خبران نشرا خلال الايام الماضية لهما مدلولات غاية في الاهمية وممارسة الادارة الحكومية النزيه، الاول.. ذكرت الهيئة العليا للرقابة والانضباط في الصين أنه تمت معاقبة 85 ألف مسؤول صيني خلال الربع الأول من العام الحالي، والثاني.. خفضت الصين عدد المركبات الحكومية التي يستخدمها المسؤولون بنسبة 61.8 بالمئة، في إطار جهود أوسع للحكومة لتقليل الإنفاق العام، علما بأن الصين التي يبلغ تعداد سكانها قرابة 1.4 مليار نسمة استطاعت معالجة البطالة وبعد عام ونصف لن تجد في الصين بطالة اي اقل من نسبة 1%، واصبحت اليوم بكين اكبر مصدر في العالم ولديها فوائض تجارية هائلة مع دول العالم بدءا من امريكا وصولا الى جيبوتي.
هذه المقدمة ضرورية ونحن نراقب حياتنا وممارسة الادارة العامة ونفقاتها المتضخمة سنة بعد اخرى في ظل عجوز في الموازنة العامة ودين عام يقترب من الناتج المحلي الاجمالي، وعجز تجاري لايؤثر فيه انخفاض المستوردات الرئيسية مثل النفط، كما لم تفلح كل البرامج الحكومية في معالجة البطالة التي تجاوزت نستها 18.2% اي اكثر من 300 الف متعطل عن العمل.
يقدر عدد المركبات التي تستخدمها الوزارات والمؤسسات والادارات الحكومية نحو 17 الف مركبة والمشكلة ان البعض منها يستخدم لاغراض شخصية تجدها تذرع الشوارع لتوصيل شخصي او التنزه والى غير ذلك، وتُحمل هذه المركبات عشرات ملايين الدنانير من المحروقات والزيوت والصيانة والتأمين الى جانب الاستهلاك السنوي لهذه الموجودات، ومن المعلومات التي رشحت مؤخرا ان آلاف المركبات شطبت لسبب ما او التقادم، ومع ذلك استمر رصد مخصصاتها لغايات التأمين، وهو شكل من اشكال الهدر واخفاق الادارة العامة.
في دول اوروبية يذهب الوزير والموظف الى مكتبه باستخدام وسائط النقل العام، وهذا صعب بالنسبة لنا في الاردن لعدم توفر وسائط نقل كفؤة ومريحة، لكن السؤال الذي يطرح هل لا يستطيع المسؤول الوصول الى مكتبه الا بواسطة سيارة فارهة؟ فالحاجة تستدعي إجراء دراسة لتكاليف النقل لدى مؤسسات الدولة انطلاقا من سياسة التقشف التي تتحدث عنها الحكومات منذ سنوات، هناك سيارات غير مكلفة من حيث الاستهلاك والصيانة والكلفة ككل لهذا البند.
أما معاقبة المسؤولين المتجاوزين لها قصة والف قصة، فالحالات التي تمت فيها معاقبة مسؤول فاسد او متجاوز محدودة واصبحت من الماضي، ومع ذلك يدبج لنا مسؤولون قصائد النزاهة والعزيمة الكبيرة في مكافحة الفساد والفاسدين.