قبل أن يتولى رسميا دفة القيادة في أميركا، خاض الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب أولى معاركه الدبلوماسية على المسرح الدولي دفاعا عن إسرائيل.
لكن مجموعة أخرى من الأعضاء غير الدائمين في مجلس الأمن الدولي حملت المشروع من جديد، وطرحته للتصويت بعد أن تخلت عنه مصر، فنال القرار موافقة جميع الدول باستثناء الولايات المتحدة التي امتنعت عن التصويت، لتسمح بمرور القرار.
كانت تلك صفعة موجهة من الرئيس المنتهية ولايته باراك أوباما لحكومة بنيامين نتنياهو، تلقاها الأخير بفزع، ورد عليها بثورة اتهامات وشتائم للأمم المتحدة وللرئيس أوباما.
وسانده في حملة الشتائم دونالد ترامب شخصيا، الذي عبر عن غضبه من القرار، وتوعد بتغيير قواعد اللعبة بعد توليه مقاليد الرئاسة رسميا في العشرين من الشهر المقبل.
بدا موقف ترامب المؤيد لحكومة اليمين في إسرائيل ضد قرار مجلس الأمن، رسالة مبكرة لما ستكون عليه مواقف إدارته حيال الصراع العربي الإسرائيلي.
وتوالت الرسائل قبل وبعد قرار مجلس الأمن، لتدعم التوقعات بأن عهد ترامب سيكون وبالا على قضية الشعب الفلسطيني. فقد أعلن ترامب قبل ذلك بقليل عن تعيين ديفيد فريدمان سفيرا لبلاده في إسرائيل. وفريدمان محام معروف بعدائه الشديد للفلسطينيين، ومن أشد المؤيدين لليمين الإسرائيلي، ومن الداعمين للاستيطان في الضفة الغربية. هو، باختصار، صهيوني حتى النخاع.
ولم يتوانَ ترامب عن تعيين أحد أكثر اليهود تطرفا في واشنطن مبعوثا له إلى الشرق الأوسط. وهذا اليميني المتعجرف والمنحاز للعصابات الصهيونية المتطرفة، مكلف بإدارة مفاوضات السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين!
يقال إن الرسالة تُقرأ من عنوانها، والعناوين التي اختارها ترامب للملف الفلسطيني الإسرائيلي، تكفي لتوقّع مضمون الرسائل التي ستحملها إدارته في هذا الملف؛ إدارة منحازة لليمين الصهيوني ومعادية للفلسطينيين، ستكرس جلّ وقتها وجهدها لتكريس الواقع غير الشرعي في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وبعد تولي ترامب رسميا سلطاته الشهر المقبل، يترقب الكثيرون في العالم العربي قراره فيما يخص نقل السفارة الأميركية إلى القدس المحتلة. وهو القرار الذي امتنع عن تطبيقه جميع من سبقه من الرؤساء الأميركيين.
ولا يحتاج تنفيذ هذا الوعد الذي التزم به ترامب إلى خطوات كثيرة. فهناك موافقة من الكونغرس محفوظة في الأدراج، وكل ستة أشهر يقوم الرئيس الأميركي بتأجيل المهلة. وإذا ما حان الموعد ولم يوقع ترامب على قرار التأجيل، يكون ذلك بمثابة موافقة على نقل السفارة فورا للقدس المحتلة.
خطوة كهذه تعني اعترافا أميركيا بأن القدس عاصمة لدولة الاحتلال، وانتهاكا صريحا لقرارات مجلس الأمن.
إذن، نحن أمام مخاطر جدية تتهدد القضية الفلسطينية في المرحلة المقبلة، تتطلب من الدول العربية الاستعداد لمواجهتها سريعا. ولعل القمة العربية المقبلة في عمان أواخر آذار (مارس) المقبل، مناسبة فريدة لمقاربة الموقف، والتحرك لدرء المخاطر قدر المستطاع.
لكن في ظل الحالة العربية الراهنة، تبدو التوقعات في هذا الشأن متواضعة، فيما الوقائع تفيد أن الفترة المقبلة من رئاسة ترامب تضع القضية الفلسطينية في عين العاصفة.