عروبة الإخباري – أكدت دراسة متخصصة أن العمال الأردنيين منفتحون على كافة القطاعات والوظائف في حال توفرت فيها ظروف عمل لائقة، خلافاً لما هو سائد حول ثقافة العيب، لكنها أشارت إلى وجود عدة عوامل تحد من رغبتهم وحماستهم يأتي على رأسها العامل المالي أو الأجور.
وأشارت الدراسة بهذا الخصوص إلى أن الأردني ينظر بأهمية كبيرة الى دفع الأجور في الموعد المحدد، دفع أجور ساعات العمل الإضافية، تحديد ساعات العمل بشكل مستدام، وسائل إنتاج تسلط الضوء على المهارة وليس العمل اليدوي والإقرار بالجهود المبذولة.
وقالت الدراسة، التي اعدت واطلقت نتائجها امس منظمة العمل الدولية بعنوان “سوق محفوف بالتحديات يغدو أكثر تحديا.. عمال أردنيون، عمال مهاجرون ولاجئون في سوق العمل الأردني” أن أصحاب العمل والعمال يتشاطرون الأهداف ذاتها، رغم أنهم يعبرون عنها بطريقة مختلفة.
وبينت أن العمال يشددون على رغبتهم في عمل يستفيدون منه لاكتساب مهارات، ومكافأتهم على جهودهم من خلال الترقي إلى مناصب أعلى، أو الحصول على أجور أعلى، والتقدير لقاء أي عمل يجيدون القيام به.
أما أصحاب العمل، فيريدون في المقابل من ذلك، أن يأخذ العمال عملهم على محمل الجد، وألا يتركوا العمل ما ان يعرض عليهم صاحب عمل آخر أجرا أعلى بقليل.
وبعبارة أخرى، يريد الطرفان التزامًا طويل الأجل وتركيزًا على الإنتاجية التي تؤدي إلى ارتفاع الأرباح والأجور على حد السواء.
وأظهرت مقابلات أجرتها الدراسة مع أردنيات ورجال من أفراد أسرهن تحديات إضافية ترتبط بظروف العمل، وكان الوقت الذي يجبرن على تمضيته خارج المنزل والسلامة الشخصية من أبرز المخاوف التي تمّ ذكرها.
وأشارت المستطلعات إلى أنه رغم أهمية وجود نساء أخريات في مكان العمل، إلا أنهن لا يعتبرن الفصل تمامًا بين الجنسيين من الأولويات.
وقالت الدراسة ان دخول السوريين إلى سوق العمل الأردني فاقم وضعاً يزخر أساسًا بالتحديات، حيث بات سوق العمل الآن يضم ثلاث فئاتٍ من العمال هي فئة العمال الأردنيين، والمهاجرين واللاجئين.
ويعمل كثيرٌ من الأردنيين في القطاع العام أو يتوقوا للعمل فيه، أما القطاع الخاص، فقد استأثرت به جنسياتٌ محددة من العمّال المهاجرين بالعديد من المهن، فيما يستحوذ القطاع غير الرسمي على حصة هامة من الاقتصاد.
وإلى جانب سوق العمل المعقدَّ بالفعل، وصل عددٌ كبير من اللاجئين السوريين إلى الأردن على مدى الأعوام الخمسة الماضية، وفي محاولةٍ منها للحيلولة دون ضياع جيلٍ كامل من اللاجئين المحرومين من حقوقهم والمعتمدين على الحسنة والصدقة، سمحت الحكومة الأردنية للسوريين بدخول سوق العمل.
ومن أبرز ميزات سوق العمل أن ظروف العمل التي يعتبرها الأردنيون مهمة في أي عمل- بغض النظر عن القطاع أو المهنة- تضعهم في منافسة مع العمال المهاجرين واللاجئين السوريين لا تصب في صالحهم، بحسب الدراسة.
وفي مقابلات أجريت مع عمال غير أردنيين تبين أن القاعدة السائدة تتلخص بتأخير دفع الأجور، وعدم دفع أجور عن ساعات العمل الإضافية، والعمل لساعات طويلة وبشكل مفاجئ، والاعتماد إلى حدّ كبير على وسائل تتطلب جهداً جسدياً وذات إنتاجية منخفضة، وعلى سبيل المثل فإن الشائع في قطاعي الزراعة والعمل المنزلي أن يتأخر تسديد الأجور لأشهر.
وفي حين أن دفع أجور ساعات العمل الإضافية يطبق في أقسام من قطاع الصناعة، فإن عمال قطاع السياحة وغيرهم لا يحظون على أي مقابل، ومن الشائع ايضا العمل لـ 13 ساعة في اليوم، أما في الزراعة والإنشاءات فيعمل المصريون كحراس طيلة الليل.
يذُكر أنه في كافة القطاعات، أبلغ العمال المهاجرون عن الصعوبات التي يواجهونها في العمل اليدوي الشاق الذي يصبح القيام به مستحيلًا مع التقدم في السن.
وقالت الدراسة ان العمال المهاجرين واللاجئين السوريين يعتبرون أن الميزة الأساسية لتصاريح العمل تتمثل بالحماية من الترحيل.
ورغم واقع أن الكفيل يتحكم بعملية إصدار تصريح العمل، يدرك غير الأردنيين أنهم يتحملون المسؤولية، وفق الدراسة، التي بينت أنه وعلى الرغم من أن بعض الأفراد يعتبرون تصاريح العمل وسيلة لتحسين ظروف العمل من خلال زيادة قدرتهم على المساومة مع أصحاب العمل، يرى الكثيرون أن تصاريح العمل تتسبب بتدهور ظروف العمل لأن الكفلاء يقيدون حرية تنقل العامل وقد يمارسون الابتزاز.
ولفتت الى أن مفتشي وزارة العمل يبذلون جهوداً كبيرة للبحث عن غير الأردنيين الذين يعملون من دون تصاريح عمل ومعاقبتهم. ويخاف الكثير من غير الأردنيين من المفتشين بسبب دورهم في التحقق من تصاريح العمل: على وجه الخصوص، في مواقع الانشاءات تنشأ ظروف خطرة عندما يهرب العمال من المفتشين.
ونظرًا للتركيز على التحققّ من تصاريح العمل وحجم الأعداد المعنيةّ والموارد المحدودة، تعتبر قدرة المفتشين على فرض ظروف عمل لائقة محدودة، وهذا يبدو واضحًا في تعليقات العمال الأردنيين والمفتشين أنفسهم، مبينة أن وجود السوريين اوجد وضعاً مليئاً بالتحديات أساسًا من خلال زيادة أعداد العمال في سوق العمل.
وتحدثت الدراسة عن العديد من التحديات الجديدة التي تعيق دمج هؤلاء السوريين الذين يشكلون خمس العدد الإجمالي من العمال غير الأردنيين.
وعلى غرار العمال المهاجرين، غالباً ما يكون السوريون على استعداد للعمل لقاء أجور منخفضة إن كانت لديهم مصادر أخرى لتلبية حاجاتهم، لكن بخلاف العمال المهاجرين، يعيش السوريون مع أسرهم ولا يستطيعون العمل في ظل الظروف التي تناسب العمال المهاجرين القادمين إلى الأردن بمفردهم.
ومن التحديات، حسب الدراسة، التي تواجه العمل في قطاع الصناعة بشكل خاص أن الأجور غير كافية عمومًا لتسديد بدلات الإيجار وتأمين الحاجات.
واوصت الدراسة بمعالجة قضية تأخر تسديد الأجور بفرض تحويلها إلكترونياً إلى الحساب المصرفي للعامل أو عبر شركةٍ لتحويل الأموال، وإعادة النظر في تسديد أجور ساعات العمل الإضافية، وهو ما قالت الدراسة عنه انه كان من الأسباب الرئيسية التي يمكن ان تحقق التوازن.
كما دعت الدراسة الى توحيد الحد الأدنى لأجر العامل الأردني وغير الأردني، مبينة أن ردم الفجوة الكبيرة بين الأجور يقلل من الدوافع التي تشجع صاحب العمل على تشغيل عمالٍ غير أردنيين عوضاً عن الأردنيين.