قراءة في عناوين المشهد الانتخابي المصري/عبد الوهاب بدرخان

قراءة في عناوين المشهد الانتخابي المصري الانتخابات الرئاسية المصرية خيضت وعرفت نتيجتها قبل حصولها.

هل كان في الإمكان أن يكون إخراجها أفضل مما كان؟

نعم لو أن الأعوام الأربعة السابقة شهدت أداء مختلفا للحريات، بحيث تكون الحملة الانتخابية نقاشا عاما في شؤون البلد، بمعزل عن شخصيات المرشحين وغير المرشحين.

ولا بسبب الأجواء الضاغطة التي أشيعت لتثبيط عزائم الراغبين في الترشيح، حتى غدا مجرد التفكير في دخول السباق لمنافسة الرئيس عبدالفتاح السيسي «عملا معاديا لنظام الحكم».

الانتخابات السابقة كانت لا تزال مرتبطة بمنطق «25 يناير» 2011، وما حاولت الثورة إحياءه من مبادئ، أما الانتخابات المقبلة فتنتسب إلى منطق «30 يونيو»–«3 يوليو» 2013، مع ما راكمه من تداعيات، سواء بإقصاء «الإخوان المسلمين»، أو بإحباط القوى السياسية الأخرى، من دون أن يبدي أي هاجس بالاقتراب من «مدنية» الدولة أو التمهيد لها.

ورغم أن الكثير من الأصوات ارتفعت في الأسابيع الماضية لانتقاد السيناريو السيئ الذي آلت إليه الانتخابات، ولا سيما تعبيرات الرسوم الكاريكاتيرية الساخرة من «البحث عن مرشح»، لمواجهة الرئيس المرشح ولو شكليا، إلا أن الأمر الواقع فرض نفسه في نهاية المطاف.

تكرست إذا عودة «حكم العسكر» مع شيء من التنقيح للصيغة السابقة، وهو تنقيح أوجبته المتطلبات العاجلة لمحاولة تثبيت الاستقرار، فكان التركيز على إصلاح الاقتصاد، استنادا إلى المساعدات العربية والقروض الدولية، لكن الجميع يعلم أن الانعكاسات الفعلية لهذا الإصلاح تستلزم وقتا كي تصبح ملموسة ومعاشة.

وقد ارتكزت حملة السيسي على ما تم من «إنجازات»، التي اعتبر تدشين حقل ظهر للغاز في المتوسط من أبرزها، ويفترض أن تتطور إنتاجيته تدريجا خلال هذه السنة.

من الواضح أن النظام الحالي رسم معايير الحكم على نجاعته، ولا علاقة لها بالسياسة، فحتى أشد المتحمسين له يأخذون عليه مواصلة «التجريف» السياسي، إلى حد أنه يفضل التكنوقراطيين في الوزارات والوظائف التي تتطلب سياسيين.

ومع اقتناع النخبويين بأن النظام يعمل أولا لترسيخ تجربته واستدامتها، يلاحظ أنهم يبدون تفهما متزايدا للأولويات التي يعمل لها النظام، ولو عنى ذلك استبعاد أي دور لهم في الحكم أو قبولا ظاهريا بأن البيئة العامة في البلد تحتاج إلى إصلاح.

لكن تبقى الأسئلة: إلام يمكن إلغاء السياسة بمنظومتها الشاملة، وهل أن الإصلاح السياسي على أجندة النظام؟

قد لا تصلح واقعة إقصاء الفريق سامي عنان مثالا لاستكشاف نيات الحكم، لأن فيها بعدا قانونيا معروفا مسبقا، وأمكن استغلاله ضده، لكن انسحاب خالد علي كان أكثر تعبيرا عن أن الانتخابات ليست فرصة لاستعادة القوى السياسية مكانها في المشهد، حتى لو لم تكن قادرة على إيصال أي مرشح إلى الرئاسة.

كما أن ردود الفعل على دعوة «الحركة المدنية الديمقراطية» إلى مقاطعة الانتخابات راوحت بين قول السيسي أن ما حدث خلال الأعوام الأخيرة لن يتكرر، وبين حملة فتحت سجل المعارضة «غير الإسلامية» وتشرذمها وعجز أحزابها عن طرح خطط ذات مصداقية لإصلاح الاقتصاد.

أكثر ما يتردد في شروح هذا العداء للسياسة أنها غير مجدية عموما، لكن الأهم أن النظام يعتبر عودتها، ولو جزئيا، عودة لـ«الإخوان المسلمين»، في حين أنه يراهن على الوقت لإدامة إقصائهم. لذلك لم يكن مرغوبا في أي مرشحين جديين، إذ خشي النظام أن يكونوا قاطرة لاجتذاب أصوات «الإخوان»، فضلا عن المعارضين غير الإخوانيين.

* عبدالوهاب – بدرخان كاتب صحفي لبناني

Related posts

سكوت ريتر: لماذا لم أعد أقف مع إسرائيل؟ ولن أقف معها مرة أخرى

ماذا لو فاز ترمب … وماذا لو فازت هاريس؟* هاني المصري

الأمم المتحدة…لنظام عالمي جديد ؟* د فوزي علي السمهوري