عروبة الإخباري – تواصلت في مصر عمليات التصويت في الانتخابات الرئاسية التي تمتد لثلاثة أيام، تبدو نتيجتها محسومة للرئيس الحالي عبدالفتاح السيسي.
حيث أشارت وسائل الإعلام الغربية إلى نسبة إقبال ضعيفة جدًا في هذه الانتخابات، خاصة أن الكثير من المصريين يرون الانتخابات محسومة لصالح السيسي. وفي محاولة لإنهاء العزوف الانتخابي الواضح نبهت وكالة الأنباء الرسمية المصريين إلى أن التصويت إلزامي طبقا للقانون وإلى أن من لا يدلون بأصواتهم يواجهون دفع غرامة قدرها 500 جنيه (28 دولارا) أو أقل.
وفي سيناء، قال مسؤولون محليون وسكان إن الإقبال كان ضعيفا جدا في مناطق شمال سيناء في اليوم الأول للتصويت. وقال سليم أحمد، وهو معلم في مدينة الشيخ زويد، لرويترز عبر الهاتف “أنا نزلت علشان أقف في طابور العيش. ولما آخذ عيش أبقى أروح أدلي بصوتي”. ويوزع الجيش الخبز على السكان في المنطقة.
وأضاف “الناس هنا واقفة على طوابير السلع –اللي مش موجودة- مش طوابير الانتخابات”. وقال المستشار أحمد رؤوف المشرف على لجنة انتخاب في منطقة أخرى في الشيخ زويد القريبة من الحدود مع قطاع غزة إن شخصا واحدا فقط أدلى بصوته من بين ستة آلاف مواطن لهم الحق في التصويت في اللجنة التي يشرف عليها حتى منتصف نهار اليوم الأول.
عملية استرآس
من جهته قال الدكتور أيمن نور رئيس حزب الغد المصري، والمرشح الرئاسي السابق، في تصريحات خاصة لـ”الشرق” إن ما يجري في مصر الآن لا تعتبر انتخابات كما كانت في السابق، ولا هي استفتاء أيضا كالتي كنا نشاهدها في عصور سابقة، وإنما هي عملية استرآس، حيث إنها تجاوزت الانتخابات والاستفتاءات، مؤكدًا أن نتيجة الاقتراع تبدو محسومة لصالح قائد سلطة الانقلاب عبدالفتاح السيسي. وتساءل نور، هل هي انتخابات أصلا؟.. قولاً واحدًا: لا، موضحًا أن إقصاء السيسي للمنافسين له في الانتخابات أفقد المواطن المصري الثقة في حكمه.
2 % نسبة التصويت
في السياق ذاته، أكد الدكتور عمرو دراج وزير التخطيط والتعاون الدولي المصري الأسبق، أن الإقبال من واقع استطلاعات الرأي التي أجراها مركز تكامل بعد اليوم الأول ضعيف جدا، لم يصل 2%، وهذا ما نلاحظه في رصد اللجان شبه الفارغة في معظم المحافظات، وأغلب من حضروا يبدو أنهم من موظفي الدولة الذين تم حشدهم، أو من حشدهم حزب النور كما ظهر في وسائل الإعلام المختلفة.
لجنة انتخابية خالية من الناخبين
وذكرت صحيفة الغارديان البريطانية أن نسبة إقبال الناخبين هي القضية الوحيدة التي تعد موضع تشكك للنظام الانقلابي المصري خلال هذه الانتخابات، لافتة إلى أن الحكومة أطلقت حملة شرسة، وسط مخاوف من أن تواجه الحملة التي استهدفت تحقيق “الهوس بالسيسي” قبيل انتخابات عام 2014 إلى عدم إقبال الناخبين في هذه المرة، في محاولة منها لزيادة توافد الناخبين على مراكز الاقتراع، الأمر الذي تسبب في عزوف الناخبين عن التصويت.
ورأت الحركة المدنية الديمقراطية، التي تضم عددا من الأحزاب والشخصيات السياسية المعارضة أن حملة القمع التي سبقت الانتخابات ضد المنافسين للسيسي أخلت اللجان من المصوتين، معتبرة ذلك بمثابة “مصادرة كاملة لحق الشعب المصري في اختيار رئيسه”.
عمليات ابتزاز
بدوره، قال أستاذ علم الاجتماع السياسي بالجامعة الأمريكية، سعيد صادق، إن الانتخابات التي تجري في مصر، لها أهداف واضحة تتمثل في التأكيد على شرعية النظام في الداخل وكسب شرعية دولية بما يمنحه استقراراً واستثمارات.
وأضاف، لهذا نرى التعبئة الإعلامية والسياسية نحو مشاركة واسعة لتجدد الثقة داخلياً وخارجياً في النظام، خاصة أن قلة التصويت في اليوم الأول مست تلك الثقة والشرعية التي ستمنح من الانتخابات.
ويعد تحقيق معدل حضور كبير يمنح السيسي تفويضاً قوياً بمثابة تحدٍّ كبير. ففي عام 2014، بعد أن تولى السيسي السلطة في أعقاب الانقلاب العسكري، بلغ معدل الحضور 47.5%. ولتحقيق ذلك، قامت السلطات بتمديد عملية التصويت ليوم آخر وهددت بفرض غرامات على من يتخلف عن التصويت وألغت رسوم الانتقال بالقطارات لتشجيع الناس على التصويت. وفاز السيسي بنسبة 97% من الأصوات.
وكانت أحزاب المعارضة قد دعت إلى مقاطعة العملية الانتخابية، ووصفتها بـ”المهزلة” و”المسرحية العبثية”.
شراء أصوات وضغوط
وعلى النقيض من منافسه، غير المعروف لدى قطاع كبير من المصريين، لم يعلن السيسي عن برنامجه الانتخابي الرسمي، بل طالب المصريين بالخروج والتصويت حيث إن ارتفاع نسبة المشاركة يمثل دعماً للدولة ومشروعاتها.
وذكر مواطنان من منطقتين مختلفتين بالقاهرة للغارديان أنهما شهدا محاولات لشراء الأصوات، فيما روى مواطن ثالث، من حي آخر، كيف تمت ممارسة الضغوط على صاحب أحد المتاجر لتعليق لافتة لتأييد السيسي، وقد طلب جميعهم إخفاء هوياتهم لضمان عدم التعرض للأذى.
ورغم الجهود التي تبذلها الحكومة، يشعر البعض أن التصويت مضيعة للوقت. وقالت سامية من أسيوط، والتي لم تذكر اسمها بالكامل لسلامتها: “الانتخابات قضية خاسرة. فقد صوتت لصالحه عام 2014 وكنت مقتنعة أنه سيكون مخلصاً للشعب وللمحرومين ولكنه ظل يقف في صف الأثرياء”.
الأقلية المسيحية
وذكر ماركوس، وهو واحد من الأقلية المسيحية القبطية التي دائماً ما تدعم الرئيس أنه لن يدلي بصوته أيضاً. وقال: النظام الحاكم اعتبر الشعب أمراً مفروغاً منه. لابد أن يكون ذلك استفتاء وليس انتخابات هكذا يكون الأمر منطقياً.
وأضاف: الحكومة تحاول التوسل إلى الناس كي يدلوا بأصواتهم، ويريد النظام أن يثبت لنفسه وللعالم أن الشعب لا يزال يؤيده، وهذه المنافسة على الشعبية هي أفضل ما يمكن القيام به.
ويتزايد اهتمام العديد من المراقبين حالياً بأهداف السيسي خلال فترة رئاسته الثانية وسط مخاوف من أن يسعى إلى تعديل الدستور لإلغاء حدود الفترة الزمنية لتولي الرئاسة.