لم أتمالك نفسي من الشعور بالخجل إزاء بعض ما يحصل في دولنا العربية مؤخراً.. وبلاوينا الأكثر من أن تعد وتحصى، لكن يبقى الجرح النازف وهو الحرب الأهلية الدائرة في سوريا لسنتها السابعة، والتي أطال أمدها تدخل قوى أجنبية من كل حدب وصوب بها.. كل يريد تقريب النار السورية إلى قرصه!..
سوريا الحضارة والجمال والذوق والرقة، تهدمت وأصبحت أطلالاً، لكن أشقاءها العرب لا حياة لمن تنادي، خف لنجدتها قوى أجنبية فقط (إيران وحلفاؤها) وروسيا الدولة العظمى.. فركّز الكثيرون نقمتهم على التدخل الأول، وسكتوا بالعين ألسنتهم عن التدخّل الروسي، لان إبليس يعرف ربه!
المصيبة الكبرى هي أخذ الدولة المغتصبة إسرائيل راحتها في سوريا، من دون أن نرفع ــــ كعرب ــــ اصبع احتجاج في مواجهتها، وهي المحتلة لأرض فلسطين والمشرّدة لأهلها والمحتلة للجولان السوري في حرب 1967 (حرب النكسة الكبرى).. إسرائيل تعتدي كما تشاء بطياريها وصواريخها على سوريا حتى وصلوا إلى غوطة دمشق، والجميع لم يرفع اصبع احتجاج واحدا على تدخلها السافر في بلد عربي فيه حرب أهلية.. حتى تم بحمد الله منذ أيام إسقاط طائرة F16 لها، وهو حدث هز تلك الدولة المارقة هزّاً، لأنه لم يحدث منذ عام 1982، وطائرة F16 التي أصيبت بصاروخ من الأراضي السورية، لم يتم إسقاطها، لان مهمتها كانت في الأراضي السورية قبل الإسقاط هو رمي الورد والهدايا على رؤوس أهل سوريا المنكوبين بحربهم الأهلية الضروس.. بل تم إسقاطها ضمن قواعد الاشتباك العادية والدفاع عن النفس والبادي أظلم! لتهدد إسرائيل سوريا وأهلها وإيران (إن استطاعت) بالويل والثبور وعظائم الأمور.. ونحن العرب عمك أصمخ!
* * *
«البرطعة» الإسرائيلية الأخرى التي تواجه بصمت القبور العربي هو تحرّش إسرائيل بلبنان هذه الأيام.. فوزير الدفاع والخارجية الإسرائيلي صرّح منذ أيام بأن بترول المربع رقم 9 بالبحر الأبيض المتوسط هو لإسرائيل!.. وهذه عربدة سياسية بالغة، فبالاطلاع على المربع رقم 9 نجد أنه يقع كله وبرمته أمام الشواطئ اللبنانية، ولا يتداخل مطلقاً مع المربع المجاور المقابل للشواطئ في الأراضي المحتلة الإسرائيلية! بالإضافة الى التبلي على هذه الدولة الضعيفة الصغيرة وتهديدها بهدم كل بناها التحتية في أي حرب قادمة، بنت إسرائيل جداراً عازلاً على غرار جدار ترامب العازل بين الولايات المتحدة والمكسيك، وهو أمر بالغ الاستفزاز بين دولتين جارتين!
كل تلك العربدة والغطرسة الإسرائيلية وأكثر لم تواجه بأي رد فعل عربي ملموس، لا حكومياً ولا برلمانياً ولا شعبياً.. مع شديد الأسف!.. فنحن أمة، كما يبدو، أهيل علينا التراب، لأننا في مواجهة عدونا الأول والأخير أصبحنا برداً وسلاماً! وقامت أذهاننا تتفتق وتتفنن في معاداة دول وشعوب أخرى!
ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.