بالأرقام.. غزة قبل وبعد الانقلاب

عروبة الإخباري – مليونا نسمة في مساحة لا تتجاوز 356 كم2 غالبيتهم من اللاجئين، واقع فرضته السياسة والديمغرافيا، إلا أن الانقلاب ساهم في تفاقم وزيادة هذا الوضع سوءا بحسب الاحصائيات.

فبين حروب ودمار وحصار مفروض منذ 2007 عصف بقطاع غزة، إلا أن استمرار الانقلاب الذي تسبب به الانقلاب منذ 11 عاما أدى الى تراجع الاقتصاد الغزي لتصل نسبة الفقراء في قطاع غزة الى أكثر من نصف السكان بحسب الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني.

وبلغت نسبة الفقراء في القطاع في عام 2017 ما يعادل نصف سكان القطاع بواقع 53.0% أي 4 اضعاف الضفة الغربية 13.9%، اما بناء على خط الفقر المدقع ففي الضفة 5.8% ووصلت في القطاع الى 33.8% أي 6 اضعاف الضفة. مقارنة مع نسبة الفقر في قطاع غزة عام 2004، 37.2% والفقر المدقع 26%.

وأشارت الاحصائيات الى ان معدل البطالة في القطاع في 2005 قبل الانقلاب وصل الى 30.3% ووصل في العام 2017 الى 44% كمعدل عام.

وأوضحت الاحصائيات أن معدل الانفاق على مجموعات الطعام من متوسط الانفاق الكلي للفرد في فلسطين 30.5% من مجمل الانفاق الشهري، 29.1% للضفة و35.7 لقطاع غزة، وانه ما بين العامين 2011 و2017 ارتفع إنفاق الفرد النقدي في الضفة الغربية بواقع 17%، اما في قطاع غزة فقد تراجع الانفاق النقدي الكلي للفرد في العام 2017 عن 2011 بواقع 17%.

وفي قراءة وصفية للواقع الاقتصادي والاجتماعي في قطاع غزة أفادت بيانات الإحصاء الفلسطيني بأن حصة الفرد الفلسطيني من الاقتصاد المحلي يعادل نصف حصة الفرد في الضفة ومعدلات الفقر وسوء التغذية تجاوزت حاجز 80%.

ويرى المحلل الاقتصادي ومدير العلاقات العامة في غرفة تجارة وصناعة محافظة غزة ماهر الطباع، أن قطاع غزة يعيش أسوأ مرحلة اقتصادية ومعيشية في التاريخ الحديث، وأن الخسائر المادية المباشرة وغير المباشرة للانقسام الفلسطيني وما تبعه من حصار وحروب تتجاوز 15 مليار دولار، وانه تم إنفاق ما يزيد عن 500 مليون دولار سنويا مقابل رواتب موظفي السلطة الوطنية الفلسطينية دون الاستفادة منهم.

وأضاف، ان الاقتصاد في قطاع غزة يعاني من سياسة الحصار التي تفرضها إسرائيل بالإضافة إلى الحروب والهجمات العسكرية الإسرائيلية المتكررة على القطاع والتي عمقت من الأزمة الاقتصادية نتيجة للدمار الهائل التي خلفته للبنية التحتية وكافة القطاعات والأنشطة الاقتصادية، كما أن التأخر في عملية إعادة الإعمار أدى إلى تداعيات خطيرة على الأوضاع الاقتصادية في قطاع غزة

وأوضح ان سياسة العقاب الجماعي التي تتبعها اسرائيل بفرضها حصارا على القطاع منذ انتفاضة الاقصى 2000 وتزايد تصعيدها منذ ايلول 2007 وأتبعت ذلك بفرض سلسلة من القيود الإضافية على القطاع، مشيرا الى تقرير أعده البنك الدولي عن الوضع الاقتصادي في قطاع غزة والضفة الغربية في تشرين الثاني/ نوفمبر 2007 تحدث عن أن عدم القدرة على التنبؤ بعمل المعابر التجارية أدى إلى عدم قدرة المنشآت على استيراد وتصدير المنتجات بطريقة مخططة ومربحة، كما تسببت هذه الأوضاع في إغلاق المشاريع وهجرة رؤوس الأموال والعقول إلى الخارج. وتحيط بقطاع غزة ستة معابر وهي مغلقة معظم أيام السنة بسبب سياسة الحصار التي يتبعها الاحتلال.

ولفت الى ان أحداث يونيو/ حزيران 2007 وما ترتب عليها من انقسام داخلي شكلت ضربة مدوية لمختلف القطاعات (الرسمي، والخاص، والمجتمعي، والمدني)، وطالت تأثيرات الانقلاب مختلف جوانب الحياة في الأراضي الفلسطينية حيث تراجع حجم التبادل التجاري بين الضفة الغربية وقطاع غزة من 250 مليون دولار إلى أقل من 10 ملايين، وبسبب الحصار وتأثرت صناعات غزة ومنتجاتها الزراعية من عدم القدرة على تصديرها للضفة الغربية والأسواق الخارجية. ونتيجة لإغلاق المعابر التجارية تأثرت حركة الواردات إلى قطاع غزة، حيث تراجع عدد الشاحنات الواردة من 66 ألف شاحنة في عام 2007 إلى 26 ألف شاحنة في عام 2008، مشيرا الى ان التراجع في عدد الشاحنات استمر حتى حرب صيف 2014 حيث إنه بعد ذلك حدثت زيادة واضحة في عدد الشاحنات الواردة وذلك لأنها شاحنات خاصة بالمساعدات ودخول مواد البناء للمشاريع الدولية وكميات مقننة من مواد البناء للقطاع الخاص لإعادة إعمار قطاع غزة.

وعن أبرز تأثيرات الانقلاب التي طالت القطاع الخاص قال الطباع، ان مساهمة القطاع الصناعي بالناتج المحلي الإجمالي تراجعت من 15% إلى 5%. وتراجعت مساهمة الزراعة في الناتج المحلي الإجمالي من 14% إلى 9% وتراجع عدد المزارعين من 45 ألف إلى 30 ألف، حيث قدرت الخسائر الشهرية للقطاعات الزراعية والصناعية والتجارية والخدماتية بنحو 49 مليونا، وقدرت دراسة خسائر القطاع الخاص في غزة عام 2010 بحوالي 500 مليون.

وأشار الى ان كافة معابر قطاع غزة التجارية مغلقة باستثناء معبر كرم أبو سالم، وهو الوحيد الذي يعمل حتى اللحظة، وما زالت إسرائيل تمنع دخول العديد من السلع والبضائع والمواد الخام والمعدات والآليات والماكينات وعلى رأسها مواد البناء والتي تدخل فقط وبكميات مقننة وفق آلية إعمار غزة لإدخال مواد البناء وعلى رأسها الإسمنت الذي يعتبر الركيزة الرئيسية لعملية إعادة الإعمار. والذي أدى الى تأثرت صادرات قطاع غزة للعالم الخارجي وتأثر تسويق منتجاته الصناعية والزراعية في أسواق الضفة الغربية والأسواق الإسرائيلية، حيث تراجع عدد الشاحنات المحملة بالمنتجات المصدرة من 5865 شاحنة في عام 2007، إلى 21 شاحنة في عام، وبعد حرب صيف 2014 ارتفعت عدد الشاحنات الصادرة من قطاع غزة بعد سماح إسرائيل بتسويق بعض المنتجات الزراعية والصناعية بأسواق الضفة الغربية والأسواق الإسرائيلية والخارج.

ولفت الى انتشار ظاهرة تجارة الأنفاق بشكل كبير خلال بداية الانقلاب، الأمر الذي أثر على إيرادات السلطة ومن ثم على صحة وسلامة المستهلك الفلسطيني، إضافة إلى الأخطار المترتبة على العاملين في تلك الأنفاق، وعن عمليات الاحتكار والنصب التي يقع ضحيتها المواطن الفلسطيني من قبل بعض المتنفذين والقائمين على هذه الأنفاق.

وأشار الى خطورة أزمة الكهرباء في القطاع والتي تفاقمت، وتكبد الاقتصاد الفلسطيني في قطاع غزة خسائر كبيرة، وأدت إلى إرباك الحياة الاقتصادية وحدوث الركود، حيث دفعت الأسر في قطاع غزة خلال سنوات الانقلاب حوالي 1.5 مليار دولار لتوفير بدائل للكهرباء.

وأشار إلى أن إسرائيل استغلت الانقلاب الفلسطيني، لتمرير المخططات الإسرائيلية لفصل القطاع اقتصاديا واجتماعيا، بالإضافة إلى الاستمرار في التوغل بالضفة الغربية من خلال الاستمرار في بناء المستوطنات، وتهويد مدينة القدس.

وحذر الطباع من خطورة الوضع الاقتصادي في قطاع غزة، مؤكدا أن المؤشرات الاقتصادية كارثية حيث أصبح قطاع غزة نموذجا لأكبر سجن بالعالم، بلا إعمار، وبلا معابر، وبلا ماء، وبلا كهرباء، وبلا عمل، وبلا دواء، وبلا حياة، وبلا تنمية. ووفر الانقلاب بيئة مناسبة لإسرائيل لفرض الحصار على قطاع غزة وإغلاق المعابر التجارية، إضافة للاستفادة من غاز بحر غزة واستمرار السيطرة الإسرائيلية على مناطق “ج” بالضفة الغربية ونهب المياه ومنع وصول الفلسطينيين إلى أراضيهم.

ولفت الى ان القطاع بات غير قابل للحياة؛ حيث إن نسبة تلوث المياه 95%، ونسبة انعدام الأمن الغذائي 72% ومعبر رفح لم يفتح 30 يوما خلال العام 2017 قبل الانقلاب كانت أربعة معابر، الشجاعية والمنطار وصوفا ورفح، والآن اقتصر على معبر كرم ابو سالم، إضافة إلى تشديد القيود على حركة الواردات والصادرات.

نصر عبد الكريم أستاذ في الدراسات العليا في الاقتصاد في جامعة فلسطين العربية الأمريكية، قال: إن الوضع الاقتصادي في قطاع غزة يرجع الى الحصار الإسرائيلي المفروض والمرتبط برؤية استراتيجية تهدف لعزل القطاع وجعله سجنا كبيرا وتمكن من إصابة الاقتصاد في مقتل، كما أن الانقلاب أدى الى تراجع أساسي، حيث تراجع صرف السلطة على القطاع وتراجع حجم الدعم الدولي لان سلطة الامر الواقع هي الموجودة في القطاع.

وأضاف، ان الخطورة تكمن في أن يتطور الوضع من الانقسام الى الانفصال التام، وبذلك يدمر الحلم الفلسطيني بإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس.

ورأى أن ما يردد عن صفقة القرن التي طرحها الرئيس الأميركي دونالد ترمب، وتحديدا التسريبات الخاصة بقطاع غزة يهدف الى تهيئتها أو خلقها لكيان مستقل سيكون مبشرا للقطاع ومدمرا للحلم الفلسطيني، ونخشى أن تكون البوابة الاقتصادية هي المدخل للحل السياسي.

ودعا الى ضرورة انهاء الانقسام لتحقيق الهدف السياسي والاقتصادي ويحافظ على الحلم الفلسطيني وعدم السماح لترمب بفرض أي حل على الطرف الفلسطيني، مشيرا إلى أن استمرار الانقسام يفتح المجال أمام رفض الحلول الاقتصادية على حساب القرارات السياسية، وان انهاء الانقسام يتطلب احياء العملية الديمقراطية وعملية إعادة اعمار القطاع.

Related posts

طهران لا “تسعى” للتصعيد… 37 بلدة بجنوب لبنان دمرتها إسرائيل

“النزاهة” تستضيف وفداً أكاديميّاً من جامعة القدس الفلسطينية

ارتفاع حصيلة شهداء غزة إلى 43,391 منذ بدء العدوان الإسرائيلي