في غضون أسبوعين سيوقع الأردن والعراق اتفاقية أنبوب النفط، على ما أكد مصدر حكومي مسؤول لصحيفة “الغد” يوم أمس.
الأنبوب الذي يمتد من مدينة البصرة العراقية إلى ميناء العقبة، تناهز كلفته الخمسة مليارات دولار، تتحملها الشركة التي ستنفذ وتدير المشروع.
المنافع الاقتصادية للمشروع كثيرة؛ فهو إلى جانب المردود المادي المباشر له، يزيد من تنوع مصادر التزود بالطاقة. ومن غير المستبعد ان يحصل الأردن على حاجته من النفط عن طريق الأنبوب وبأسعار منافسة، تخفف من عبء فاتورة الطاقة على الموازنة العامة.
أما على المستوى الثنائي، فللمشروع أهمية استثنائية، إذ يضفي طابعا استراتيجيا على علاقات البلدين، والأول من نوعه في السنوات الأخيرة التي تشهد فيها المنطقة انهيارا لمنظومة التعاون العربي.
كان الأردن أكثر الدول تضررا من حالة الفوضى وعدم الاستقرار التي عمت دول الجوار العربي، فقد وجد نفسه أسير خيارات شحيحة جدا لا يرغب في الاستسلام لها كبديل عن عمقه العربي. اتفاقية الغاز مع إسرائيل “نوبل أنيرجي” مثال على الوضعية الحرجة التي وجد الأردن نفسه مضطرا لها، بعد انقطاع الغاز المصري، وفقدان الأمل بالعودة إلى الوضع القائم قبل سنوات.
وعلى الرغم من كون الاتفاقية مع العراق شأنا اقتصاديا بحتا، ومصلحة متبادلة للبلدين، إلا أن الحسابات السياسية كانت حاضرة على الدوام، لدرجة دفعت بمسؤولين ومراقبين إلى التشكيك بإمكانية إبرامها، بالنظر إلى الوضع السياسي القائم في العراق، والنفوذ الإيراني في دوائر صنع القرار في بغداد.
لا يمكن تجاهل هذا المتغير المهم في المعادلة العراقية، لكن ثمة مبالغة في تأثيره؛ فقد أظهرت حكومة العبادي، على وجه التحديد، جدية كبيرة في تطوير أشكال التعاون مع الأردن، خصوصا بعد موقف الأردن الحاسم إلى جانب الحكومة العراقية في حربها ضد تنظيم داعش الإرهابي، ومساندتها بكل الوسائل المتاحة، ودعم عمان المطلق لمشروع المصالحة الوطنية في العراق.
وقد أدركت حكومة بغداد أن الأردن لا ينطلق من حسابات طائفية في مقاربته للشأن العراقي، وليس لدية نية لمنافسة إيران على نفوذها هناك، فكل ما يريده عراقا مستقرا ومتصالحا مع نفسه، ينبذ الإرهاب بكل أشكاله.
وفي زيارته الأخيرة لبغداد، نجح رئيس الوزراء هاني الملقي في خلق حالة من التناغم مع نظيره العراقي، انعكست بشكل إيجابي على علاقات البلدين، خصوصا في موضوع أنبوب النفط.
للأردن مصلحة في المشروع تتخطى الجانب الاقتصادي لتتصل بالبعد الاستراتيجي. عبور خط بهذه الأهمية الأراضي الأردنية يرفع من مكانة البلاد الجيوسياسية، ويعزز رصيدها كدولة ذات قيمة في المنطقة، ويصبح استقرارها وأمنها مرتبطا بمصالح جيرانها، وشبكة العلاقات المترابطة معها.
الدول لا تكتفي بما لديها من مصادر القوة، فهى تسعى على الدوام لإضافة المزيد من عناصر القوة لرصيدها، ليبقى احتياطيها من هذه العناصر في وضع مستقر ومنافس.
أنبوب النفط مع العراق الشقيق، مصدر إضافي مهم يعزز مكانتنا في الإقليم المضطرب، والمفتوح على كل الاحتمالات السيئة.