عروبة الإخباري – أكّد رئيس جمعية الإمارات لفنّ الخطّ العربي والزخرفة الإسلاميّة خالد الجلاف عناية المؤسسة الثقافيّة في بلاده بهذا الفنّ وإيلائه الأهميّة القصوى، بوصفه يمثل روحاً عربيّةً، أدركت الدولة قيمتها وحظيت بدعم حكومي كبير، وتشجيع ورعاية من المسؤولين.
المحاضرة التي رعاها سفير دولة الإمارات لدى الأردن بلال البدور أول من أمس في رابطة الفنانين التشكيليين، استُهلّت بافتتاحه معرض الخطّ العربي لعدد من الفنانين الأردنيين، وهو المعرض الذي تصدّرته لوحة تحمل قول صاحب السموّ الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان «إنّ هدفنا الأساسي في دولة الإمارات هو بناء الوطن والمواطن، وإنّ الجزء الأكبر من دخل البلاد ليسخّر لتعويض ما فاتنا واللحاق بركب الأمم المتقدمة»، وفي ذلك أكّد البدور الملامح العريضة هذه العناية على مستوى الدولة والهيئات والوزراء والمسؤولين داعياً إلى المزيد من النشاطات المشتركة بين الأردن والإمارات.
أكّد الجلاف أنّ بيئةً مشجّعةً في الإمارات دعمت الإبداع في هذا اللون، ذاكراً عدداً من المؤسسات الثقافية المؤمنة بجدوى الخطّ العربيّ الأصيل المعنوية والجمالية، علاوةً على توفّر دور العرض المتخصصة، وعناية الدولة بالمعارض الدوليّة والمحليّة والجوائز العالميّة باسم هذا الفن.
كما أعرب، في المحاضرة التي قدّمه فيها رئيس الرابطة الزميل التشكيلي الأديب حسين نشوان، عن تقديره لرعاية السفير البدور لهذا النشاط الذي يعرّف بدور الإمارات في حرصها النادر على الخطّ العربي وإظهاره، مطوّفاً في المحاضرة التي حضرها تشكيليّون وضيوف عرب ومثقفون وحملت عنوان «واقع الخطّ العربي في الإمارات»، بتطوّر الكتابة عبر العصور من خلال أطوار التعبير عن الأفكار بالصور، والرمز، والمقطع، والصوت، والحروف الهجائيّة، مستعرضاً أشهر الروايات التاريخيّة في أصل الخطّ العربيّ، وهي روايات نبّه على أنّها تُقبل وتردّ بالمنطق وقراءة الأحداث، ومنها نظريات عودة الخطّ إلى النبيّ آدم عليه السلام، والخطّ المسندي في حضارة اليمن، والسريانيّة، وتصنيف أبجد هوز الذي أُلحقت ضمنه بقيّة الحروف. كما تحدّث الجلاف، الذي يشغل منصب نائب رئيس تحرير مجلة «حروف عربيّة»، عن أمّهات الخطوط في العالم، ومنها المسماري، والحيثي، والصيني، والمصري»الهيروغليفي والهيراطيق والديموطيق»، كما استند المحاضر إلى عرض مصوّر لمقاطع من الكتابة الفينيقيّة في هذا السياق.
وفي حديثه عن الخطّ في الإمارات، استعرض الجلاف بدايات الخطّ وتكريسه في ما بعد، من خلال كتابة الشعراء والكتّاب نتاجهم الأدبي بأنفسهم بخطوط جميلة، معرّفاً بـ»الكرّاني» و»الكيتوب»، و»المطاوعة» و»الكتاتيب»، والمدارس الأهلية والنظاميّة، ووزارة التربية ومادة الخطّ العربي ضمن منهج العربية، وجريدة الاتحاد والخطاط محمد حمام، ووفود أوائل الخطاطين إلى الإمارات، ذاكراً نزار الدوري وعلي ندا الدوري متحدثاً عن تجربته الشخصيّة في هذا المجال.
وذكر الجلاف العناية المؤسسية من خلال جمعية الإمارات للفنون التشكيلية وجماعة الخط العربي- مجلة الخطاط، ودائرة الثقافة والإعلام بالشارقة- إدارة الفنون، وندوة الثقافة والعلوم بدبي- مجلة حروف عربية، والمجمع الثقافي بأبو ظبي، ودائرة السياحة بدبي سابقاً وهيئة الثقافة والفنون بدبي حالياً»معرض دبي الدولي للخطّ العربي»، والقطاع الخاص- دور عرض مهتمة بفنّ الخط، وجمعية الإمارات لفن الخطّ العربي والزخرفة الإسلاميّة.
وتوقّف الجلاف، في موضوع حديثه عن داعمي الخطّ العربي في الإمارات، عند دائرة الثقافة والإعلام في إمارة الشارقة، في الحمريّة، والذيد، وخورفكان، وكلباء، ودبا الحصن، متحدثاً عن مشروع «كتاتيب»، وساحة الخطّ بالشارقة، وجمعيّة الإمارات لفن الخطّ، ومركز الشارقة لتعليم الخطّ، ومتحف الخطّ وبيوت الخطاطين.
وقال إنّ لسموّ حاكم الشارقة الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي أيادي بيضاء في رعاية سموّه، وفي تخصيص متحف لفنّ الخطّ، وإدارة معهد لتعليم فنّ الخطّ العربيّ، وتنظيم ملتقى الشارقة الدولي لفنّ الخطّ العربي»بينالي متخصص للخطّ العربي»، وتنظيم معرض المرئي والمسموع ومعرض مداد الوطن ضمن مهرجان الفنون الإسلاميّة سنوياً، والمشاركة بالأعمال المنتقاة في المعارض الدولية خارج الدولة.
وفي استعراضه شخصيات مهتمة بالخطّ العربي، ذكر الجلاف حميد بن سلطان الشامسي، والشاعر مبارك العقيلي، والشيخ أحمد محمد الحميدي، كما عرض صوراً لرعايات حاكم الشارقة القاسمي وتشجيعه لكلّ الجهود المؤسسية في هذا المجال، منتقلاً للحديث عن متحف الخطّ، ووزارة الثقافة والشباب وتنمية المعرفة، ومسابقة كتابة المصحف الشريف.
كما عرض لـ»ندوة الثقافة والعلوم»، وهي مؤسسة أهلية تُعنى بالثقافة والعلوم والفنون، وتصدر عنها المجلة الوحيدة التي تعنى بالخطّ العربي حول العالم وهي مجلة «حروف عربيّة»، وبيّن أنّ «الندوة» ترعى العديد من الفعاليات والأنشطة التي تهتمّ بالخطوط والفنون الإسلاميّة، ومعرض بيت القصيد لأشعار صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم ومعرض القدس «حروف في القلب»، واحتضان ندوات الخطّ ومعارضه في إمارة دبي، عارضاً لرعايات مصوّرة لآل مكتوم في هذا المجال، في معرض دبي الدولي لفنّ الخطّ العربي.
وتحت عنوان» مشاهد بحاجة إلى إعادة نظر» تحدّث الجلاف عن مواضيع إهمال التعليم المدرسيّ لهذا الفنّ، وازدواجيّة المسؤولين وتبعثر الجهود، وعدم الاعتراف بالخطّ العربيّ ضمن مناهج الفنون في كليّات الفنون، وعدم توفر مراكز لتعليم هذا الفنّ في الإمارات، وعدم الجديّة في التعلّم والاستمراريّة، والجهل بأهميّة هذا الفنّ وعدم اعتباره فنّاً قوميّاً، وضعف الإقبال على هذا الفنّ وبالتحديد من قبل الذكور.
وعن نظريته المستقبلية، دعا الجلاف إلى عودة فنّ الخطّ لمناهج التعليم ضمن مادة الفنون وليس ضمن منهج اللغة العربيّة، والاهتمام الإعلامي بهذا الفنّ كفنّ له علاقة بهويّة العرب والمسلمين، وإضافة تخصص الخطّ العربيّ ضمن مناهج كليات الفنون، وإنشاء مراكز لتعليم الخطّ في إمارات الدولة كافة، وإنشاء متحف وطني لفنّ الخطّ العربي، وإقامة مسابقات للخطاطين الإماراتيين واقتناء الأعمال الفائزة، وتشجيع التخصص العلمي العالي في هذا الفنّ من قبل وزارة التعليم العالي وتخصيصها عدداً من المنح للراغبين.
وكان قدّم رئيس رابطة التشكيليين نشوان الضيف الجلاف فناناً مخلصاً لفن الخطّ العربيّ، ومهتماً بالذاكرة الجميلة التي تمثّل روح الأمّة وأصولها وانتسابها وصفاتها، مشيداً بدور السفارة الإماراتية في الأردن وجهود السفير طلال البدور في اهتمامه الفعل الثقافي وحضوره الدائم في الفعاليات والأنشطة الفنيّة والأدبيّة، معتبراً الأمسية التي هي استهلال سنة 2017 في نشاطات الرابطة أمسيةً لها مذاقها الخاص في أنّ الضيف هو إماراتي ويحمل فكر الدولة وجهودها المؤسسية، مثلما تؤكّد رعاية السفير البدور قيمة التشاركيّة بين رابطة التشكيليين والهيئات الإماراتيّة والسفارة لمزيد من التعاون والإنجاز. وقال نشوان إنّ على هذا الجيل أن يعي أهميّة الخطّ العربيّ والنقوش الصارخة بالتاريخ والجمال والعراقة، وهو ما تتبناه دولة الإمارات في اشتغالها الذكي على موضوعي الأصالة والمعاصرة والانفتاح على كلّ ما هو جديد وتأكيد كلّ ما هو أصيل. وعرض نشوان لسيرة الجلاف الغنيّة في دراسته التخصصية في جامعات عالمية وكونه استشاريّ جودة في موضوع تخصصه، وشارك في معارض كثيرة محلية وعربية وعالمية وتأثّر بالخطاط العربي محمد حمام ويتقن عدداً من اللغات المهمّة، وله مقتنيات في متاحف أوروبيّة ونظّم العديد من الورش في مجال الخطّ، ملقياً الضوء على مجلة «حروف عربيّة» المجلّة العالمية الوحيدة في هذا المجال.
الجلاف، وفي سياق حديثه عن نشأته الإبداعيّة، كان تحدث بشكل موجز عن إرشاد عبدالقادر الريّس له، وتعلّمه على الخطاط نزار عبدالرحمن الدوري الذي لم تستمر فترة التدريب معه لظروف خارجة عن إرادته، وكذلك تقليده للخطاط محمد حمام الذي كان الخطاط الأول في الإمارات وكان كتب بخطّ يده كلمة الاتحاد- الصحيفة الإماراتيّة المعروفة، كما عرّج الجلاف على الظروف الصعبة التي اجتازها وتعلّم بالرغم منها الخطّ العربيّ في نشأته على تقليده «المانشيتات» الصحفيّة، وتنافذه على ما ينفعه ويوسّع من معارفه في ذها لافنّ العربيّ الأصيل.
وكان دار نقاش، تحدث فيها الحضور عن الخطّ العربيّ ورمزيّته، واحترام قدسيّته في نحوه وإملائه وقواعده، وحمله القيمة التشكيليّة، وأهميّة أن تفطن الدول والمؤسسات إلى الروح القوميّة المتضمّنة فيه، فيما حمل معرض الخطّ العربي آياتٍ وأحاديث شريفة وأقوالاً فلسفيّة وأشعاراً إنسانيّة وحكماً وأمثالاً وتعابير مأثورة، كُتبت بأكثر من نوع جذبت حضورها الذي تعلّق بما يمكن أن يضفيه هذا الفن من قيمة جمالية وفي الوقت ذاته يحمل معرفةً وثقافة للنشء الجديد، وفي السياق علّق عضو الهيئة الإدارية للرابطة الفنان كمال أبو حلاوة على ذلك بأهميّة أن تُعيد وزارة التربية والتعليم كراسة الخطّ العربي في المدارس وأن تهتم المؤسسات الثقافية الحكومية والخاصة بتسويق نتاج الفنانين وترويجها باقتنائها وحفزها المبدع الأردني على المزيد من العطاء، خصوصاً وأنّ اشتغالاً على المنمنمات والحروفية والتكوين تؤهّل الخطاط المحلي لمزيد من المعارض العربية والعالمية.