كتب الروائي السوداني طارق أحمد خالد مقالاً بعنوان «روعة الكلاب وقبح بعض ذوي الأنساب»، انتقد فيه تصرف امرأة خليجية في أحد مطارات المنطقة تجاه موظف هندي، أخطأ بأخذها لصالة رجال الأعمال بدلاً من صالة الدرجة الأولى، فوصفته بالكلب، وأسمعت بقية الركاب في الصالة، وبينهم هنود، بأنهم جميعاً كلاب!
ويستطرد طارق قائلاً إن ابتسامات من نوع خاص ارتسمت على وجود الهنود لسماعهم كلمات تلك الخليجية، ولم يعرف كيف يفسرها، ولكنه تذكر، من بين ثنايا ذاكرته، ملياراً ونيفاً من الذين نجحوا في استدامة ديموقراطية جمعت أعراقاً وأدياناً وطوائف، كم احتار من فرط نجاحها الآخرون من بني البشر، وكيف رفع هؤلاء ناتج دولتهم القومي لخمسة تريليونات دولار، أي ما يعادل 5 أضعاف ما لدى السعودية، وخمسة وعشرين ضعف ما أنتجه وطن تلك المرأة. وأن المهاتما غاندي وطاغور العظيم وبجوارهما نهرو وأنديرا غاندي، كانوا هنوداً، وأن من بين هؤلاء، الذين وصفتهم بالكلاب، من أسس شركات عالمية أصبحت رؤوس أموال كل واحدة منها تتجاوز عشرات مليارات الدولارات، وتعادل إيرادات كل واحدة منها ضعفي صادرات السودان من بترول وحيوانات وصمغ. ومن بينهم ساتيا ناديلا مدير عام مايكروسوفت، وساندر بيتشاي رئيس غوغل، وأجاي بنجا رئيس ماستر كارد، ومئات العمالقة الآخرين الذين يعودون بأصولهم لدولة ستصبح الأكثر قوة في العالم، ونحن نكتفي بسرد القبيح والعنصري من أبيات الشعر كـ «ونشرب إن وردنا الماء صفواً ويشرب غيرنا كدراً وطيناً»، أو «نحن فوق رقاب الناس مجرب سيفنا»، في الوقت الذي نحن في أسفل سافلين! وهنا، يستطرد طارق: عرفت سر الابتسامات التي كانت ترتسم على وجوه الهنود، وهم يسمعون تلك المرأة المتعجرفة والجاهلة وهي تصفهم بـ«الكلاب»!
قرأت مقال طارق خالد وأنا في إجازتي «الشهرية» في ولاية راجستان الهندية الجميلة، وشعرت بالحزن لسخف عقول الكثيرين لنا، وسوء مواقفهم من دول ذات احترام كبير، كالهند وغيرها. وإلى مقال الغد.