عروبة الإخباري – ما زالت بوصلة الكتل السياسية التي أعلن عن فوزها في النتائج الأولية للانتخابات العراقية، المطعون بها قضائياً، غير مستقرة على اتجاه ثابت نحو تشكيل حكومة جديدة للعراقيين، فالخلافات الحالية بين الكتل السياسية هي الكبرى من نوعها منذ عام 2003. وسبق أن استغرقت الكتل السياسية في العراق ما بين 9 أيام إلى 58 يوماً لتشكيل الحكومات الماضية برئاسة إياد علاوي ثم إبراهيم الجعفري، ثم نوري المالكي 2006 و2010، وصولاً إلى حيدر العبادي عام 2014، إلا أن الحكومة الحالية قد يستغرق تشكيلها فترة طويلة، وفقاً لمصادر سياسية عراقية، قالت إن “العملية السياسية بحاجة من شهر إلى اثنين إضافيين لإنجاز الحكومة الجديدة في حال لم يحصل شيء جانبي”.
ومع مطلع الأسبوع المقبل تكون الانتخابات قد مضى عليها فعلياً ثلاثة أشهر بالعراق، من دون أن تكون هناك نتائج رسمية معلنة أو معتمدة قضائياً، فالانتخابات التي طُعن بنزاهتها ما زالت قيد التحقيق يدوياً من قبل فريق جرى انتدابه من مجلس القضاء، بعد تجميد عمل مسؤولي المفوضية السابقين ومنعهم من السفر، وسط توقعات بسجن عدد منهم بتهمة الفساد المالي والتزوير والتلاعب بالنتائج والتحيز لأطراف سياسية ومرشحين دون غيرهم.
ومن المقرر أن يعقد عدد من الكتل السياسية العراقية اجتماعاً جديداً مساء اليوم الاثنين، في منزل زعيم قائمة “الفتح”، القيادي بمليشيا الحشد هادي العامري، لبحث ما تم الانتهاء منه في الاجتماعات الماضية من دون التوصل إلى نتيجة، وهو اسم رئيس الوزراء المقبل والوزارات الأمنية والسيادية في الحكومة المقبلة، ومقترح منح الوزارات الخدمية كالبلدية والكهرباء والري لذوي اختصاص وإخراجها من خانة المحاصصة بين الكتل.
وقال قيادي بارز في تحالف “الفتح” إن “الاجتماعات المتواصلة تهدف للاستعجال ببلورة اتفاق بين كتل الفتح ودولة القانون وكفاءات وكتلة إرادة”، مبيناً أن “هذه الكتل حسمت أمرها في تحالف ثابت سيعلن عنه بما يزيد عن 80 نائباً، والاجتماعات حالياً تتركز على إقناع تحالف النصر بزعامة حيدر العبادي بالانضمام معنا”. واستدرك بالقول إن “العبادي لديه تواصل مع الصدريين، ونعتقد أنه يريد حسم أمره هناك قبل الجزم بالقرار بأن يكون معنا أو لا”. وكشف عن أن “زعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي انسحب من سباق رئاسة الوزراء وأبلغ رسمياً القيادات السياسية أنه لن يرشح نفسه لرئاسة الوزراء ولا لأي منصب تنفيذي آخر”.
وتابع قائلاً إن “الصورة الحالية متمحورة حول معسكرين شيعيين، الأول بزعامة هادي العامري ونوري المالكي، والثاني بزعامة مقتدى الصدر وعمار الحكيم. والمعسكران يتسابقان نحو الكتلة الكبرى التي لها حق تشكيل الحكومة والطرفان يقدمان إغراءات للأكراد والسنّة، للدخول معهم في من سيحسم في النهاية السباق لصالح أحد الأطراف، بينما تحالف النصر بزعامة العبادي يقف حتى الآن وسط الطرفين، وهو يتفاوض مستغلاً دعم واشنطن له وتحركها نحو كتل سنية وكردية لدعمه”.
وتوقع أن “تكون الأيام المقبلة حاسمة في بلورة التحالفات، كون نتائج العد والفرز اليدوي ستعلن قريباً أيضاً، ومن بعدها ستتم الدعوة إلى جلسة برلمانية أولى، فهناك مهلة شهر واحد لتشكيل الحكومة. وهو ما يعني أن الحكومة لن تولد في أفضل الحالات خلال هذا الشهر أو حتى الشهر المقبل”.
وخلال الساعات الـ48 الماضية سُرّبت أسماء خمس شخصيات عراقية جرى طرحها من أطراف كتل “الفتح” و”دولة القانون” و”النصر” في بغداد وهي، هادي العامري، الذي ما زال مصراً على أن يكون هو مرشح قائمته الوحيد لهذا المنصب، رغم المعارضة داخل قائمة “الفتح” لاحتكاره هذا الترشيح، بالإضافة إلى مستشار الأمن الوطني، رئيس “هيئة الحشد الشعبي” فالح الفياض. وهو المعروف بقربه من إيران وحزب الله وأحد أصدقاء رئيس النظام السوري بشار الأسد، إضافة إلى طارق النجم، وهو مدير مكتب نوري المالكي خلال توليه الحكومة السابقة، وأيضاً القيادي في حزب الدعوة، وزير العمل الحالي محمد شياع السوداني، وهو أيضاً من حزب الدعوة، فضلاً عن حيدر العبادي.
وبحسب المصادر ذاتها، فإن “الأقرب من بين تلك الأسماء هو حيدر العبادي ومحمد شياع السوداني، والأبعد هو هادي العامري وفالح الفياض، بسبب وجود تحفظ أميركي على الفياض تحديداً، ومعارضة الأكراد والسنّة لاسم العامري”. ووفقاً للمصادر ذاتها فإنه “يجري أيضاً طرح موضوع أن تتولى الوزارات الخدمية شخصيات مستقلة من أسرة الوزارة نفسها ومن ذوي الاختصاص، بعد الفشل في توفير الخدمات للعراقيين من قبل شخصيات سياسية، تولّوا المهمة في وزارات الكهرباء والماء والبلديات والعمل والشؤون الاجتماعية وغيرها”.
وأكدوا أن “الوزارات السيادية، مثل الخارجية والدفاع والداخلية والتخطيط والمالية، ستبقى ضمن المحاصصة الطائفية والمكوناتية في العراق فالداخلية للشيعة والدفاع للسنة والمالية للأكراد والخارجية للشيعة والتخطيط للسنة”.
القيادي في “ائتلاف دولة القانون”، منصور البعيجي، قال إن “هناك تفاهمات لكن لا تحالفات وشيكة حتى الآن”، مبيناً أن “تحالف الفتح ودولة القانون وجزء من النصر بزعامة حيدر العبادي وكذلك كتل كردية وسنية هو من ستنبثق عنه الكتلة الكبرى وبالتالي تشكيل الحكومة”. وذلك في أول إشارة من نوعها إلى وجود تحرك لكتل داخل قائمة رئيس الوزراء لسحبها إلى تحالفات أخرى، ما يمثل تهديداً لها بتفككها.
وأضاف البعيجي أنه “ستكون هناك آلية جديدة لاختيار رئيس الوزراء وألا يتم الاتفاق على الاسم بالإملاء. وأعتقد أنه إذا الحكومة الجديدة أخفقت ولم تحقق شيئاً فإن الأحزاب السياسية العراقية الحالية لن تقوم لها قائمة”، مؤكداً أن “طارق النجم وهادي العامري من بين الأسماء المطروحة لمنصب رئاسة الوزراء”.
من جانبه قال القيادي في التيار الصدري، رئيس لجنة الأمن والدفاع في البرلمان المنتهية ولايته، حاكم الزاملي لـ”العربي الجديد”، إن “الجميع بانتظار المصادقة على نتائج الانتخابات”. وأضاف الزاملي أن “تحالف سائرون يمتلك عدداً كبيراً من المقاعد ولديه تحالفات وتفاهمات وأعتقد أن الأيام المقبلة بعد المصادقة على الأسماء ستعلن الكتلة الكبرى”. وبيّن أن “أي حكومة لا يتم من خلالها التفاهم على المهام أو الملفات الرئيسة لن تكون ناجحة، تحديداً ملف طريقة إدارة الدولة ونزع السلاح والقضاء على المحاصصة والفساد”. واعتبر أن “تحالف سائرون لديه حظوظ أكبر من غيره في عقد التحالفات مع مختلف الكتل العراقية، لكن ليس من بينها كتلة نوري المالكي”. العربي الجديد