اختارت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي الوزير ساجد جاويد الذي كان يشغل حقيبة وزارية عادية ليصبح وزيرا للداخلية، ثالث أهم وزارة، والمسؤول الأول عن الأمن والهجرة في بريطانيا، وأول وزير مسلم، وحتى من الأقليات، يتسلّم الداخلية في تاريخ بريطانيا، وعليه تقع مسؤولية التعامل مع الأزمة التي خلفتها الوزيرة السابقة التي تعلقت بفضيحة «ويندرش» التي قدمت استقالتها بزعم أنها ضللت مجلس العموم حول قوائم مرتبطة بترحيل المهاجرين غير الشرعيين، إضافة إلى فضيحة التعامل مع مقيمين في بريطانيا على أنهم مهاجرون غير شرعيين. وكانت الوزيرة السابقة موضع انتقاد منذ أيام بعدما تبين أن لوزارتها أهدافا محددة بطرد المهاجرين غير الشرعيين.
ومن المهم هنا معرفة الكيفية التي سيقوم بها جاويد بالتعامل مع ما اصبح يعرف بـ«مهاجري ويندرش»، وهم مهاجرون تمت دعوتهم من أفريقيا وآسيا ومنطقة الكاريبي ليساهموا في إعمار بريطانيا بعد الحرب، ويواجهون اليوم تهديدا بالترحيل، خاصة أن علمنا بأن رئيسة الوزراء ماي نفسها، عندما كانت وزيرة للداخلية (2010 و2016) هي التي وضعت تلك السياسة وتابعتها الوزيرة السابقة رود من بعدها. كما سبق أن قام جاويد بانتقاد طريقة تعامل حكومته مع المهاجرين، عندما قال «قد تكون تلك أمي.. أو أبي.. أو عمي.. أو أنا». وصدر منه هذا الانتقاد وهو وزير في الحكومة نفسها، ولم يخش أن تطرده الرئيسة ماي منها.
يبلغ جاويد 48 من عمره، وهو مسلم قدمت أسرته من باكستان إلى بريطانيا قبل نصف قرن، وعمل والده سائق حافلة (باص)، وسبق أن شغل عدة مناصب وزارية خلال حكومة ديفيد كاميرون بين 2010 و2016، ومنها وزير الدولة للأعمال والإبداع، ووزير الدولة للثقافة والإعلام والرياضة. ولو عاد ونستون تشرشل الى الحياة وشاهد الباكستاني المسلم جاويد وزيرا للداخلية لأصيب حتما بجلطة قلبية قاتلة.
هذا ما حدث في بريطانيا العظمى، رأس التكبر والعنجهية العنصرية، وواحدة من الدول العظمى القليلة التي بقيت تتربع على عرش العظمة منذ أكثر من 200 عام، ومع هذا لم تتردد، كغيرها من الدول الغربية المتقدمة من تسليم اقوى وزاراتها لأبناء مهاجرين يختلفون عنهم في اللون والدين والشكل.
أما نحن فليس لدينا غير التبجح بأننا أمة عربية واحدة ذات رسالة خالدة، ونريد مجاراة الدول المتقدمة، وننادي بضرورة القضاء على إسرائيل بعد أن انتهينا من القضاء على الفقر في أوطاننا والأمراض في أبداننا والتخلف في عقولنا.