تمثيل «غير» مشرّف/ طلعت شناعة

تذكّرني عبارة « التمثيل المشرّف» التي تكررت في الايام الماضية بقصة الدّيك الذي اوصى دجاجاته حين ذهبن الى بيت آخر، بأن يكنّ عند حُسن الظنّ. ولعلّه ـ الدّيك ـ ، قال لهنّ كما يقول وزراء الرياضة في البلاد العربية «نريد منكم التمثيل المشّرف».
وما حدث مع الدجاجات، حدث مع الفرق العربية التي شاركت في «مونديال روسيا». فكان الاهم للاعبين «التمثيل المشرّف» وهو ما يعني «الالتزام بالسلوك الرياضي وتقديم صورة مشرِقَة عن البلاد التي يرفعون اعلامها».
ولهذا، حدثت النكسة الكروية. وهذا ليس فقط في مونديال روسيا الاخير، بل في معظم المحافل الدولية.
نحن العرب، نتعامل مع كرة القدم احيانا بلغة « القبيلة». فنلعب لـ «الثأر» و»»الانتقام». وألقاب فِرقنا تحمل معايير « القسوة والعنف والشدّة»:
«نسور قرطاج»،»اسود الأطلسي»،»الفراعنة» و» تماسيح النّيل» «الصقور الخُضر»/ الى آخره..
بينما المنتخبات العالمية لا تعرف هذه الأسماء.
الأرجنتين: يلقّب فريقها بـ « التانغو» نسبة الى «رقصة التانغو». والبرازيل « راقصي السامبا» والمانيا» الماكينات» و «كولومبيا» يلقّب فريقها بـ « لوس كافتيروس» ومعناها « مَنْ يصنعون القهوة أو يشربونها».
لاحظوا الفَرْق بين المسميات التي تحمل دلالات «نفسيّة». وهو ما ينعكس على اداء اللاعبين.
للأسف، العرب، في العصر الحاضر انشغلوا بموضوع « العِرض»و» الشّرَف». واستغلّ ذلك الغُزاة والمستعمرون بما فيهم أمريكا واسرائيل. ف «فلسطين» ليست»مُحتلّة»، بل « مُغْتَصَبة». وكأنهم يوغلون في «أجسادنا». وليس في «عقولنا». وحين يريدون «استثارتنا»، يلجأون الى الاخبار مثل» .. وقام الجنود باغتصاب النساء والفتيات».
فنثور «لعِرضنا وكرامتنا»، ونصرخ « وينك ياللي تعادينا يا ويلك ويل».
طبعا، صوت ع الفاضي.
هلكونا بمفاهيم «جنسية» وإن كانت بألفاظ غير مباشرة.
وكأن ثقافتنا العربية قائمة على « الذكورة والأُنوثة» وحين نريد ان نواجه فريقا او حين نشارك في محفل دولي، تكون الاهمية الكبرى لـ «الشرف» و» الالتزام» الذي يعني «عدم الانحراف الاخلاقي».
بينما ما يحدث ـ احيانا او غالبا ـ،هو العكس.
قبل سنوات، كنتُ «أغطّي « وداع احد وزراء الاوقاف بعثة الحجّ، ومما قاله معاليه في ذلك الحين: ما بدّي حدا يعمل اشي غلط».
طبعا استخدم كلمة لا تناسب الحجّاج وكلهم كانوا من «كِبار السنّ»… ويوما كتبتُ عنه وعن «خطبته» و»ما قصّر معي»: ردّ ردّاً قاسيا ومشي الحال ومازلتُ على قيد الحياة.
المهم»الشرف»، كما قال الفنان توفيق الدقن: أحلى من الشّرف ما فيش»..
ولهذا روّحت المنتخبات العربية، وبقيت البرازيل وكولومبيا والارجنتين وألمانيا!!

Related posts

سكوت ريتر: لماذا لم أعد أقف مع إسرائيل؟ ولن أقف معها مرة أخرى

ماذا لو فاز ترمب … وماذا لو فازت هاريس؟* هاني المصري

الأمم المتحدة…لنظام عالمي جديد ؟* د فوزي علي السمهوري