لم يتركوا كلب مزبلة إلا “وهربسوه” على أبو مازن لماذا؟؟ (2)

عروبة الإخباري – كتب سلطان الحطاب: سبحان الله، الذي حرص على السلام ووقع إتفاق أوسلو متهم بالارهاب ماذا يريدون إذن؟ يريدون الهروب من إستحقاقات الاتفاق ولا يريدون أن يتعاملوا مع أبو مازن بالندية كما يريد، وإنما بالتبعية كما أدمنوا التعامل مع بعض العرب من المرعوبين.
وفي ألمانيا لم يطالب نتنياهو بوقف صواريخ حماس لأنها تمده بذرائع اعتداءه على غزة، ولكنه طالب ميركل الضغط على الرئيس عباس لوقف التحريض على ما وصفه بالارهاب وهو يقصد تحركات الرئيس عباس عبر المحافل الدولية، وقد لخص ذلك نتنياهو بالقول: “علينا أن نوقف الارهاب ولوقف الارهاب علينا وقف التحريض، ونشر الاكاذيب حول الدولة اليهودية وسياسات إسرائيل”.
واتهم نتنياهو الرئيس عباس بأنه إنضم إلى الإسلاميين في التحريض على الموجه الأخيرة من العنف وحجة نتنياهو أن عباس يدعو لاشياء غير صحيحة أن إسرائيل تسعى لتدمير المسجد الأقصى، مدعياً أن إسرائيل هي الضامن الوحيد لقدسية المواقع المقدسة في القدس وغيرها من الأماكن، نعم إلى هذا الدرجة وصلت الوقاحة!!
بعض الأطراف العربية ومن خلال سياسات الدس الرخيصة والتي تناولت صحة الرئيس عباس وحتى شخصيته أرادت تخفيف الضغط عن إسرائيل ولم يرق لها ما ذكره الرئيس ترامب عن الرئيس عباس في زيارته الآخيرة للولايات المتحدة والتي عبرت فيها الإدارة الأمريكية عن رغبتها في بناء شراكتها مع القيادة الفلسطينية أن اسرائيل من خلال تصريح بعض قياداتها الارهابية المتطرفة ووسائل إعلامها وخاصة مواقع إلكترونية محسوبة على المخابرات والإستخبارات مثل موقع “ديبكا” وغيره تواصل التحرض ضد أبو مازن وتصدر رسائلها التحريضية إلى شبكات التواصل العربية التي تبلع الطعم بإعادة تصدير هذه الإشاعات أو نسبتها إليها أو تبنيها ضمن الحالة العربية العامة السائدة في تدمير الذات ومواصلة الشتم.
إن طابوراً يخدم الموساد، يعمل في الشارع العربي ليردد صدى الإشاعات والاتهامات الصهيونية المشككة في القيادة الفلسطينية أو المطالبة بحلها أو استبدالها، وهذا يدركه أبو مازن وقيادته التي نبهت وتنبه منه باستمرار، إذ تسعى تلك المحاولات إلى وضع الأسافين بين القيادة الفلسطينية وكثير من الأنظمة العربية وإفساد العلاقة الفلسطينية المصرية أو حتى السعودية من أجل الصيد في المياه العكرة كما يفعل نتنياهو حين يدعي أن أنظمة عربية حليفة له ولم تعد تهتم بالقضية الفلسطينية أو دعم الفلسطينيين.
أبو مازن الذي تشكل أفكاره المبثوثة بوسائل سلمية مخاطر على الذرائع الصهيونية تجري مهاجمته من جانب إسرائيل ودوائرها بشراسة، فقد هاجم عدد من المسؤولين الإسرائيليين من الإئتلاف والمعارضة الرئيس عباس على خطابه أمام المجلس المركزي الفلسطيني الآخير، وخاصة قوله: “إن توطين اليهود في فلسطين كان مخططاً لحماية المصالح الأوروبية”، إذ أدركوا أنه يصيب بذلك كبد الحقيقة ولذا تصدى رئيس الحكومة الإسرائيلية نتنياهو لمقولة أبو مازن هذه بالقول: “إن أبو مازن خلع القناع ليظهر على حقيقته حين يرفض قيام الدولة اليهودية”، وحاولت صحف ومسؤولون إسرائيليون الصيد في تعبير أبو مازن الذي وجهه لترامب بقوله له: “يخرب بيتك” للتحريض مجدداً.
وعلق ليبرمان على ذلك: “أبو مازن يحاول أن يخرب بيتنا كلنا”، بيت الأمريكان وبيت اليهود وهو يظهر بذلك الترابط بين البيتين!! ويضيف الارهابي ليبرمان الذي أمر باعتقال الطفلة عهد التميمي “إن أبا مازن لا يريد حلاً مع إسرائيل، بل إن هدفه هو محونا في الحلبة الدولية، فهو يعتقد أن لديه أمل، وأرغب أن أحيل رأي ليبرمان إلى الزهار وبعض قيادات حماس التي لا تقرأ ورق الصمود الفلسطيني لنسمع إجابتها بعد أن لم يعد أحد يشجب أثر صواريخها التي أصبحت كالغناء في الحمام.
أما رئيس حزب العمل المعارض الذي لم يعد يسمع به أحد حتى من الإسرائيليين لانحسار حزبه وتذيّله مع اليمين فيقول أفيخاي “أن أقوال أبو مازن خطيرة وكاذبة وفيها مزاعم لا سامية”، أما رئيس تحالف أحزاب المستوطنيين نفتالي بينيت فهو يدق طبول التحريض منذ كان مراهقاً ويواصل القول الآن: ” لقد حان الوقت للتفكير في اليوم التالي ما بعد أبو مازن، إن أبو مازن الذي يحمل فكرة الدولة الفلسطينية يجب أن نبعده عن الفكرة لإزالتها والإختفاء من العالم”.
أما وزير الشرطة غلعاد أروان من الليكود فيقول: “ان أبو مازن يدمر كل احتمالات السلام مختاراً التحريض ضد إسرائيل، ولن يتوقف أبو مازن عن عملية تدمير محاولاتنا، وعلينا تعزيز إجراءاتنا في السيطرة”.
يزعم نتنياهو أنه ليس لدى أبو مازن ما يخسره، ولذلك يمارس عدم السيطرة ويفقد أعصابه، وحتى ليفني تصب تحريضاً إضافياً متهمة أن أبو مازن يتنازل عن دولة فلسطينية، إن أمر مضحك حين نعلم أنها في سبيل ذلك تريد الاتفاق مع الفلسطينيين أو دونهم أي تريد دولة فلسطينية بدون الفلسطينيين بدون قيادة فلسطينية.
أما نحمان شاي من حزب ليفني فقد وصف أبو مازن “بظهور الشيطان المعادي للسامية ودعى للتخلص منه”.
ويصب اليمين والوسط الائتلاف والمعارضة جام غضبهم على أبو مازن ويتهمونه “أنه ضد السامية وأن قناعه سقط لينكشف رغم أنهم يعرفونه سلفاً”، وسبب ذلك قول أبو مازن في خطابه أمام المجلس المركزي: “إن إسرائيل هي نتيجة مؤامرة من العالم الغربي لتوطين اليهود في مناطق تابعة للسكان العرب والقول أن الشعب اليهودي لا علاقة له بأرض إسرائيل (فلسطين)، ويصرخ المنتقد قائلاً: “لقد نسي عباس الكثير من الاشياء وقال بمعادة السامية وإنكار المحرقة” وقال ريفلين من اليمين: “عباس ينكر القرآن، فالقرآن نفسه يعترف بأرض إسرائيل وبدون هذا الاعتراف الاساسي لا يمكن السلام”.
أما رئيس كتلة البيت اليهودي نفتالي فعاد إلى القول محرضاً: “يجب إنهاء عباس، أي إنهاء الدولة الفلسطينية لتبدأ حقبة السيادة الإسرائيلية الكاملة، يجب إخفاء عباس لتختفي الدولة الفلسطينية”.
أما ايتسيك شمولي عضو الكنيست فقد قال: “يا عباس بدل تصريحاتك حول اليهود الذين تم جلبهم إلى فلسطين للحفاظ على المصالح الأوروبية، وبدلاً من محاولتك لكتابة التاريخ مع خربشة معادية للسامية كان من الافضل أن تتعلم شيئاً آخر للتأثير على مجراه”.
صحيفة يديعوت احرنوت أيضاً واصلت التحريض من خلال الكاتب اليؤور ليفي الذي ترى صحيفته “أن خطاب عباس احتوى على مواقف عدوانية حين رفض الوساطة الأمريكية، وقالت أن الخطاب غير عادي ومرير ويكشف اليأس المطلق له من إسرائيل والإدارة الأمريكية وفرص عملية السلام”.
الأمريكيون والإسرائيليون الذين يتعاملون مع أنظمة عربية رخوة، صدموا بموقف الرئيس عباس الذي هو تحت الاحتلال حين رفض الوساطة الأمريكية وأدانها، وحين بدأ يصارع إسرائيل في المحافل الدولية علناً وعلى رؤوس الأشهاد العرب وغير العرب، والصدمة جاءت من الاعتقاد أن لا أحد في هذا العالم يستطيع أن يقول لا للسياسة الأمريكية التي قال عنها السادات: “اللي ما يخافش من أمريكا ما بخافش من ربنا، وأن أوراق الحل كلها بيد أمريكا”.
عباس قال لا للسياسة الأمريكية وظل يخشى الله، لكنه لا يخشى أمريكا ليس لانه الإسكندر المقدوني ولكن لأن السياسة الأمريكية المنحازة لإسرائيل تلغيه وتلغي حقوق شعبه، ولذا كان موقفه موقف المثقب العبدي الشاعر الشهير من بني عبد القيس الذي بدا أن مؤامرة تحيط بقبيلته من جانب خصومها المدعومين من كسرى فارس فلم يهمه ذلك وقد جسد ذلك بقوله يخاطب عمرو بن هند وكيل كسرى في المناذرة
فإما أن تكون أخي بحق      فأعرف منك غثي من سميني
وإلا فاطرحني واتخذني       عدواً أتقيك وتتقيني
وما أدري إذا يممت وجهاً      أريد الخير أيهما يليني
أألخير الذي أنا أبتغيه         أم الشر الذي هو يبتغيني
هذا الموقف لم يقفه من العرب سوى المثقب العبدي الذي أراد إنقاذ أهله من العدوان، وأبو مازن الذي أراد إنقاذ شعبه من إستمرا الاحتلال!!
منساقاً بالوهم، اعتقد ترامب أن الفلسطينيين وقيادتهم سوف تستسلم لرؤيته ومبادرته وصفقته التي وصفها أبو مازن بالصفعة وهو نفس الوهم الذي أصاب موشي ديان حين أعتقد أن فتح في الكرامة ليست إلا بيضة بيده يستطيع أن يحطمها للأبد دون أن يدرك أن جذورها أمتدت حتى الآن وأن أغصانها تغطي أرض فلسطين وأن ثمارها سيكون دولة فلسطينية تأخر الموسم أم بَكّر!!
إطلاق حملة التحريض المسعورة التي ساهمت فيها الإدارة الأمريكية والإسرائيلية وبعض العرب بالوكالة لن تدرك أهدافها وأبو مازن حيّ يرزق، ولن تدرك أهدافها وهناك شعب فلسطيني يقاوم الاحتلال والنزوة الصهيونية منذ أن بدأت بإقامة أول مستوطنة يهودية في بتاح تكفا جوار نابلس عام 1882.
هذه مرحلة عض أصابع، والأمريكيون وحلفاؤهم يراهنون على كسر إرادة الشعب الفلسطيني بكسر إرادة قيادته، والمطلوب فلسطينياً تعزيز موقف القيادة وإدانة أي طرف فلسطيني مهما كان يحاول أن يطعنها من الخلف أو يساعد الإسرائيليين بطروحات بديلة عنها!!
وَهم الغطرسة الصهيونية إنتقل إلى الإدارة الأمريكية التي احتطبت في الحبال الإسرائيلية، ولكن صمود الفلسطينيين سيعزل هذا التوجه الاستعماري الصهيوني ويظهره عارياً مداناً أمام العالم.
إن جنود الغطرسة أمثال غرين بلات وهيلي وغيرهم ضخموا هذه الغطرسة العنصرية لتسبب لهم الهذيان أمام شعب صامد لا يعرفونه ويريدون انكار حقوقه، ولكن أنى لهم ذلك والعالم يتعامل مع قائد فلسطيني شجاع وجاد وصاحب مصداقية في عملية السلام بذل كل ما يمكن من أجل تحقيق ذلك.
إنهم يريدون منه المرونة ويقصدون التنازل والخيانة لصالح صفعة تضرب القضية الفلسطينية، إنه لن يفعل إلا ما يخدم قضية شعبه وهو على إستعداد لملاحقة العيّار إلى باب الدار إن كان ذلك يقربه من حقوق شعبه وسيكون مرناً كما كان دائماً ولكنه سيكون أقسى من الصوان وأصلب من الفولاذ حين يتعلق الأمر بالتنازل والتفريط.
كيف لعباس أن يكون مرناً وملف القدس يزال على الطاولة؟ ويجري أغفال قضية اللاجئين وشطب وكالة الغوث في تشغيلهم لينساهم العالم؟ كيف له أن يفك إرتباطه بدولة فلسطينية عمل من أجل قيامها بوعي قبل الجميع؟
لن يهزم أبو مازن لأن في شعبه الآن الأسرى والمعتقلين والشهداء والجرحى، ولأن في شعبه عشرات بل مئات مثل عهد التميمي.
خطاب التهديد للرئيس عباس لن يجدي، ويا جبل ما يهزك ريح، وهو تعبير عرفات الموروث في قيادته الأمينة اليوم، ولن يفلح ضغط النظام الرسمي العربي أو محاولة إرضاء الصهيونية وتحقيق حلمها القديم في أن لا يكون للشعب الفلسطيني قيادة منه أو أن يجري التعامل مع شعار القضية دون أن يعني ذلك الشعب الفلسطيني.
الشعب الفلسطيني اليوم هو الرئيس عباس يقف إلى جانبه ولن يفت في عضده التحريض والذين يخافون من بطش السياسة الأمريكية هم بعيدين عن شعوبهم ولن تحميهم، أما عباس فهو مزروع في شعبه ولن يكمل حياته إلا بما يشرفها ويشرف شعبه ولن يخلي موقعه إلا للقدر، رافعاً راية الصمود ومؤكداً على إقامة الدولة الفلسطينية الحرة المستقلة.

Related posts

طهران لا “تسعى” للتصعيد… 37 بلدة بجنوب لبنان دمرتها إسرائيل

“النزاهة” تستضيف وفداً أكاديميّاً من جامعة القدس الفلسطينية

ارتفاع حصيلة شهداء غزة إلى 43,391 منذ بدء العدوان الإسرائيلي