأرض، لا بالدعم الإنساني، قضيتنا فيها كثير من الجوانب الإنسانية لكن من دون حل سياسي، لا نريد القضايا الإنسانية بصراحة، يعني لا يضحك أحد علينا ويقول نساعدكم، نحن نريد حق تقرير المصير لشعبنا لا أكثر ولا أقل، لا يوجد شعب على هذه البسيطة لا يتمتع بحقوق تقرير المصير، شعوب كبيرة وصغيرة من حقها لماذا نحن لا؟ نحن 13 مليون فلسطيني في العالم، لماذا لا نعطى حق تقرير المصير؟ وهذا ليس ضد أحد، لنبني دولتنا المستقلة ولتعيش جنبا إلى جنب مع دولة إسرائيل، أين الخطأ في هذا؟ أين الجريمة في هذا الكلام؟
إننا نواصل بذل الجهود الصادقة والحثيثة لإنهاء الانقسام وتحقيق المصالحة، ورغم العقبات التي تقف أمام مساعينا المتواصلة لتحقيق ذلك، فإننا ماضون حتى الآن في تحمل مسؤولياتنا تجاه أبناء شعبنا في قطاع غزة.
إننا نقدر كل التقدير أشقائنا العرب ومصر الشقيقة على وجه الخصوص لما يقومون به من جهود لإنهاء الانقسام، آملين أن تتوج هذه الجهود بالسلام في النهاية.
نحن عقدنا اتفاقا برعاية مصرية في 12-10-2017، تتولى الحكومة الفلسطينية مهماتها في غزة كما تتولاها في الضفة الغربية، ثم نبني دولتنا على أساس قانون واحد وسلطة واحدة ونظام واحد وسلاح شرعي واحد، لا نقبل دولة المليشيات أيا كانت، لم يوافقوا على تنفيذها وإلى الآن لم نحصل على موافقتهم على ذلك.
في الأيام القليلة القادمة ستكون آخر جولات الحوار، وبعد ذلك سيكون لنا شأن آخر بعد هذا.
أيها السيدات والسادة،
أريد أن أقول إن الشعب الفلسطيني تعداده 13 مليون إنسان -إلا إذا البعض لا يرانا بشرا- نحن لسنا شعبا زائدا على وجه الكرة الأرضية، كل شعب -كبيرا أو صغيرا- يأخذ حقه، لماذا نحن ضاقت بنا السبل وأصبحنا شعبا زائد يجب أن يتم التخلص منه؟ هذا لا نقبل به ولا نتحمله إطلاقا، ومع ذلك نحن صابرون وصامدون، ونؤمن بالسلام والطرق السلمية، لكن لتنظروا إلينا بأننا بشر ولسنا زائدين على وجه هذه الكرة الأرضية.
ثانيا، هناك اتفاقيات مع الإدارة الأميركية نقضتها جميعا، إذا لم تتراجع عن هذا النقض نحن لن نبقى ملتزمين بالجوانب التي علينا، إذا لم يلتزموا نحن لن نلتزم إطلاقا، اتفاق بين الطرفين يحترم من قبل طرفين، أنا أحترمه من الألف إلى الياء، إذا هو لم يحترم لن أحترم ولن ألتزم.
وثالثا، أضيف إلى هذا أيضا شيئا آخر، الولايات المتحدة الأميركية تعتبر وسيطا ولكن بعد الآن نظرتنا إليها أنها لا تصلح وسيطا وحدها، عندنا الرباعية الدولية، يضاف إليها أي دولة في أوروبا وآسيا وإفريقيا بما فيها الدول العربية إذا رغبت بأن تكون وسيطا بيننا وبين الإسرائيليين، أما أميركا وحدها لم نعد نتحمل وساطتها لأنها منحازة لإسرائيل.
هناك اتفاقات بيننا وبين إسرائيل، من اتفاق أوسلو إلى اتفاق باريس، وكلها نقضت من قبل إسرائيل، وندعو إسرائيل للتراجع عن نقضها لهذه الاتفاقات، وإلا فلن نلتزم بهذه الاتفاقات إطلاقا.
كذلك، الاتفاق بيننا وبين حماس، نحن التزمنا به ويعرف إخوتنا المصريون أننا التزمنا به، ولكنهم (حماس) لم يلتزموا به، ولذلك فنحن لم ولن نتحمل أية مسؤولية من الآن فصاعدا، أرجو أن تفهموا كلامي، لن نتحمل أية مسؤولية إذا أصروا على أن يرفضوا الاتفاقات.
ورغم كل هذا الظلم من العالم لن نلجأ إلى العنف ولن نلجأ إلى الإرهاب، سنستمر في محاربة العنف والإرهاب في كل مكان بالعالم، لن نقبل أي عدوان على أي دولة تحترمنا وتعترف بنا أو لا تعترف بنا، تحبنا أو لا تحبنا، لن نقبل أن يعتدى عليها من قبل الإرهاب العالمي الذي يسود في كثير من البلدان، هذا هو ما لدينا.
نقطة مهمة جدا، قالت الإدارة الأميركية إن عدد اللاجئين فقط هو 40 ألفا، كيف قاموا بحسابها؟! اسألوا وكالة الغوث “الأونروا”، طبعا هي لا تريد “الأونروا”، تريد أن تزيلها من الطريق لتنتهي قضية اللاجئين إلى الأبد، أنشئت الوكالة في عام 1949 لمساعدة اللاجئين حتى تنتهي قضيتهم، وللآن لم تنته، الآن من شعبنا الذي تعداده 13 مليونا يوجد 6 ملايين لاجئ، وليس 40 ألفا كما تقول الإدارة الأميركية، كل الحقائق يلغونها بكل بساطة، هي التي قررت (الإدارة الأميركية) وحسبت وقررت أن تلغي الوكالة ويجب على العالم أن يسمع منها، لا لن يحصل هذا.
وأخيرا أتوجه إلى شعبنا بأن يصبر ويتحمل ويبقى يضحي من أجل الوصول إلى الاستقلال وتقرير المصير وإلى الدولة المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية وليس في القدس الشرقية، حتى لا يضحكوا علينا.
تحية إكبار لشهدائنا الأبرار وأسرانا البواسل وأقول للفلسطينيين جميعا، أولا إسرائيل تعتبر هؤلاء مجرمين لماذا؟ لماذا هي يوجد عندها آلاف مؤلفة من الذين يعتدون على الناس ويعتبرونهم أبطالا؟ لماذا الذي قتل رابين يعتبر بطلا ونحن أسرانا مجرمين يجب ألا يصرف لهم؟ تحية لشهدائنا الأبطال وأسرانا الأبطال، وأقول للجميع إننا على موعد قريب مع فجر الحرية والاستقلال وإن ظلام الاحتلال إلى زوال بإذن الله.