باستثناء عدد محدود لم يفلت اي من وزراء المالية في الاردن من تكريم مجلة ذي بأنكر باعتبارهم أفضل وزراء مالية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وها هو وزير ماليتنا عمر ملحس ينضم إلى قائمة أفضل وزير مالية في الشرق الأوسط لعام 2017 .
اللافت أن ملحس حصل على لقب أفضل وزير مالية في ظل وضع مالي سيء وربما صعوبة إدارته هي سبب التكريم الذي عللته المجلة بإدارة الوزير الحصيفة للمالية العامة في ظل ظرف استثنائي وتصديه للاصلاحات المالية وتطبيق خطة ضبط العجز والمديونية بالرغم من زيادة الضغوط بسبب الأوضاع الإقليمية وعبء اللجوء السوري وكلفته على الخزينة .
اتخذت هذه التحديات في خطوتهم. وقد أظهر الفائز بجائزة أفضل وزير مالية في الشرق الأوسط، عمر ملحس، مهارة بارزة في معالجة هذه الصدمات الخارجية، والعديد من الرياح المعاكسة المحلية، مع الحفاظ على استقرار الاقتصاد الكلي.
للإنصاف كل وزراء المالية تولوا هذه الحقيبة في ظل ظروف صعبة وان اختلفت في اسبابها لكنها كانت متشابهة في آثارها وتداعياتها على الخزينة وعلى الاقتصاد وكانت دائما عقدة العجز وضبط الإنفاق والحد من المديونية وتحفيز النمو حاضرة وكل ما كان يتطلبه العمل هو تحقيق النسب المستهدفة في هذه العقد وهي خاضعة للتوقعات والأحداث وتغييرات مفاجئة خارجة عن السيطرة وان كان من المهم في كثير من الأحيان هي الإدارة الذكية للموارد المالية والانفاق المناسب في المكان المناسب بمعنى تحقيق الأثر الإيجابي للنفقة.
لم تذكر المجلة في تقريرها عن فوز الوزير تفاصيل المسابقة كما أنها لم تتطرق الى الإجراءات الأخيرة في موضوع رفع الدعم عن الخبز وإعادة هيكلة الضرائب ربما لان التقرير اعد في وقت سابق على هذه الإجراءات ولو انه عاصرها لكانت الجائزة إقترنت بالجرأة فهو لم يرحل المشاكل وهذه القرارات كانت مهمة على أكثر من صعيد فهي ازالت خللا واضحا لكنها في ذات الوقت وجدت طريقها للتنفيذ في عهد هذه الحكومة ووزير ماليتها ونحن هنا لا ندعي أن الحكومات السابقة ووزراء المالية فيها لم يقتربوا من هذه القضايا بل على العكس فقد لامسها كل واحد منهم بتفاوت لكن الظروف اختلفت من حقبة لاخرى وكان القرار الإقتصادي غالبا محكوما لعوامل سياسية .
وزراء المالية في الاردن هم الأفضل مثل الأطباء في مواجهة مرض مستعص فهم كمن يمشي على حد السيف ولطالما كان السؤال هو كيف يتم بناء موازنة بلا موارد دائمة ومستقرة وواضحة في مقابل نفقات كبيرة جلها جارية لا تحقق عوائد وفي ذات الوقت ضبط العجز فيها في حدود المستهدف .. ليست الإجابة هنا في اللجوء الى الاستدانة فقط فهي اسهل الحلول .. لكن من ناحية أخرى العقدة الأهم تكمن في بقاء الموازنة وعلى مدى العام رهينة لتقلبات غير متوقعة في جوانب عدة أهمها تحقق الإيرادات المستهدفة والوفاء بالمساعدات المتعهد بها وقد ظل هذا هو الخطر الحقيقي الذي يواجه موازنات الحكومات المتعاقبة .
ثمة أهداف كثيرة وضعها وزير المالية عمر ملحس لعام 2017 تحقق معظمها لكن الأهداف الموضوعة لعام 2018 هي الأصعب في ظل المتغيرات المتسارعة على صعيد المالية العامة خصوصا في بند المساعدات والنمو الضروري لتحقيق إيرادات مرجوة من الضرائب وهي ستبقى رهنا لتنامي النشاط الاقتصادي ونجاح خطة التحفيز .
نتائج الأداء المالي لعام 2018 هي المعيار الذي سيحدد شكل الموازنات الحكومية لعشر سنوات مقبلة .
qadmaniisam@yahoo.fom
الرأي