الإعلام السوري وغباء التوظيف/ د.ردينة العطي

rdena-3tte5559

كنت دائماً أحاول أن أترفع بشكل كلي عن استحقاقات التجاذب الإعلامية بيننا وبين الحكومة السوريّة لأنني كنت على قناعة مطلقة بأن ما يجري خلف الكواليس السياسية لا يعرفه الإعلام ولا يسرب منه إلى الصحافة إلا ما يخدم التكتيكات الدبلوماسية في ذلك الصراع الذي لا يمكن أن تحدد بنيته التحالفية بشكل دقيق وذلك لحجم القوى الإقليمية والدولية التي تتقاطع مصالحها مع نهايات الأزمة السورية لكن ما جعلني انتظر الى هذه اللحظة في التعبير عن مجمل توجهات الرأي العام الأردني

هو ما نسمعه من انزلاق إلى الحضيض في موقف الإعلام السوري ووسائل التواصل وتلك الشخصيات التي لا يمكن ان تتزحزح قيد أنمله عن الجمود الفكري والأحكام المسبقة المبتذلة التي تغلق فكرة تلك الشخصيات التي تستضيفها الفضائيات السورية وتوابعها والتي ترى في الأردن بشكل مسبق دولة ملحقة بالسياسة الأمريكية وملحقة بالقوة الخليجية ولذلك فهي تجعل من كل موقف أردني إنساني موقفاً سياسياً ملحقاً ،وهذا ما عكسته أزمة الجنوب السوري الأخيرة .

من هنا تعالوا لنوضح الأمور ونضعها في نصابها الصحيح راجياً من تلك الأبواق أن تجيب على التساؤلات التالية:

أين موقف تلك القوى بموقف الأردن الجازم والحازم اتجاه صفقة القرن ؟!

أين موقف تلك القوى مما طرحه الموقف السياسي الأردني بأن القدس هي عاصمة أبديه للدولة الفلسطينية وان عروبة القدس خط احمر ؟!

أين ذلك من الإعلام وتلك النخبة من المحللين ذوي العقل المراوح مكانه والذين لا يبذلون بالحركة أو التطوير أو بالمستجدات السياسية والتحول الذي تجسد في سياق التطورات المتلاحقة للواقع السياسي عندما تسأل عن الابتزاز الاقتصادي ضد دوافع السياسية الذي يتعرض لها الأردن نتيجة لموقفه من القضية الفلسطينية ومعركته مع القوى الخليجية الرجعية في هذا المجال؟!

أين موقف ذلك الإعلام عندما رفض الأردن رفضاً قاطعاً قطع العلاقات الدبلوماسية مع إيران أو قطر .

الأهم من ذلك أين هم من السؤال التالي..

لماذا يصر الأردن على عدم قطع العلاقات الدبلوماسية مع سوريا وخاصة رفضه المطلق لوجود أي مليشيات مذهبيه تشرف على المعبر الحدودي في الجنوب السوري وتصريحه الواضح والصريح بأنه لن يقبل أن يتعامل مع أي جهة كانت باستثناء الحكومة السورية الشرعية فيما يخص المعبر الحدودي

فالأردن يرى دون مواربة أن الحكومة السورية هي المعبر الحقيقي عن الشعب السوري ووحدة الأراضي السورية هي خط احمر ودون ذلك لن يتعامل لا من قريب ولا من بعيد مع أي كيان آخر أو موازي للحكومة السورية طبعا.

لا يمكن أن ترى في الإعلام الشعبي والرسمي السوري أجوبة عن هذه الأسئلة والسبب أن النظام السوري يحاول أن يوظف ويشوه الموقف الأردني من اجل مكتسبات على الأرض.

أهمها تجسيد سياسة الإحلال الطائفي الذي يمارسه النظام السوري في المناطق التي يعتبرها بيئة حاضنه للفكر المتطرف والعدمي .

هذا بالضبط سبب الهجوم الساحق على الأردن لرفضه إدخال النازحين السوريين من اجل إقناع الرأي العام العالمي بأن الأردن يتعامل مع قضية النازحين ببعد سياسي وليس إنساني، ولكن هيهات فيما قدمه الأردن على الصعيد الإنساني معروف لكل الدول ولكل الرأي العام العالمي ومؤسساته الإنسانية والاجتماعية الأهلية،

إن موقفه الأخير في حشد التبرعات والمساعدات من خلال الممرات الآمنة التي فتحها الأردن لإيصال المساعدات إلى النازحين في الأراضي السورية، يعبر عن مدى هذا البعد الذي هو ثابت من ثوابت قيم الشعب الأردني وقيادته والتي عبرت عن موقفها الإنساني بشكل واضح وحازت على جوائز دولية لدورها الإنساني وآخرها “جائزة تمبلتون لعام “2018 الدولية، من هنا على الحكومة السورية أن تضبط تلك الأبواق وان تتعامل بشفافية واضحة مع شعبها فيما يخص الجانب السياسي لتطورات الأوضاع السياسية في الجنوب السوري

لان الأردن لن يكون جزءاً من سياسة الإحلال الطائفي المقيتة، ولن يكون بأي شكل من الإشكال مع تقسيم سوريا.

ولن يكون جزءاً من المخطط الأمريكي في حماية الكيان الصهيوني في الجولان المحتل. .

أما فيما يخص القوة التي يؤثر عليها الأردن من المعارضة السورية فهذه تسمى في علم السياسة (مصلحة الأردن العليا).. أي أن الأردن لا يمكن أن يبقى متفرجا ً على توازنات القوة عندما تغيب الحكومة الشرعية عن حدودها الشمالية.

فهذا يعتبر غباء ًسياسياً مطلقاً والأردن يوظف كل ذلك من أجل مصلحته القومية العليا وخاصة استقراره وأمنه وحصانة جبهته الداخلية، والتي تعتبر بإقرار من كل دول العالم نموذجاً يحتذى به .

حمى الله الأردن قيادةً وشعباً

شاهد أيضاً

جريمة مسرح موسكو وخطر الإرهاب* د. سالم الكتبي

عروبة الإخباري  – لم يغب الإرهاب عن قائمة التحديات التي تواجه العالم، حيث تتكاثر أجياله …