عروبة الإخباري – يبدد زهاء 800 ألف مستوطن في الضفة الغربية المحتلة، بما فيها القدس، منتشرين ضمن 42 % من مساحتها الإجمالية، آمال الفلسطينيين في إقامة دولتهم المستقلة وفق حدود العام 1967، بعدما قضم الاحتلال الإسرائيلي 87 % من أراضي عاصمتها المنشودة.
وتشغل المنطقة “ج”، طبقا لتصنيف اتفاق “أوسلو”، الغنية بالموارد الطبيعية والاقتصادية والسياحية، الجزء الأكبر اقتطاعا، بنسبة 68 %، من مساحة الضفة الغربية، فيما تشكل منطقة الأغوار حوالي 90 % منها، بما يجعل الصورة أكثر قتامة في الذكرى 51 “لنكسة” 5 حزيران (يونيو) 1967.
وتعم فلسطين المحتلة، اليوم، تظاهرات شعبية حاشدة ضد عدوان الاحتلال بحق الشعب الفلسطيني، ورفض نقل السفارة الأميركية للقدس المحتلة، التي تضم بين جوانبها حوالي 300 ألف مستوطن، يتركز عديدهم في البلدة القديمة.
وتتضمن الفعاليات التوجه “نحو الحواجز العسكرية ومناطق الاحتكاك مع الاحتلال، عدا الاحتجاجات الغاضبة ضمن “مسيرات العودة” المتواصلة في قطاع غزة”، وفق الناشط أحمد أبو رحمة، لـ”الغد” من فلسطين المحتلة.
ويأتي ذلك على وقع تسارع وتيرة الاستيطان، الممتد عبر 196 مستوطنة وأكثر من 30 بؤرة استيطانية في الضفة الغربية المحتلة، وفق رئاسة الوزراء الفلسطينية، مما تسبب في “إلحاق خسائر سنوية فادحة بالاقتصاد الفلسطيني تصل إلى نحو 7 مليارات دولار”، وفق تقرير فلسطيني صدر مؤخرا.
ولم يتبق، نتيجة السياسة الاستيطانية الإسرائيلية، سوى 13 % من المساحة المتبقية بيد الفلسطينيين في القدس المحتلة، بعدما قضم الاحتلال 87 % من أراضيها، بشكل مباشر وغير مباشر.
وتطوق، اليوم، 15 مستوطنة ضخمة المدن والقرى والبلدات العربية في القدس المحتلة، عبر امتدادها على ثلث مساحة الأراضي التي تمت مصادرتها منذ العام 1967، وتقطيع أوصال أحياءها بثمانية بؤر استيطانية يقيم فيها ألفي مستوطن بين منازل المواطنين المقدسيين.
بينما “يزاحم” حوالي “4 آلاف مستوطن يهودي، ضمن أربع كتل استيطانية و56 وحدة استيطانية، لنحو 33 ألف مواطن فلسطيني داخل البلدة القديمة، التي لا تتجاوز مساحتها كيلو متر مربع واحد”، وفق دائرة شؤون القدس في منظمة التحرير الفلسطينية.
وطبقاً لمعطياتها؛ “يلتف جدار الفصل العنصري حول القدس بطول 142 كم، مسنودا بنحو 12 حاجزا عسكريا لتعقيد حياة المقدسيين وفصلهم عن نسيجهم المجتمعي الفلسطيني، فضلا عن طرد أكثر من 100 ألف مواطن فلسطيني خارج الجدار”.
ولفتت، في تقرير صدر حديثا، إلى “قيام الاحتلال بهدم زهاء 1120 منشأة وإغلاق 88 مؤسسة وطنية فلسطينية ومصادرة 14621 بطاقة هوية منذ عدوان 1967”.
بينما “تسببت سياسته في ارتفاع نسبة الفقر وضرب الاقتصاد والحركة التجارية واستهداف الأطفال المقدسيين، الذي يعيش 82 % منهم تحت خط الفقر، ويتسرب 40 % من طلبة المرحلة الثانوية من المدارس”، بحسبها.
وتنسحب الأضرار القاتمة على الاقتصاد الفلسطيني بمجمله؛ الذي “تقدر خسارته السنوية الإجمالية ضمن قطاع المحاجر والتعدين بنحو 575 مليون دولار”، بينما “يخسر الفلسطينيون سنويا حوالي 800 مليون دولار نتيجة السيطرة الإسرائيلية على مناطق الأغوار، جراء قيود الاحتلال لمنع المواطنين من بلوغ أراضيهم ومصادر رزقهم وأماكن عملهم”، بحسب مركز دراسات تابع لمنظمة التحرير الفلسطينية.
لا دولة بدون القدس
من جانبه، أكد المجلس الوطني الفلسطيني أن “لا سلام ولا أمن ولا استقرار في المنطقة إلا بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي، المستمر منذ 51 عاما، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس على حدود الرابع من حزيران العام 1967، وعودة اللاجئين إلى ديارهم وفقاً للقرار 194”.
وقال “الوطني الفلسطيني”، في بيان أصدره بمناسبة ذكرى “النكسة”، إن “سلطات الاحتلال تسعى للسيطرة على الأراضي المحتلة، لاسيما القدس، وتغيير معالمها وتهويدها وإنهاء الوجود الفلسطيني فيها، بما يمثل قمة الإرهاب والعدوان الذي من واجب المجتمع الدولي مواجهته”.
وشدد على أن “قطاع غزة والضفة الغربية، بما فيها القدس، وحدة جغرافية واحدة لا تتجزأ، لقيام الدولة الفلسطينية المستقلة على كافة الأراضي التي احتلت العام 1967 وعاصمتها القدس”.
وأكد أن “مدينة القدس دخلت مرحلة خطيرة، لاسيما عقب قرار الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، “الاعتراف بها عاصمة للكيان الإسرائيلي”، ونقل سفارة بلاده إليها، باعتباره إجراءً باطلاً لأن القدس أرض محتلة وفق للقانون الدولي”.
وطالب بتوفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني من جرائم الاحتلال، مؤكداً “استمرار النضال الفلسطيني بكافة وسائله وأشكاله ضد الاحتلال الإسرائيلي حتى نيل كافة الحقوق المشروعة في العودة وإقامة الدولة المستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس على حدود الرابع من حزيران من العام 1967”.
من جانبه، قال عضو المكتب السياسي لحركة “حماس”، خليل الحية، إن مسيرات “العودة” جاءت للتصدي لمحاولات تصفية القضية الفلسطينية، ولتقول للعالم إن فلسطين لها شعب يبحث عن العودة لأراضيه المحتلة العام 1948″.
واعتبر أن المسيرات “أربكت العالم وغيرت وجه المرحلة وتصنع معادلات جديدة مع الاحتلال ، مؤكدا “استمراريتها على حدود غزة حتى تحقيق أهدافها، فيما تقف “خلفها مقاومة حامية لها”.
وأوضح أن “تضحيات الشعب الفلسطيني غيرت الموازين وأحرجت القادة والساسة (لم يحددهم) والعالم وكشفت وجه الاحتلال القبيح”.
وكانت وزارة الصحة الفلسطينية، في قطاع غزة، أفادت إن أعداد شهداء مسيرة “العودة” بلغت 123 شهيدا، بينهم 13 طفلا، وإصابة أكثر من 13 فلسطينيا بجروح مختلفة، وذلك منذ انطلاقها في 30 آذار (مارس) الماضي.