تشهد السعودية اليوم ثلاث قمم، القاسم المشترك بينها هو الرئيس الأميركي دونالد ترامب الذي يحل ضيفا على الرياض في أول زيارة خارجية له بعد انتخابه رئيسا للولايات المتحدة.
القمة الأولى بين خادم الحرمين وترامب ستكرس لبحث العلاقات الثنائية وصفقات التسليح والتجارة بمبالغ تناهز المئة مليار دولار. القمة الثانية ستجمع ترامب مع قادة دول الخليج، وتركز على قضايا التعاون الأمني ومواجهة “العدو المشترك” للطرفين الممثل بإيران، إضافة إلى سبل معالجة الوضع المتفاقم في اليمن الذي تحول لورطة يصعب الفكاك منها.
القمة الثالثة ذات طبيعة عالمية، إذ تجمع ترامب بقادة وممثلي 56 دولة إسلامية، تتباين أجنداتها وأولوياتها بشكل صارخ، تبعا لمواقف وتحالفات وحسابات دول العالم الإسلامي.
ستحضر إيران بقوة على أجندة القمة الإسلامية الأميركية، لكن من الصعب بلورة موقف موحد بشأنها. إلى جانب ذلك ستناقش القمة بإسهاب مكافحة التطرف والحرب على الإرهاب. وسيستمع المشاركون إلى خطاب من ترامب يعرض فيه سياسة بلاده تجاه هذه التحديات، وتوضيحا لموقفه الملتبس من الإسلام الذي تبناه خلال حملته الانتخابية، وترجمه لاحقا بقرارات منع السفر لأميركا وشملت مواطني ست دول إسلامية، يشارك بعضها في القمة.
القضية التي يمكن أن تحظى بحشد عربي وإسلامي هي القضية الفلسطينية، بوصفها الأولوية الأولى لدول وشعوب المنطقة.
إنها فرصة السعودية والدول العربية لتغيير المسار، ودفع إدارة ترامب لتبني مبادئ عملية السلام في الشرق الأوسط، وحل الدولتين، باعتبار القضية الفلسطينية هي أمّ القضايا في المنطقة والعالم أجمع.
لا يمكن كسب المعركة ضد الإرهاب على المدى الطويل، ونزع الذرائع لتوسع النفوذ الإيراني في المنطقة قبل حل القضية الفلسطينية حلا عادلا، يضمن الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، وفي مقدمتها حقه في إقامة دولته على ترابه الوطني وعاصمتها القدس الشريف.
لقد كانت السعودية هي السباقة لتبني حل الدولتين من خلال مبادرة السلام العربية التي حملتها قمة بيروت. ومن موقعها المؤثر في العلاقة مع واشنطن تستطيع الرياض ومعها الدول العربية أن تجعل من قضية الشعب الفلسطيني أولوية لا يمكن لإدارة ترامب تخطيها.
ليس ثمة حاجة لتقديم تنازلات أو البحث عن حلول “خارج الصندوق” في الموضوع الفلسطيني. الحقائق واضحة وشروط الحل العادل معروفة منذ عقود. المطلوب فقط هو أن تمارس الإدارة الأميركية الضغط الكافي على دولة الاحتلال لتقر بها، وتنخرط في مفاوضات جادة وصولا لحل الدولتين.
بعد الرياض سيتوجه ترامب إلى تل أبيب. من الضروري أن يغادر السعودية محملا برسائل لا تقبل التأويل ملخصها أن كلمة القادة العرب والمسلمين واحدة موحدة، وأن مصير العلاقات العربية والإسلامية مع إدارة ترامب مرهون بمدى التزامها بالعمل لحل الصراع العربي الإسرائيلي حلا عادلا.
ينبغي أن لا نترك لنتنياهو أي هامش للمناورة أو ثغرة يخترق من خلالها هذا الإجماع. إنها فرصة تاريخية ليدرك فيها ترامب ما كان يجهله من حقائق عن المنطقة وقضاياها.
هذا هو الأمر الذي يجعل من قمم الرياض حدثا تاريخيا.