لا تنتظروا النهايات السعيدة

عروبة الإخباري- انقضى العيد ولم تتحقق أمنيات الوسطاء بنهاية سعيدة لأزمة دول الخليج مع قطر. على العكس تصاعدت الحرب الدبلوماسية والإعلامية بين الأشقاء في انتظار حزمة عقوبات جديدة ضد قطر مع انتهاء مهلة العشرة أيام، ما يعني دخول الأزمة في طور الصراعات المزمنة.

في سورية كان هناك من يعول على ثبات التهدئة على أكثر من جبهة، فتكون عطلة العيد نقطة تحول في مسار الحرب الدامية. لم يتحقق شيء من هذا؛ لا بل ان الجبهات الساكنة اشتعلت في الأيام الأخيرة، وتابع العالم بقلق بالغ التصعيد الخطير بين روسيا وأميركا، واحتمالات مواجهة عسكرية بعد تحذيرات أميركية للنظام السوري من استخدام الكيماوي، وتهديدات روسية بـ”رد مناسب”.

لقد استقبل كثيرون بالابتهاج الأخبار عن سقوط الخلافة المزعومة للإرهابيين في الموصل، واقتراب تحريرها بالكامل من قبضة التنظيم المتوحش، لكن مشاهد الدمار في المدينة التاريخية تنبئ بمستقبل قاتم ينتظر سكانها المشردين. مشاعر الفرح تمتزج بحالة من اليأس حيال القادم من الأيام، حين يعود سكان الموصل فيجدون بيوتهم ركاما.

في القسم الشرقي من المدينة الذي حرره الجيش العراقي في وقت مبكر، استعاد السكان دورة الحياة، كما لو أن داعش لم تكن. مظاهر الفرح بالعيد سادت المدينة، والطابع المدني كان حاضرا في شوارعها ومحالها التجارية، فقد ثبت بالدليل القاطع أن سنوات حكم داعش الثلاث لم تفلح في تغيير نمط الحياة وسلوك الناس.

ويغدو السؤال مشروعا أيضا عن مصير ما يزيد على 100 ألف سوري يعيشون تحت رحمة “داعش” في مدينة الرقة التي تنتظرها أسابيع صعبة كالتي عاشتها الموصل قبل أن تنال حريتها.

 الرقة باتت محاصرة من كل الجهات بعد أن أغلقت قوات سورية الديمقراطية آخر منافذها، ولم يعد أمام سكانها العزل سوى انتظار الموت أو الفرج في مواجهة لا أحد يعرف موعدا لنهايتها.

  اليمنيون استقبلوا العيد بطعم “الكوليرا” التي فتكت بعشرات الآلاف من أطفالهم. 18 محافظة يمنية تعيش أوضاعا كارثية جراء انتشار الوباء، وكأن الحروب والقصف والحصار والفقر لا يكفي هذا البلد حتى يأتي الوباء ليحصد أرواح المئات.

لم تدرك هذه الأمة بعد أنها تسقط في الدرك الأسفل، بدليل ما نسمعه من كلام سخيف وأبله عن انتصارات  يتوهم أصحابها نهاية سعيدة لكوارثنا وحروبنا.

كم مرة اعتقدنا بقرب نهاية الحرب في سورية، ولم نشهد غير المزيد من الويلات؟

كم مرة احتفل العراقيون بالنصر على الإرهاب، ولم يتلقوا في الأعياد غير الهدايا المفخخة؛ سيارات وعبوات وهجمات انتحارية.

كم مرة بشّرنا الموفد الأممي بحوار يمني يعيد وحدة البلاد الممزقة، وينقذ أهلها من شرور الحرب؟ أين انتهت هذه الوعود؟ اليمن يغرق أكثر في صراعاته، والموفد الأممي يدشن مكتبا جديدا في عمان لمواصلة جهوده!!

ليبيا على نفس الطريق، ومع تحرير “البطل المغوار” سيف الإسلام القذافي من سجنه، تستعد ليبيا لإعلان وشيك عن مليشيا جديدة في طور التشكل، تضاف إلى مصفوفة طويلة عريضة من مليشيات الحرب المتصارعة.

لا تنظروا إلى ساعاتكم ولا إلى رزنامة التواريخ؛ ليس ثمة نهاية قريبة لكوارثنا. عندما يهوي إنسان في حفرة فلا بد وأن يبلغ القاع.

Related posts

السمهوري: ماذا بعد إبلاغ إسرائيل الامم المتحدة قطع العلاقات مع الاونروا؟

فيهم صُفرة تعلوها قَتَرَة* بشار جرار

أيا كان اسم الرئيس* ماهر أبو طير