عروبة الإخباري – اعتبر خبراء واقتصاديون الاجراءات الاقتصادية التي ستتخذها الحكومة “ضربة قاصمة” للطبقتين الوسطى والفقيرة.
وقال الخبراء إنّ الخطوات الحكومية المزمع تطبيقها لزيادة إيراداتها من شأنها أن تمس هاتين الطبقتين بشكل أساسي، داعين إلى اتخاذ اجراءات موازية تقلل من عبء هذه القرارات وآثارها السلبية.
وتشكل الطبقة الوسطى في المملكة حاليا 29 % من المجتمع، بحسب احصائيات تعود الى العام 2010، فيما تشكل الطبقة الفقيرة 14.4 % لذات الفترة؛ حيث كان خط الفقرالمطلق قدر بـ813.7 دينار سنويا للفرد (68 دينارا شهريا).
ويرى الخبير الاقتصادي، زيان زوانة، أنّ المستهدف الرئيسي من مثل هذه القرارات هما الطبقتان الفقيرة والمتوسطة لأن “الغنية” قادرة على تحمل رفع أسعار المحروقات وغيرها.
ويؤكد زوانة أنّ أي عملية اصلاح بدون الطبقة الوسطى لن تطبق، فلا يمكن بناء ديمقراطية دون الطبقة الوسطى، قائلا إن “هذه القرارات فيها إنهاك كامل للطبقتين الوسطى والفقيرة، وبالتالي كل عملية الاصلاح ستتعرض للخطر”.
ويشير زوانة الى أن “الحكومة تعتقد أن الشعب جاهل” دون أن تعي أنه ليس كذلك واصبح واعيا لكل ما تقوم به”.
وقال إن الحكومة تعيش حالة إنكار وجهل وتبيع وهم “وتتذاكى” على المواطن والسلطة التشريعية.
وألمح إلى أن التحالف بين السلطة التنفيذية والتشريعية “لم يعد مقبولا”.
وتساءل زوانة “مَن مِن الحكومات في السنوات الأخيرة قدمت برنامجا إصلاحيا اقتصاديا؟”، مشيرا الى أنّ كل ما كانت تطبقه هذه الحكومات هو رفع للأسعار والضرائب بعيدا عما كانت تحتويه كتب التكليف السامية التي طالبت دائما بضرورة مواجهة التحديات الاقتصادية”.
وأكد بأن كل ما تقوم به الحكومات بات “استنزافا لثقة المواطن بمؤسسات الدولة” وأن “الحكومة فقدت مصداقيتها”.
الخبير الاقتصاي، الدكتور مازن مرجي، أشار الى أنّ هذه القرارات تعتبر “عبئا ثقيلا يقع على كاهل المواطنين وتحديدا الطبقة الوسطى والفقيرة والتي غالبية استهلاكها تقع ضمن السلع الأساسية التي ستطالها ارتفاعات في الأسعار”.
وقال إنّ هذه القرارات ذات آثار مضاعفة للأثر الاقتصادي وسيكون أثرها الإيجابي لصالح كبار التجار، مشيرا الى انّ هذه الرسوم والضرائب تنعكس على المواطن عند استهلاك السلع، وبالتالي هذا سيؤدي مع الوقت الى انخفاض الاستهلاك بسبب انخفاض القدرة الشرائية لهذه الطبقات، وبالتالي انخفاض الطلب الكلي، خصوصا أنها تشكل النسبة الأكبر من الاستهلاك.
وأضاف أنه من الآثار المضاعفة أيضا رفع الاسعار من قبل التجار بنسب غير مبررة.
كما تؤثر على المواطن وبعض الصناعات التي تعتمد على النقل بشكل كبير، خصوصا أن “المحروقات سلعة ارتكازية”.
ودعا مرجي إلى ضرورة إيجاد “شبكة أمان اجتماعي شاملة وكاملة وحقيقية” تتزامن مع تطبيق مثل هذه القرارات؛ حيث أن “الحكومة مسؤولة عن معالجة ما ينتج عن هذه القرارات”.
وأضاف أنّ هذه الشبكة لا بدّ أن تتضمن رفعا في رواتب وأجور العاملين، وخصوصا المتقاعدين العسكريين لتتناسب مع خط الفقر، كما لا بدّ من إيجاد تأمين ضد البطالة.
وقال مرجي إنّ “كل ما يتبع من الحكومة هو سياسات إحباطية، داعيا إلى ضرورة تغيير هذه السياسات وإقالة الحكومة وتكليف حكومة قادرة على “مواجهة التحديات والمشكلات الاقتصادية”.
أستاذ الاقتصاد في جامعة اليرموك، الدكتور قاسم الحموري، أشار إلى أنّ القرارات ان اتخذت فإنها ستزيد الأمر سوءا وستؤدي الى اضمحلال الطبقة الوسطى وازدياد حجم الطبقة الفقيرة، خصوصا أن جزءا كبيرا من الطبقة الوسطى هو ضمن الطبقة الوسطى الدنيا وهي ستنزلق حتما الى الفقيرة مع ارتفاع تكاليف المعيشة.
وأضاف أنّ هذه القرارات ستخلق إحباطا واحتقانا كبيرين لدى هاتين الطبقتين، خصوصا “مع عدم وجود تبرير حكومي كاف لهذه القرارات”.
واتفق الحموري مع زوانة حول ثقة المواطن بالحكومة قائلا إن”المواطن لديه قناعة أن هناك طرقا بديلة لتأمين العجز مثل “التهرب الضريبي” و”ترشيد الاستهلاك” و”الإيرادات غير الضريبية”.
يشار هنا الى أنّ البنك الدولي كان أشار في تقرير سابق له أنّ ثلث سكان المملكة عاش دون خط الفقر، أقّله خلال ربع واحد من أرباع السنة. بمعنى آخر، 18.6 % من مجموع السكان الذين لا يُصنّفون كفقراء بحسب تقديرات الفقر السنوية، لكنّهم اختبروا الفقر خلال فترات معيّنة وهذا ما يسمى بـ “الفقر العابر”، حيث أن هؤلاء هم أصلا منتمون إلى الطبقة الوسطى، لكنهم ينزلقون الى الفقيرة خلال فترات من السنة.