في اليمن هل ينقلب سحر التحالف عليه!!(2)

عروبة الإخباري – كتب المحلل السياسي- ما دامت الامور في اليمن تقف أمام جدار وتدور في حلقة مفرغة بعد أن ارتدت هجمة التحالف وعدوانه على اليمن، والمستمر منذ ثلاث سنوات وقد استهدف الشجر والحجر والبشر وتسبب في كوارث ليس اخطرها الكوليرا فقط، نتاج الحصار وقلة العناية وتوفر اسباب العيش الكريم .. بعد ذلك ماذا بقي في برنامج العدوان حتى يستمر.
لماذا لا يتوقف هذا العدوان الذي ظل يراهن على قيادة يمنية مصنوعة يختبئ وراءها فقدت شرعيتها منذ اليوم الاول لقتل الاطفال اليمنيين في مدارسهم واعراسهم ، القيادة اليمنية في المنفى والتي لا تملك اقداما تقف عليها في ارض اليمن ولا تستطيع حتى ان تعود الى العاصمة “المحررة” والتي ينقسم حولها الحلفاء بين من يستعملها كفزاعة الطيور في الحقول وبين من لا يطيق رؤيتها ولا يريد استقبالها في عدن.. هذه القيادة ما زالت تعيش على تزوير ارادة اليمنيين فلا هي انتصرت لهم او بهم ولا هي قادرة على اتخاذ قرار بالحوار مع الفريق الآخر لأن برنامجها ليس وطنيا .
استمرار الحرب على المستوى المحلي والاقليمي والدولي ليس لمصلحة التحالف، والذرائع التي كان يسوقها التحالف لاستمرار الحرب سقطت، فالذي يريد ان يحارب ايران يمكنه ان يحاربها بعيدا عن اليمن واطفالها، وإلا كان موقف التحالف شبيها بموقف بريطانيا الاستعمارية القديمة التي كانت ترفع شعار “الحرب الى اخر جندي هندي”!!
لايران منافذ ومداخل وحدود وخطوط تماس ومصالح في اكثر من مكان فلماذا اليمن ؟ ايران موجودة في ارضها المجاورة للخليج وفي جزر الامارات المحتلة على بعد مرمى حجر، وفي البحار القريبة وفي سوريا ان اردتم وحتى في لبنان .. فلماذا يدفع الشعب اليمني الثمن؟ ولماذا لا يترك للشعب اليمني خياراته. ومن يريد ان يقاتل منه ايران او يتصالح معها فليفعل.. لماذا القصف الخارجي والعدوان المدمر الذي تستخدم فيه اسلحة وجنود ومعدات وامدادات امريكية واسرائيلية على شكل قواعد وتدريب ..
لقد بلغ السيل الزبى واستمتع بعض العرب بقتل اليمنيين وتدمير بيوتهم وحرمانهم من الحياة الكريمة، لأنهم ارادوا أن يكونوا مستقلين وان يظلوا اوفياء لتاريخ مجيد وجغرافيا لم تعرف الاستعمار والاحتلال على امتداد اليمن .
التحالف يتعاقد مع الولايات المتحدة ويستورد منها اسلحته وخططه وتدريبه وطائراته وطياريه، ولا يريد ان يقول أحد ان هذا تدخل اجنبي وحين يموت اليمنيين تحت الركام وقهرا وجوعا فإنه يمنع عنهم ان يصمدوا او يقاوموا او يستغيثوا بأي أحد لانقاذهم من هذه الحرب المدمرة.
اليمنيون لهم اصدقاء وهؤلاء يدعمونهم بعد ان اثبتوا صمودهم وقوة ارادتهم .. والان تمتلك اليمن اسلحة نوعية وصواريخ بالستية يصل مداها الاف الكيلومترات، فهل يفقد اليمنيون أعصابهم أمام موت اطفالهم وتعليق حياتهم . هل يردوا على العدوان بما يناسبه ليوقفوه؟ هل يستعملوا اسلحة نواعية لمرحلة جديدة؟ هل يرسلوا رسائل ردع حقيقية للمعتدين؟ هل يتوقفوا ويراجعوا حساباتهم وينسحبوا من هذا العدوان وقد ادركوا ان عظم اليمنيين ازرق وان ارادتهم قوية وصلبة.
ماذا لو قصفت الرياض ردا على قصف صنعاء؟ وماذا لو قصفت دبي وابو ظبي هذه المدن الجميلة الهشة المصنوعة من الزجاج والتي يهرب منها الاستثمار ويغادرها البذخ والحياة الجميلة بمجرد سقوط الصاروخ الاول؟ لماذا يغامر متخذو القرار في التحالف الى الاخر دون ان ينتبهوا الى ربع الساعة الاخيرة من العدوان .
يبدو ان اليمنيين ما زالوا لم يستنفذوا صبرهم وما زالت حكمتهم تعلو قرارهم، فهم قد خسروا كل شيء ولم يبق شيء لم يخسروه او سلاحا لم يستعمل ضدهم، ومن هنا الخطورة التي لم يدركها التحالف حين يستمر في العدوان وقد حصلت اليمن الان على اسلحة نوعية خطيرة قادرة على التدمير .
فالكلام اليمني واضح وفيه قول فطين في قطع الشك باليقين وادراك العواقب، ولذا فإن هذه اللحظة تتطلب تدخلا سريعا في ربع الساعة الاخير من كل صاحب بصر أو بصيرة أو من أي طرف ارتد اليه وعيه وبصيرته من التحالف. فهل يدرك الملك سلمان ذلك قبل فوات الاوان وقبل الدخول الى معركة كسر العظم وهل يدرك أي قائد عربي ضرورة ان يقف العدوان فورا.
ان هناك من يتطلع الى دور اردني كون الاردن يقبل الجميع على كل الاطراف، وكونه يحس باليمنيين ومأساتهم وكون قيادته الهاشمية سليلة ال البيت تمتلك لغة مشتركة مع كل الاطراف اليمنية المتصارعة حتى مع التزام الاردن بالتحالف وان شكلا.
هل نضج الظرف لتدخل اردني وما مدى هذا النضج وهل لو عرضت مبادرة اردنية تجدلها سند عند قادة عرب آخرين يمكن ان تنجح.
لماذا تلعب الكويت دورا بين السعودية وقطر ولا تلعبه بين اليمن والسعودية ومن يحافها .. لماذا يترك اليمن ويدفع الى الجدار تحت وهم الانتصار عليه . لماذا لا تنهض دولا عربية من المشرق او المغرب للتدخل طالما ان الغرب الذي يريد المال والنفط متورط في دعم القادة على الدفع ومعاد لفقراء اليمن.
مطلوب مبادرة عربية سريعة قبل ان ينقلب السحر على الساحر ونرى العجب والندم حيث لا ينفع الندم.
لم تعد المملكة العربية السعودية هي تلك التي كانت تستطيع ان تقول فتسمع، وان تدعو فيستجاب لها ، فقد تغيرت ظروف كثيرة في الداخل السعودي وفي الخارج، والحرب على اليمن لم تعد مقبولة والتجارة بالشرعية المفتعلة والمصطنعة لم تعد تجارة رائجة أو مقبولة. لقد كسدت هذه التجارة وحتى الوفد اليمني في الخارج لم يزد عن شخص او اثنين فلا تأييد ولا قدرة على الحشد او الاقناع ومن شك فليسأل اللقاء مع الصينيين!!
ما زالت هناك امكانية ولو ضئيلة لوقف العدوان ودحره قبل ان يرد اليمنيون بشكل لم يسبق له مثيل فالغريق لا يخشى البلل والمتهم لن تزيده تهمة اخرى المزيد من المعاناة، طالما اصدر التحالف حكما بالموت على اليمن واليمنيين.
لا تضعوا اليمن في الزاوية طويلا فالنملة حتى النملة تدافع عن حجر الارض، والقط ان حوصر يهجم ويؤذي فما بالك بشعب عظيم يمتلك الان اسلحة نوعية تمنعه حكمة قيادته وصبرها وقدرتها على التحمل من استعمالها. خاصة بعد ان لم يعد التحريض ضدها بزعم ضرب مكة احيانا او غيرها من اماكن ظلت تثير العامة. لأن الاهداف المتوخاة لن تكون مكة ولا المدينة وانما مواقع انطلاق العدوان والتحالف وهي مرصودة ومعروفة.
التدخل لوقوف العدوان ضروري والحل لا يمكن ان يكون عسكريا وهذا ما اصبحت تدركه كل القوى وعلى رأسها السعودية التي رغم نضوب المواقف لن تعدم حكمة اخيرة تتحرك فيها.
واذا كان اليمن في تصديه ينقسم بين الحوثيين وقيادة علي عبدالله صالح .. واذا كان الحوثيون مرتبطون بايران كما يتذرع التحالف، فلماذا لا يعمد التحالف للاتصال بالرئيس السابق صالح الذي يمثل اطيافا يمنية واسعة في حزبه وهو مقبول لدى الحوثيين ولدى قطاعات واسعة من اليمنيين الذين ذاقوا الامرين وندموا على خلعه والثورة عليه كما ندم الليبيون على القذافي والتونسيون على بن علي والحبل على الجرار بعد ان استبدل الشارع العربي الرمضاء بالنار.
صالح ما زال قادرا وقويا وصلبا وما زال يسعى لانقاذ اليمن وحماية نفسه وجماعته فليجري الحوار معه سواء أحب التحالف وابرز دوله ام كرهوا، فهو المزج من الازمة وخروج اليمن منها يفتح المجال لخيارات يمنية هادئة وجديدة قد تنفع السعودية اكثر بكثير من خيارها الحرب باسم دعم الشرعية التي لا روح لها ولا جذور ولا قدرة.
العنوان الوحيد المتبقي في اليمن للامساك برأس الخيط هو الرئيس السابق صالح وعلى خصومه ان يتجرعوه حتى وان قالوا بمرارته فالترياق ليس بالضرورة ان يكون مستساغا، ليبدأ الحوار مع الرجل الذي صمد لسنوات وما زال يدعو الى الحوار على قاعدة احترام القرار اليمني ورفض التدخل وصناعة قيادات لليمن لا يقبلها.

Related posts

طهران لا “تسعى” للتصعيد… 37 بلدة بجنوب لبنان دمرتها إسرائيل

الانتخابات الأميركية… نهاية للحرب على غزة أم استمرار لها؟

(فيديو) الرئيس الأستوني: يجب حل العديد من الأمور قبل الاعتراف بفلسطين