القضية لا تتوقف على جريمة السطو المسلح على بنوك ومؤسسات إقتصادية بل الخشية أن تتجاوزها لتصبح عملا بطوليا في أذهان البعض يستحق مرتكبه التعاطف بإعتبار أن هذه المؤسسات تمثل هدفا للإنتقام.
كان ذلك تفسير كثير من «البلطجية» ممن أدلوا بإعترافات , فمنهم من شرع عمله بإعتباره ردا لظلم وقع بحقه من
المجتمع وبإعتبار أن في جيب أصحاب الأعمال والأثرياء حقا يجب أن يأخذوه نيابة عن الفقراء.
يلفت الإنتباه بشكل مستهجن بعض التعليقات على مواقع التواصل الإجتماعي على جريمة السطو المسلح على فرع أحد البنوك ومثلها جريمة نفذها آخر في فرع لبنك اخر في اليوم الثاني وهو ما حمل الأمن العام الى إصدار بيان إستهجن فيه «التعاطف الذي أظهره البعض مع الجريمة، وهو الامر الذي لا يمكن القبول به تحت أي ظرف كان، فالجريمة تبقى جريمة ويتم التعامل معها وفقا للقانون وأن هذه الجرائم مثل السطو والسلب هي من الجرائم الخطيرة.
هذه رسائل تحريضية فعلا كما وصفها بيان الأمن العام , لكن ما هو أبعد من ذلك منح شرعية لمثل هذه الجرائم وتبريرها تحت عنوان الفقر والعوز تماما كما جرى مع ظاهرة البلطجة وما هو أبعد في مراتب الخطورة هو أن يعتبرها البعض حقا على الضعفاء أن يأخذوه بأيديهم في ظل عجز الدولة عن توفير فرص عمل في إستغلال بشع للقرارات الإقتصادية الأخيرة في سلوك لا يمت للوطنية بصلة ولا للمسؤولية بأدنى صلة.
تطبيق الردع الحاسم وفقا للقانون في مثل هذه الجرائم مهم وحسنا فعلت الشرطة إذ إعتبرتها من القضايا التي تمس أمن الدولة وحولتها الى المحكمة المختصة فهي لا تقل خطورة عن قضايا الإرهاب وقد توفرت فيها عناصر الإرهاب مثل الترويع والتهديد وتقويض الثقة بالمؤسسات الرسمية والأهلية وتهديد الأمن الإقتصادي حينما يتقصد هؤلاء إستباحة بنوك ويستسهلون اقتحامها وسرقة ما يمكنهم سرقته من مال بكل سهولة.
المتعاطف والمحرض لا يقل خطورة عن مرتكب الجريمة والأمر يحتاج الى تفعيل قانون الجرائم الإلكترونية بأقصى عقوباته لما تمثله مثل هذه السلوكيات من تهديد للأمن الإجتماعي واشاعة الفوضى بإعتبار أن هؤلاء المجرمين هم مظلومون إضطروا لإرتكاب هذا الفعل بما في ذلك عقد مقارنات تاريخية أستدعيت بحماقة من بعض الروايات والقصص الموروثة من التاريخ العربي والإسلامي للدلالة.
هناك مسؤولية على المواطن لكن هناك مسؤولية على الدولة بتعزيز الثقة ورفع درجة المصداقية وتعزيز القيم وإعمال القانون بمسطرة واحدة وبث الإيمان بأن هذه المؤسسات هي مؤسسات وطنية وهي ملك المواطن وفي خدمته.
الرأي