عروبة الإخباري – استخدمت الولايات المتحدة أمس حق الفيتو لمنع صدور قرار عن مجلس الأمن يندد بالاعتراف الأميركي بالقدس عاصمة لإسرائيل، وبدت واشنطن معزولة تماما دوليا بعد أن صوت باقي الأعضاء الأربعة عشر لصالح مشروع القرار.
وسارعت مندوبة الولايات المتحدة لدى مجلس الأمن نيكي هايلي إلى التنديد بقوة بموقف المجلس، وقالت وهي متجهمة الوجه “انها اهانة وصفعة، لن ننسى هذا الأمر ابدا”.
ولم توضح هايلي ما اذا كانت الولايات المتحدة يمكن أن تتخذ اجراءات ردا على الدول التي صوتت إلى جانب مشروع القرار، أو ستواصل خفض تمويل نفقات الأمم المتحدة.
وكانت مصر قدمت مشروع القرار الخاص بالقدس والذي يحذر من “التداعيات الخطيرة” للقرار الأميركي بالاعتراف بالمدينة المقدسة عاصمة لإسرائيل، ويطالب بالغائه، بعد عشرة أيام على إعلانه من قبل الرئيس الأميركي دونالد ترامب.
وأضاف مشروع القرار أن وضع القدس “يجب أن يتقرر عبر التفاوض” معربا “عن الاسف الشديد للقرارات الاخيرة بشأن القدس” من دون تسمية الولايات المتحدة بالاسم.
كما جاء ايضا في مشروع القرار أن “أي قرار أو عمل يمكن أن يغير من طابع أو وضع التركيبة الديموغرافية للقدس ليست له قوة قانونية وهو باطل وكأنه لم يكن، ولا بد من الغائه”.
سارع رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو إلى توجيه الشكر إلى الولايات المتحدة على الفيتو. وقال في تغريدة “شكرا للسيدة السفيرة هايلي وللرئيس ترامب لقد اضأتما شعلة الحقيقة، وبددتما الظلام”.
وطوال اسبوع كامل تعرض مشروع القرار للكثير من النقاشات والتعديلات في كواليس الأمم المتحدة في نيويورك، خصوصا بين الممثلية الفلسطينية التي تشارك بصفة مراقب والعديد من الدول العربية والأوروبية.
وشرح عدد من الدبلوماسيين لوكالة فرانس برس أن الهدف كان “الحصول على 14 صوتا” بوجه الولايات المتحدة. وفي هذا الاطار تم العمل على تهدئة اندفاع الوفد الفلسطيني واستبدال النص الاصلي الذي صيغ في الحادي عشر من كانون الأول(ديسمبر) الحالي بنص آخر أكثر ليونة لا يسمي الولايات المتحدة بالاسم.
وتابعت المصادر نفسها أن مشروع القرار، ولو انه ووجه بفيتو يمكن ان يساعد في ممارسة ضغط على الإدارة الأميركية خلال أي مفاوضات مستقبلية مع الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي، لتأخذ بشكل أفضل بعين الاعتبار حقوق الفلسطينيين. كما كان لا بد من الاشارة إلى أن الولايات المتحدة بقرارها انما ضربت بعرض الحائط قرارات عدة صادرة عن مجلس الأمن بشأن أزمة الشرق الأوسط.
وقبل التصويت كانت نيكي هايلي اتهمت الأمم المتحدة بانها “عرقلت” مساعي التوصل إلى اتفاق سلام وبانها “وضعت نفسها بين الطرفين”. كما اعتبرت أن إسرائيل “تعاني من التحيز ضدها داخل الأمم المتحدة” قبل أن تعلن بان واشنطن ما تزال تسعى للتوصل الى “اتفاق سلام دائم” في الشرق الاوسط.
وفي الثامن من كانون الأول(ديسمبر) أي بعد يومين على الإعلان الأميركي حول القدس، كشف مجلس الأمن أول مرة عن عزلة الولايات المتحدة خلال اجتماع طارئ. فقد انتقد كل شركاء الولايات المتحدة خلال هذا الاجتماع الاعتراف الأميركي بالقدس عاصمة لإسرائيل ولو بدرجات متفاوتة.
وبعد الفيتو الأميركي أعلن الفلسطينيون عزمهم على اللجوء الى الجمعية العامة حيث لا حق بالفيتو لاي دولة، إلا أن قرارات الجمعية غير ملزمة.
ويبدأ مشروع القرار الذي ووجه بالفيتو أمس بفقرة تذكر بعشرة قرارات لمجلس الأمن اعتمدت بين عامي 1967 و2016 تؤكد ان مسألة القدس يجب أن تكون جزءا من اتفاق سلام شامل.
وهناك قرار لمجلس الأمن اعتمد العام 1980 يتكلم عن استيطان الأراضي ويعتبر أن “كل الاجراءات والأعمال التشريعية والإدارية التي تتخذها إسرائيل القوة المحتلة والتي تهدف إلى تغيير طابع المدينة المقدسة ووضعها، لا قيمة قانونية لها”.
وامتنعت الولايات المتحدة يومها عن استخدام الفيتو مكتفية بالامتناع عن التصويت.
وأكدت فرنسا وبريطانيا أمس إن القدس هي “مفتاح” حل الدولتين، اسرائيلية وفلسطينية تعيشان جنبا الى جنب بسلام.
وقال السفير الفرنسي في مجلس الأمن فرنسوا دولاتر “من دون اتفاق حول القدس لن يكون هناك اتفاق سلام” مذكرا بـ”الاجماع الدولي حول حل الدولتين”.
من جهته قال نظيره البريطاني ماتيو رايكروفت إن “الولايات المتحدة ستواصل القيام بدور مهم جدا في عملية البحث عن السلام في الشرق الاوسط”.
بالمقابل قال الرئيس الفلسطيني محمود عباس أمس بعد أن رفض لقاء نائب الرئيس الأميركي مايك بنس المتوقع قدومه إلى الشرق الاوسط انه من “الجنون” القبول بدور أميركي وسيط في عملية السلام.
وقال الناطق باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة لوكالة فرانس برس إن “استخدام الفيتو الأميركي مدان وغير مقبول ويهدد استقرار المجتمع الدولي لانه استهتار به”.
وأضاف أبو ردينة “هذه الخطوة الأميركية سلبية وفيها تحدٍ للمجتمع الدولي، وستسهم في تعزيز الفوضى والتطرف بدل الأمن”.
وأشار أبو ردينة إلى أن الولايات المتحدة الأميركية “أكدت عزلتها، وعلى المجتمع الدولي العمل الآن على حماية الشعب الفلسطيني”.
وقبل تصويت مجلس الامن بقليل، جدد الرئيس الفلسطيني محمود عباس رفضه اضطلاع واشنطن بأي دور في عملية السلام. – (ا ف ب)