دفاعاً عن موقف فيصل الفايز

عروبة الإخباري – كتب سلطان الحطاب – لن أقول كما يقولون بالدارج، “ليس دفاعاً عن”، بل سأقول “دفاعاً عن” لانني ادركت من حملة المنصات الالكترونية والسحجة التي تبعتها والتي اخذت شكل الدحيّة احياناً، ان الرجل هو المستهدف وليس ما قاله بدليل أن الذين شنّوا حملتهم لم يناقشوا ما قاله لتتوزع الآراء بين رافض وقابل وإنما أرادوا شخصه فاستهجنوا قوله وكيف له ان يقول وهو ابن العشيرة واحد عناوينها دون ان يدرك البعض ان ذلك يندرج منه في نقد الذات وان ابداء الرأي ليس محرماً إلا إذا جرى تحريم الرد عليه كما كان يقول فولتير احد المبشرين بالثورة الفرنسية “قد أخالفك في الرأي لكنني على استعداد أن أضحي من أجل أن تقول رأيك” ..
كنت اتمنى على الرجل ذو التجربة في الحكم في مواقع لم ينلها سواه وما زال أن يتمسك بموقفه في الدفاع عن رؤيته فهناك من يرى هذه الرؤية ومستعد أن يدافع عنها، وهناك من لا يراها ومستعد أن يواصل الهجوم عليها إلى آخر لحظة وانحياز الفايز الى دولة المؤسسات والى الدولة المدنية يسجل له وليس عليه وخاصة وهو يقود احد أهم هذه المؤسسات.
الفايز لم يقل أن العشائر سيئة ومعاذ الله أن يقول وهوابنها والمعتز بها وهو يدرك فضلها ويتذكر قوله تعالى لرسوله (وأنذر عشيرتك الأقربين) ولكن تحدث عن “العشائرية” كمفهوم سياسي وكبنية تاريخية تقليدية قديمة تتجدد .. وهذا البعد يجوز نقده وهو بعد يحترم العشيرة كتكوين اجتماعي ويعترض على تسيسها كبنية سياسية تدخل الى الممارسة وتحل محل الدولة المدنية التي اصبح لزاماً الولوج اليها والاسراع في إقامة بنيانها خاصة وأننا نعيش في دولة قانون ومؤسسات هي بحاجة إلى استمرار تغذيتها بالبعد المدني والحيلولة دون إحلال بدائل عنها إلا من جنسها ..
لم يقل الفايز أنه ضد العشيرة، لانه لو قالها لنفى نفسه ولنفى الاردنيين جميعاً لان أكبرهم وأصغرهم ينتمون إلى عشائر مهما كبرت أو صغرت فلا أحد مقطوع من شجرة وأمام المواطنة وفي الدستور فإنه لا فضل لأردني على أردني إلا باحترام الدستور، إذ أن العشائرية ليست ديناً ولا طائفة ولا عرق وإنما كما قلت هي تكوين اجتماعي مبارك إن ادخلناه السياسة افسدناه وهذا ما كان يحدث حين كانت تقع المزاوجة بين الدولة المدنية والصيغة السياسية العشائرية وتكون النتيجة ما يقوله أبناء العشائر من أن عشائرهم جرى تفتيتها والاستعداء عليها في لعبة التسيس والاختباء وراء نصوص مبهمة أو غير مكتوبة ..
اعرف الرئيس فيصل الفايز وسماحته الموروثة وأريحيته وحبه لوطنه وإخلاصه للملك وتمسكه بالدستور وهو يأخذ موقعاً متقدماً في رئاسة السلطة التشريعية، وحين يرى رؤية يصرح بها فلا بد أن وراء رأيه دوافع وأسباب وأنه لا يجوز حرف أقواله أو اختزالها او التطاول عليها أو أستعمالها في سياق آخر غير ما هدف إليه القائل، ومن هنا كان قول الرسول عليه الصلاة والسلام (خذ قول أخيك على أحسنه) (وجد لأخيك عذراً) وغيرها ..
إتسمت المرحلة التي عمل فيها الفايز في موقع القرار في السلطة التنفيذية أنه كان يترجم التوجيهات الملكية بدقة وإخلاص وكان يقول عن نفسه لنا حين يلتقينا كصحفيين “وما أنا إلا رسول أمين لسيدنا” لاستمع لكم وأنقل رأيكم، وهو الذي ظل متفائلاً حتى في الأيام الصعبة بعد رحيل الملك الحسين .. حين ظل يقول بلدنا مرزوقة، فيأخذ المعوزين والفقراء وأصحاب الحاجة إلى مكرمات الملك منبهاً الى أن كل ما يصيبهم من عطاء هو بفضل الملك وليس بفضله، وأنه كان ينفذ التوجيهات ..
ما قاله الفايز لم يزد على ماقاله كثير من الأردنيين في هذا السياق، فلماذا تصبح قربة الفايز مخزوقة ويطالب بالاعتذار؟ والسؤال لمن يقدم الفايز الاعتذار؟ ومن هو الوصي علينا كعشائر ليقدم له الاعتذار؟ حيث يجب التمييز ما بين العشيرة والعشائرية بنفس التمييز ما بين الطائفة وهي موجودة في تركيبة مجتمعاتنا وبين الطائفية البغيضة التي أفضت الى المحاصصة والاقتسام وشوهت المجتمعات التي أخذت بها وقسمتها..
أعيدوا قراءة ما قاله دولة فيصل الفايز بعيداً عن الشحن والتوظيف واستمعوا جيدا لما قصده وعناه، والسياق الذي قيل فيه الكلام والمكان والزمان قبل إطلاق الأحكام..
أليس من حق رئيس مجلس الأعيان الدفاع عن الدستور؟ وماذا يعني ذلك؟ أليس من حقه ان يدافع عن المؤسسية وعن الأوراق النقاشية التي تطرقت لما ذهب إليه؟ أليس من حقه ان يشير الى أي موقع للخلل يراه ويناقش فيه؟ أليس من حقنا ككتاب ومفكرين وسياسيين وقانونين وقادة مجتمع وشيوخ عشائر ان نقول رأينا بعيدا عن إرهاب الكلمة والابتزاز والضغط والتخوين والتكفير، وان نتصدى الى أولئك الذين يرفعون اصواتهم بلا حق كلما ضرب كوز مصالحهم في جرة الوطن.. وكلما رفعوا المصاحف او غيرها على اسنة الفتنة، وقالوا بقميص عثمان.
دعوا الناس تقول وناقشوا .. دعوها تقترح وحاوروا لا تخونوا ولا تكفروا.. دعوا مفكرينا وشاغلي المناصب والوظائف العليا ومن تسلموا المسؤولية يكتبون مذكراتهم وافكارهم لنناقشهم لا لنعدمهم ونغتال شخصياتهم باسم الحرص الوطني تارة وباسم الوصاية عليهم تارة اخرى فنبقى بلا ذاكرة ..
نعم نحن بحاجة الى ان يتحدث كبارنا وغيرهم وان لا نرعبهم بالاستقواء والاستعداء عليهم بعتبات لم نغيرها رغم اننا تعثرنا بها في دخولنا وخروجنا عشرات المرات ورغم ان التجديد سنة والاوراق الملكية دعوة للتغيير.. وهل ابتعد الفايز عن مضمونها ان كنا صادقين ومخلصين..

Related posts

وَقْف ثَريد يطلق الحملة الإغاثية غزة لنا فيها أخوة

بنك القاهرة عمان يفتتح فرعه الجديد في تاج مول

أورنج الأردن تشارك فيديو يسلط الضوء على أهم فعالياتها لشهر تشرين الأول