عندما كانَ الثلجُ دافئاً.. أحمد أبو حليوة

عروبة الإخباري –

(الأرقام الواردة في هذه النثرية واقعية وحقيقية)

كانَ لي أمٌّ أرملة
تدثّرُ الشتاءَ بثوبِها
تبعدُ بردَهُ عنّا
تخيطُ لنا الفرحَ
وقططُها تموءُ بحبِّها منْ حولِها
كمْ كنَّا فقراء!!!
كمْ كنَّا سعداء!!!
يفرقُنا النهارُ للدراسةِ والعمل
يجمعُنا الليلُ
في بيتٍ واحدٍ
غرفةٌ لأمي والمعيشةِ والضيوف
غرفةٌ لأخي الكبيرِ وزوجتِهِ وأطفالِهِ الستة
وفي الثالثةِ أنا وبقيةُ إخوتي
نحنُ الأربعة
وأمُّنا الحياةُ والأمل
ماتَ الأمل
والحياةُ منْ بعدِها احتضارٌ مزمنٌ لا أكثر
لا دفءَ لنارِها
لا عبقَ لزهورِ الربيع
غادرتْنا الفصولُ
وغابَتْ عنْ وجهِ مدفأتِنا حباتُ الكستناءِ
تُوزّعُها علينا أمُّنا بالتساوي
ما عادَ لنا منَ البردِ إلا الصقيع
والعودةُ محالٌ
وسرورُنا من بعدِها كَحَمْلٍ مؤقتٍ كاذبٌ
وفِكْرُنا من الآمالِ خالٍ
فدثّريني يا روحَ أمي
ولو منْ بعيدٍ
مازلتُ أصغرَ أبنائِكِ
هدَّهُ موتُكِ
ومنْ قبلُ
وفاةُ أخيهِ الأكبر
ومنْ قبلِ القبلِ
خانَهُ النبضُ
تركَهُ العشقُ الأعظم
فدثّريني يا أمِّي
منْ قارسِ الفقدِ وعضِّ الآلام
وقدْ غدوتُ خاويَ الوالدينِ
قربانَ الأحزان
وقولي لي:
نمْ يا صغيري
لا زلْنا كلُّنا معاً
نمْ واطردْ عنكَ
أضغاثَ الأحلام
لكنِّي أستيقظُ
وحدِي هنا
في غرفةٍ هزيلةٍ
ذابلةٍ نحيلةٍ
بلا جدرانٍ أو أعمدة
لا سقفَ لها
والحنينُ في البردِ
حينُ تعصفُ رياحُهُ بنا
ما أوجعَه!!!

Related posts

صدور كتاب الأردن وحرب السويس 1956 للباحثة الأردنية الدكتورة سهيلا الشلبي

وزير الثقافة يفتتح المعرض التشكيلي “لوحة ترسم فرحة” دعما لأطفال غزة

قعوار افتتحت معرضها الشخصي “العصر الذهبي”