أبو مازن: تعالوا إلى كلمة سواء

عروبة الإخباري – كتب سلطان الحطاب – يدخل الرئيس محمود عباس وقيادته اليوم المؤسسة الفلسطينية الأولى..المجلس الوطني الفلسطيني إلى ورشة التصليح حتى لا تستمر المؤسسات الفلسطينية تتآكل وتصدأ وتتفتت وتفقد أطرها الشرعية ويضعف تمثيلها لدى الشعب الفلسطيني ولدى دول العالم .

لقد حان الوقت لإعادة صيانة وإنتاج المؤسسات  التمثيلية الفلسطينية وتجديدها وبث روح الحياة والعمل فيها فهل مثل هذا العمل يستحق الشجب أم الترحيب , و التوافق أم الاختلاف ,التلبية أم الإستنكار .

لماذا كلما أراد الشعب الفلسطيني أن يعيد بناء مؤسساته أو أن تعالج قيادته ثغرات أو أخطاء أو تحاول أن ترسم ملامح مرحلة جديدة تقوم على التوافق والإجماع يخرج من يعترض ويبني العقبات ويدعو إلى الفرقة ويتذرع بمواقف ما انزل الله بها من سلطان.

لماذا يتحول أولئك الذين شغلتهم إرتباطاتهم  وولاءاتهم البعيدة عن الوطنية وقبول التحدي ولحظات المواجهة ؟

لماذا يقومون بالتأجيل ويحترفون صناعة الذرائع؟

لماذا تترك المؤسسات الفلسطينية التمثيلية تذوي وتتراجع دون أن يدركها العلاج ..

منهم من أشبع المسيرة شتماً ونقداً لتأخر الإصلاح ولما جاء الإصلاح انفضوا عنه وزايدوا عليه وأدمنوا الرفض الذي طل فلسفتهم ونهجهم الذي به عرفوا وهؤلاء من صنف الجبهة الشعبية ومن جاراها أو إرتضى مواقفها وهناك من ليس له في منظمة التحرير شروى نقير ولا ناقة أو بعير, يأتي ليعترض على المكان والزمان ويريد ان يبقى الشعب الفلسطيني اعزلاً من قدرته على تجديد تمثيله وهؤلاء من حماس والجهاد وغيرهم ممن جاءوا من منابع أخرى ولم يكونوا من النبت الوطني وأرادوا لزرعهم أن يأكل الزرع الوطني وأن يكون كالهالوك الذي ينبت ليأكل غذاء النبات المثمر ولذا كان لا بد من تعشيبه حتى وإن علا وامتد وانتشر.

أراد أبو مازن وقيادته اليوم والتي تواجه تحديات كبيرة وتحظى بتأييد فلسطيني وعربي وعالمي  متزايد أن يعشب الحقل الفلسطيني وان يعيد حراثته وزرعه ليضمن للحقل أن ينتج وللمؤسسات الفلسطينية أن تخرج من إطار المراوحة وأن تثمر وأن تكون الجملة الفلسطينية مقروءة ومسموعة وقابلة للإعراب .

نعم ابو مازن وقيادته هم الأم الشرعية للمؤسسات الوطنية الفلسطينية الممثلة للشعب الفلسطيني منذ عام 1964 في انعقاد المجلس الوطني الأول على التراب الفلسطيني وقد ظلت القيادة الفلسطينية منذ الراحل أحمد الشقيري ترفع علم التمثيل الفلسطيني وترعاه وتدافع عنه بتضحيات كبيرة ليظل القرار الفلسطيني مستقلاً وتظل القضية به حية.

وبقيت منظمة التحرير الفلسطينية الأم والإطار والخيمة والوطن المؤقت والعنوان المقروء والبوصلة المتجهة الى الوطن المغتصب وكانت الانجاز الأكبر للمجلس الوطني الذي اعلن منذ اجتماعه الاول ولادة المؤسسات الفلسطينية الأساسية واقام بنيانها ليكون للشعب الفلسطيني كيانه السياسي والاجتماعي والاقتصادي والامني .

ولأن الصهيونية العالمية ودوائرها ومن تبعها او خضع لخططها او تماهي في رؤيتها ظلت ترى عدم السماح للشعب الفلسطيني ان يمثل نفسه وان يلد قيادته وان تظل هي من تصنع له قياداته او تنيب من يصنع له قياداته لذا لا يمكن ان يروق لها اليوم ان يجدد الرئيس محمود عباس الشجرة الفلسطينية بالتقليم و التخصيب وتغذية الجذور وإزالة اليابس منها وتمكينها من ان تورق وتظل وتثمر , لقد كانت الحركة الصهيونية ووريثتها اسرائيل ترى انه لا يجوز للشعب الفلسطيني ان يمتلك قراره المستقل وقيادته المنتخبة من ابناءه وبإرادته .

كما ظلت تقدم القضية الفلسطينية على انها ليست قضية شعب وإنما جملة سياسية غير واضحة وغير مفهومة حتى لا يكون الدعم والتأييد فيها للشعب الفلسطيني .

لقد أدركت القيادة الفلسطينية التحديات التي تواجه التمثيل الفلسطيني وضرورة تجديد اطاراته ومكوناته  وظلت تدعو لذلك وتواجه المماطلة والتأجيل ممن افترض انهم شركاء او جزء من النسيج الفلسطيني العام حتى ادركت القيادة الفلسطينية أخيرا ان دعوات التأجيل انما تتم لأمر في نفس يعقوب و انما تستهدف ابقاء المؤسسات الفلسطينية في وضع العجز والتفتيت الى ان تموت دون ان يقدم لها العلاج او تبعث فيها الحياة.

لماذا بقيت المزايدات على القيادة الشرعية لمنظمة التحرير الفلسطينية والشعب الفلسطيني مستمرة طوال السنوات الماضية ومنذ آخر انعقاد للمجلس قبل اكثر من عقدين من الزمن حتى اذا ما جاءت قيادة فلسطينية تعي قيمة التمثيل وتجديده والرغبة في استخدامه لجمع الشعب الفلسطيني والدفاع عن قضاياه , قام هناك من يستنكر ويستكثر ويرفض, اذن هم لا يريدون الاصلاح ولم يسعوا له ,ولا يريدون ان يأتوا الى كلمة سواء دعا لها الرئيس وما زال .

قالوا ان  المكان تحت حراب الاحتلال ولم يقولوا عنه ذلك حين قدموا ممثليهم للمجلس التشريعي وحين ارتضوا ان يأكلوا من ثمار اوسلو وأن يستظلوا بشجرته.

لم يعجبهم الحضن الوطني وارادوا البحث عن مأوى أخر وهم يعلمون ان حضن الوطن احن من جنات الاخرين ,

وان الارض العربية ضاقت على الفلسطينيين بما رحبت حين ظلت انظمتها تراودهم عن قرارهم وتريد انتزاع تمثيلهم .

لماذا أدمن البعض الهروب الى أحضان الغير من الاقليم بحثاً عن مدد ووعد بالدعم وهم يرون الأصابع الفلسطينية ملدوغة أكثر من مرة من كثير من الجحور التي امتدت اليها في الاقليم ومن القريب قبل البعيد .

لماذا تكون طهران او الدوحة او حتى القاهرة او تركيا أكثر حرصاً من رام الله ,ولماذا استمرار الرغبة في تفويض الآخرين وعدم الرهان على الخيول الفلسطينية وعلى الإرادة الفلسطينية التي تجوع ولا تأكل بثدييها     والتي ما زالت تتحدى الإدارة الأميركية بأنها ليست نزيهة ولا محايدة ولا تصلح ان تكون وسيطاً لأنها منحازة .

لماذا لا تقوم الاطراف المزايدة سواء تلك التي لها أسهم في المنظمة (منظمة التحرير الفلسطينية )وكانت في الشراكة او تلك التي لا اسهم لها وانما تدخل وتطالب لانها جزء من النسيج العام للشعب الفلسطيني كحماس ومن جاء معها.

لماذا لا تقوم بدعم موقف القيادة الفلسطينية في هذا المجال ؟مجال الوقوف في وجه موقف الادارة الاميركية وفي وجه المخططات الاسرائيلية في القدس وتدعيم موقف القيادة الفلسطينية والوقوف الى جانبه وليس طعنه من الخلف والمزايدة عليه والتحريض على كل محاولات الاصلاح  وإعادة البناء.

نفهم الاختلاف مع ابو مازن وقيادته من اوسلو ومن بعض القضايا التي تمت المزايدة فيها عليه حين لم يكن الرئيس في الامتحان ولكننا لا نفهم موقف هذه الجهات المزايدة من داخل المنظمة ومن خارجها حين يقف الرئيس أبو مازن موقفه الصلب من الإدارة الاميركية ومن صفقة العصر ومن مخططاته بتصفية القضية وحين يطالب بإصلاح منظمة التحرير وإعادة بنائها ودعوة المجلس الوطني لإعادة ترتيب البيت الفلسطيني وصيانته أمام الزلازل والعواصف والفيضانات ومحاولات اقتلاع الجذور وتصفية القضية .

أليس هذا الخذلان الذي ترتكبه هذه الجهات هو الكفر بعينه وهو العقوق والتخلي وطعن  آمال الشعب الفلسطيني   والعمل على تعطيل مسيرته الم يدعو الرئيس كل الأطراف الفلسطينية الى المصالحة ووحدة الصف والى انتخابات تشريعية ورئاسية في كل مخططات المصالحة في القاهرة والدوحة ومكة واسطنبول وحيث عقدت الجلسات وحتى في غزة ليقابل بمحاولات اغتيال رئيس وزرائه لحكومة الوحدة الوطنية , الم يبق الرئيس طوال اكثر من عقد من الزمان يحاول تضميد جرح الانقسام ويعمل بكل الوسائل لـ التئام هذا الجرح وظل يدفع من موازنة السلطة نصفها من اجل جزء من شعبه في غزة وهو يدرك انه بذلك كان يغذي الانقسام ويقويه ويبرره ولكنه كان يسقي الزرع الفلسطيني وهو يدرك ان الحقل مليء بالهالوك الذي يأكل الزرع والضرع ويحول المساعدات والموازنات الى سكاكين تواصل التجزئة و الانقسام .

لماذا شراء المزيد من الوقت للانقساميين والانفصاليين والمرجئة والقعدة عن الوحدة الوطنية والذين في نفوسهم مرض الانقسام ممن شغلتهم اجندات خارجية واقليمية .

لماذا سماع اصواتهم والى ماذا سيأخذهم الوقت ان كانت السنوات الاحد عشر لا تكفي للعلاج ؟

إنهم زرعوا الانقسام في هذا النبت الشيطاني وغذوه واستجاروا به واعتمدوه وسيلة للحاكم والارتزاق وأداة لطعن قضية الشعب الفلسطيني ووظفوه لصالح عدو القضية الأساسي الذي ظل يتذرع بالانقسام وبضاعته ليعطل حق الشعب الفلسطيني في بناء دولته المستقلة على ترابه الوطني .

لقد أرادوا منع علاج مؤسسات الشعب الفلسطيني , منظمة التحرير الفلسطينية .. وأرادوا منع انعقاد المجلس الوطني لذرائع كثيرة وحجج باهتة ليصلوا بشعبنا الى غياب التمثيل وغياب الشرعية وعدم القدرة على مخاطبة العالم.. وعدم تمكين القيادة الفلسطينية التي نجحت في رفع القضية في كل المحافل الدولية والانتصار لها بشكل واضح والتي اقتربت من تجسيد الدولة والاعتراف  الدولي الكامل بها ووضع اسرائيل في الزاوية وتقديم صورتها الحقيقية البشعة كمغتصبة ومعتدية وكنظام عنصري أبارتايد..

هذه لحظات مخاض حاسمة وهذه لحظة إعادة انطلاق الإمكانيات الفلسطينية التي حافظت عليها القيادة الفلسطينية في الأزمنة الصعبة وحمتها ما استطاعت.. والقيادة اليوم برئاسة الرئيس عباس تريد الانطلاقة بالقضية وتوظيف انجاز التجديد الذي سيتم الان ليشكل ذلك رافعة لهذه القضية وتزكية لها وتمثيلا حقيقيا متجددا لقيادتها واكساب هذه القضية المزيد من الشرعية والقدرة على الحركة ومبايعتها على استمرار النضال بكل اشكاله الى ان يصل شعبنا لحقوقه ..

لماذا يهرب الظلاميون والمتطلعون الى الخارج والمتربصون بالقيادة والباحثين عن تمثيل بديل او رموز ، لماذا يزداد ضجيجهم في ربع الساعة الأخير معتقدين أن شعبنا سيسمعهم وهم يرون السكاكين في أيديهم وهي ملطخة بما أحدثوا من انقسام وتآمر والتفاف.. الم يحاولوا ذلك عشية انعقاد المؤتمر السابع لحركة فتح وكان الرد عليهم بالعمل والانعقاد والنجاح..

الم يكونوا صدى لصوت أنظمة عملت على منع الرئيس ابو مازن من الذهاب الى الأمم المتحدة عام 2012 ومحاولات ثنيه تحت ذرائع كانت اسرائيل من ورائها ولكنه مضى بما يتيسر له من إرادة وعزيمة وإيمان كانت كافية أن تلد الدولة الفلسطينية وان يرفع علمها في ساحة الأمم المتحدة..

دعو الرئيس يعمل.. دعو قيادته في مواجهة كل هذه التحديات تمضي على طريق الاستقلال وبناء الدولة واسقاط رواية الاحتلال عن القدس.. دعو القيادة بإمكانياتها المتاحة تحاصر القرار الأميركي عن القدس وتدين انحياز الإدارة الأميركية .. لا تكونوا ادوات لخدمة مواقف الادارة الأميركية واسرائيل بالمزايدة على القيادة الفلسطينية التي أسقطت بإرادة شعبها كاميرات الاحتلال عن بوابات القدس والتي دعت لمقاومة شعبية سلمية عريضة أخذت خيارا في غزة الان بعد أن تحولت صواريخ حماس ومن قلدها الى جراح أدمت وجه القضية حين جرى اعتماد التوقيت الخاطئ في استعمال الكفاح المسلح.. وحين اصبح السلاح في يد اليد التابعة يصيب وجه صاحبه!!

الرئيس ابو مازن وقيادته اليوم في الثلاثين من ابريل نيسان من عام 2018 أكثر اصرارا وعزيمة وايمانا بما يزرع للغد وبما يريد من القوى الوطنية واحزابها ومنظماتها ومن الشعب الفلسطيني .. ممثل ايضا بقواه المستقلة.. من تجديد التفويض له لإنقاذ المسيرة الفلسطينية النضالية التحررية التي وضعت أقدامها على طريق واصل متسلحة بإرادة دولية رأيناها تدين اسرائيل وتعزل المواقف الأميركية وتعمل على انفكاك دولي عن إسرائيل ومواقفها والى مناصرة لقضية الشعب الفلسطيني .

دعوا الرئيس ابو مازن يعمل . دعوه يعبر الى مرحلة هامة يريد ان يزرعها بالأمل والعمل في وجه تحديات قاسية مدمرة. وتجمع لقوى الشر والتآمر على القضية الفلسطينية لتصفيتها ان لم تكونوا معه ، فاصمتوا ودعوه يعمل وان اخترتم الانحياز الى جانب شعبكم فالدرب مفتوح وهذه مرحلة حاسمة من ليس مع الشعب الفلسطيني وقيادته فإنه يطعنه ويتراخى عن نصرته…

إنها لحظة فارقة سيتجاوز تاريخ النضال الفلسطيني عنها وقد انكشف من مع شعبنا وقضيته ومن هو من الانتظار العدمي والتأجيل والمماطلة ، هذا موعد القيامة الفلسطينية فانهضوا بقيتم خارج التغطية ولغة الأمم الباحثة عن الخلاص .

Related posts

الخارجية: مستوطنون احرقوا سيارة مخصصة للمحطة الجراحية الأردنية في رام الله

الملك: على المجتمع الدولي رفض منع إسرائيل لأنشطة وكالة (الأونروا)

“أونروا”: لم نبلغ رسميا بإلغاء إسرائيل الاتفاقية الموقعة مع الوكالة