هل سيصبح وعد ترامب ذكرى بدل بلفور /خالد السباتين

هل سيصبح وعد ترامب ذكرى بدل بلفور
وهل سيسجّل التاريخ جريمة جديدة بحق فلسطين .. ؟؟

هاجت الدنيا و ماجت بعد إعلان ترامب القدس عاصمة للكيان المحتل “اسرائيل ” في السادس من ديسمبر من العام الجاري و صدرت التصريحات و عقدت المؤتمرات العاجلة و الطارئة و نتج عنها كالمعتاد الرفض و الاستنكار فقد رفعنا سقف التوقعات كثيرا معتقدين أن ساعة الصفر قد إقتربت و أن زوال إسرائيل ما هي إلا مسألة وقت و كنّا بانتظار موقف أو قرارا يغيّر مجرى التاريخ لكن من الواضح أننا سنستبدل ذكرى بلفور بذكرى ترامب و سيصبح التاريخ شاهداً على جريمة جديدة بحق الفلسطينين فسطور التاريخ لا تغفل عن تسجيل الحقائق و لا تغفل عن تسجيل الخيانة أيضا …

قمة يتلوها قمة و إجتماع يتلوه اجتماع و كل شي طارئ و البحث ما زالي جاري عن راعي لعملية السلام إذا كان هناك سلام لكن اليوم توجد فرصة تاريخية لقيام دولة فلسطينية في ظلّ الحاضنة الشعبية التي ترفض قرار ترامب عربياً و دولياً و على جميع المستويات السياسية باستثناء الولايات المتحدة و اسرائيل نعم سياسة الرئيس الفلسطيني أبو مازن و دبلوماسيته الناعمة و التراكمات السياسية التى يؤمن بها الى حد ما بدأت تجني ثمارها اليوم من خلال الموقف العالمي الذي يناصر القضية الفلسطينية و حق الشعب الفلسطيني بإعلان استقلال دولته و عاصمتها القدس و العزل التام للولايات المتحدة في قرارها الباطل و رفض العالم لهذا لقرار الأحادي الجانب الذي وضع عملية السلام في مأزق أو بالأحرى وضع أميركا في مأزق بقراراها الأحمق و أظهر صورتهم الحقيقية للعالم و أنهم و الإحتلال وجهان لعملة واحدة فالرئيس عباس وجه إصبع الاتهام بشكل مباشر في القمة الإسلامية التي عقدت في اسطنبول الى الولايات المتحدة و رئيسها بإنحيازهم الواضح و الصريح لإسرائيل و هو الرجل الذي وثق بهم على مدى عقود و انتظر وعودهم و تحمّل كيل الإتهامات ولكن في نهاية المطاف فشل رهانه على عملية السلام المزعمة و التي هندس بنفسه إتفاق أوسلو الذي يقضي في نهايته الى دولة مستقلة و عاصمتها القدس لكنه يشعر الآن بخيبة أمل كبيرة من الموقف الأمريكي الداعم للإحتلال و السياسات العنصرية و أنه أصبح في مواجهة إحتلالين أمريكي و إسرائيلي …

عاد نتنياهو من أوروبا خاوي الوفاض فلم يجامله أحد و لم يصفّق له أحد على القرار الذي احتفل به فدول أوروبا رفضت القرار و رفضت نقل سفاراتها و رفضت التغيير على مدينة القدس قبل الإتفاق بين الجانبين كونها عاصمة للطرفين و إعتبارها من ملفات الحل النهائي التي يجب حلها بالتفاوض هو في الحقيقة موقف مشرّف يسجّل للقارة الأوروبية …

اليوم تفكير الشعوب و عقولهم يسبق ما ستخرج عنه القمم بخطوات فالشارع العربي مدرك تماماً أن ممارسة الضغط عن طريق المسيرات و التظاهرات السلمية و الإبتعاد عن العنف أفضل الوسائل حتى يستطيع الشارع الإستمرار في التظاهر و الضغط على الحكومات بطريقة حضارية فالخيارات ليست محدودة لكن القرارات تحتاج الى قادة ليتخذوها الضغط الشعبي يجب أن يوازيه ضغط على المستويين الإقتصادي و السياسي حتى لا يفقد الشارع ثقته بالزعماء و الحكام و يخرج كل شيء عن السيطرة فالكل يريد أن لا يخرج القطار عن السكة و يبقى محافظاً على مساره و أن لا تدخل المنطقة في دوامات و أزمات جديدة فالتعامل مع ملف بحجم القدس يتطلب إعادة النظر في إتفاقية أوسلو من جانب السلطة و مراجعة إتفاقيات السلام مع الدول الموقّعة عليها و التوقف عن نغمة التطبيع من قبل الدول المتعطشة لذلك و النظر في مسألة التمثيل الدبلوماسي و صفقات السلاح و عقود النفط و الإتفاقيات الاقتصادية و الإستثمارات في الولايات المتحدة فالزعيم الذي سيتخذ قرار يليق بمكانة القدس و حجمها ستهتف كل الشعوب بإسمه من المحيط الهادر الى الخليج الثائر نعم موقف سياسي قد يقلب الطاولة و الفرصة ذهبية ليس فقط للضغط على ترامب ليتراجع عن قراره بل لإقامة دولة فلسطينية مستقلة و عاصمتها القدس الشريف …

إذا بقيت الحكومات تشاهد الفيلم الهوليودي الذي تمثله الولايات المتحدة و الذي تخرجه اسرائيل بإمتياز فحتماً سنخسر القدس “لا قدر الله” و اذا خسرنا القدس سنخسر كل العواصم العربية فبعد الفيتو الأمريكي في مجلس الأمن سنتوجه الى الجمعية العامة للأمم المتحدة و بعد الجمعية سنتوجه الى محكمة الجنايات و بعد الجنايات سنتوجى الى و الى و الى …..
و القصة تطول و لن نجني ثمار هذا التحرك في الوقت القريب لذلك يجب على الدول التي لها ثقل في المنطقة و مصالح مشتركة مع الولايات المتحدة برفع نبرة الصوت فالدول الصغيرة لن تستطيع مجابهة القرار لوحدها نتيجة الضغوطات التي ستمارس عليها …

يجب على العرب أن يصدروا “فيتو” بحق الولايات المتحدة و يوقفوها عند حدها ولا يصمتوا على هذه الجريمة حتى لا يكونوا السكينة التي ذبحت القضية الفلسطينية و تركوا بصماتهم عليها و أن يتذكروا دائما أن الشعوب ستقف معهم في وجه أميركا مهما كلف الأمر و أن شعوب العالم بأسره أحراره و ثوّاره عربه و عجمه مسلموه و مسيحيوه رافضين لهذا القرار و أن أميركا في معزل عن العالم …

فهل سنبقى نحن بجانبها !!! و هل ستبقى الحليف الموثوق به !!!
و هل ستبقى هيمنتها على الشرق الأوسط !!! و هل ستبقى الداعم الرئيسي للإحتلال !!!
من يشكل و من يموّل و من يدعم الإرهاب و التطرف و الاحتلال في بلداننا و العالم ؟؟
الكل يتسائل و جميعنا يعرف الإجابة …

Related posts

سكوت ريتر: لماذا لم أعد أقف مع إسرائيل؟ ولن أقف معها مرة أخرى

ماذا لو فاز ترمب … وماذا لو فازت هاريس؟* هاني المصري

الأمم المتحدة…لنظام عالمي جديد ؟* د فوزي علي السمهوري